عرض خريطة طمس فيها الضفة الغربية.. ما هي رسائل بنيامين نتنياهو؟
ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحافي شارحًا خريطة حائطية تتضمن إسرائيل دون أي ظهور للضفة الغربية المحتلة، فيما برز قطاع غزة كمنطقة صراع واشتباك تعمل تل أبيب على التعامل معها.
وجدد نتنياهو رفضه الخروج من محور فيلادلفيا، مؤكدًا ما وصفه بالأهمية الأمنية لسيطرة الجيش الإسرائيلي عليه، حيث تزامن هذا مع أكبر عملية تشنها إسرائيل في الضفة الغربية منذ عام 2002.
إذًا هو نفي للوجود الفلسطيني عن طريق تهجيره من أرضه، فالخريطة التي يعتمدها نتنياهو تكشف حقيقة أجندات حكومة اليمين المتطرف، بحسب بيان الخارجية الفلسطينية، الذي طالب بتحرك دولي عاجل لحماية حل الدولتين.
وتتزامن هذه المطالبات مع سقوط شهداء في طولكرم وجنين، واقتحامات واسعة لقرى ومناطق مختلفة من الضفة الغربية.
وهذا مشهد يؤكد ما ذهبت إليه صحيفة "يسرائيل هيوم" التي قالت إن تل أبيب باتت تصنف الضفة الغربية منطقة قتال والجبهة الثانية الأكثر أهمية مباشرة بعد قطاع غزة.
من جهتها، دعت حركة حماس إلى مواصلة المقاومة في الضفة، فيما طالبت حركة الجهاد الإسلامي السلطة الفلسطينية "بمراجعة مواقفها قبل أن تخسر ما تبقى من وهم سيادة على مناطق مستباحة" وفق البيان الرسمي، الذي أكد أن حكومة نتنياهو واهمة إذا ظنت أنها تستطيع تمرير مخطط بسط سيطرتها على الضفة المحتلة وضمها إلى إسرائيل.
من ناحيته، قال المفوض العام للأونروا فيليبي لازاريني، إن العملية الإسرائيلية في الضفة خلفت ضحايًا مدنيين ودمارًا كبيرًا وأضرارًا جسيمة في البنية التحتية، فيما رفضت الخارجية الأردنية المحاولات العبثية الإسرائيلية لتبرير العدوان على غزة والضفة الغربية وفق بيان رسمي دعا إلى فرض حظر كامل على توريد الأسلحة لإسرائيل.
كيف قرأت السلطة الفلسطينية رسائل نتنياهو؟
وفي هذا الإطار، اعتبر مساعد وزير الخارجية الفلسطيني السفير عمر عوض الله، أن ما قام به نتنياهو بعرضه للخارطة ليس غريبًا عن هذه الحكومة الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الخارجية الفلسطينية أكدت في بيانها الأخير أن هذه الخطوة هي جزء من البرنامج الحكومي الذي أسس لما وصفها بالحكومة الإسرائيلية الفاشية.
وفي حديث للتلفزيون العربي من رام الله وسط الضفة الغربية، أشار عوض الله إلى أن لُب برنامج الحكومة الإسرائيلية قائم على تهجير الشعب الفلسطيني قسرًا أو إبادته بشكل جماعي، لافتًا إلى أن هذا ما يحدث منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وحتى الآن.
وفيما لفت إلى أن الخارطة التي وضعها نتنياهو ليست جديدة، ذكر عوض الله أن هذا الأخير كان قد رفعها في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام تقريبًا، وتحدث حينها بكل وضوح عن مستقبل المنطقة أمام المجتمع الدولي، موضحًا أنه لم يتجاهل فقط الجانب الفلسطيني، بل تجاهل أيضًا الإقليم بشكل عام.
وأردف عوض الله أن بقاء نتنياهو في الحكم، يرتكز على الحرب، لذلك هو لم يستطع أن يوسعها خارج حدود فلسطين التاريخية، لذلك هو يحاول أن يمتد بإجرامه الذي زادت حدته.
المقاومة الشعبية السلمية
واعتبر أن الحديث عن استمرار التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل هي معلومات مغلوطة، نافيًا وجود أي تعاون بين الجانبين، وأكد أن هناك اشتباكًا كاملًا وهجومًا على إسرائيل في المحفل الدولي.
عوض الله أوضح أن الموقف القيادي الفلسطيني يتحدث عن مواجهة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي بالمقاومة الشعبية السلمية، معربًا عن اعتقاده أن ما تحاول تل أبيب القيام به هو جر الفلسطيني إلى اشتباك مسلح إلى المربع الأقوى في إسرائيل من أجل أن تنهي مشروعها بشكل كبير بتهجير الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن هناك مواجهة واشتباكًا قانونيًا مع إسرائيل أوصلها إلى أن يتم نعتها بأنها قوة احتلال غير شرعي يجب أن ينتهي فورًا.
وأضاف عوض الله أن هذا الأمر هو نتاج لصمود الشعب الفلسطيني وللحراك القانوني والديبلوماسي الذي تقوده الشرعية الفلسطينية برئاسة منظمة التحرير الفلسطينية.
وأوضح أن الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية الآن هو حماية المشروع الوطني، وحماية الشعب الفلسطيني، ووجوده على الأرض وتعزيز صموده، من خلال تشكيل جبهة دولية رافضة للاحتلال ولسياساته ولوجوده.
وخلص عوض الله إلى أن الوقت الآن هو وقت الوحدة الوطنية، ووقت المواجهة الشاملة مع الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي على كافة الصعد، كي لا يتم تنفيذ المشروع الإسرائيلي الذي يريد أن يرحل جميع الشعب الفلسطيني.
ما هو موقف الأردن؟
من جهته، لفت نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق جواد العناني إلى أن نتنياهو يتمسك بمواقف يعلم أنها ستخدم أغراضه، ولن تخدم عملية السلام، مشيرًا إلى أن آخر ما يفكر فيه هو عملية السلام أو الالتزام حتى بالمعاهدات التي تم توقيعها.
وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة الأردنية عمّان، أوضح العناني أن هناك بنودًا واضحة بأن إسرائيل لا تستطيع أن تحتل الضفة الغربية، ولا تستطيع أن تضمها، لافتًا إلى أن تل أبيب تستفيد من غياب ردع عسكري داخل الضفة الغربية لتمرر أهدافها.
وأعرب عن اعتقاده أن إسرائيل تبالغ جدًا في طموحاتها، وأن نتنياهو يعلم أن قضية الاستيلاء على الضفة الغربية وعملية إخراج سكانها ليست بالعملية السهلة، مشيرًا إلى أن نتنياهو يهرب إلى المزاودات كلما ازدادت عليه الضغوط في الشارع.
وأكد العناني أن الموقف الأردني واضح جدًا بأن معادلة السلام تقول إن ترسيم الحدود بين الأردن وفلسطين يتم بينهما، وإسرائيل ليس لها علاقة في هذا الموضوع، مضيفًا أنه يجب أن يمتنع كل طرف عن اتخاذ أي إجراءات تضر بأمن الدولة الأخرى.
واعتبر أن ما يجري في الضفة الغربية يمس المصالح الأردنية الإستراتيجية الأساسية ويمس الاتفاقات التي تم التوافق عليها.
وقال العناني: "إذا كان نتنياهو يريد أن يقول بأنه لا يعترف بهذه الاتفاقيات، فأنا أعتقد أن الأردن سيعتبر هذا عملًا عدوانيًا وبمثابة إعلان حرب على الأردن، وأن الأردن أمامه كل الفرص لكي يرد على هذا الاعتداء"، وفق قوله.
ما هو الموقف الأميركي؟
من ناحيته، أعرب المستشار السياسي في الحزب الديمقراطي الأميركي كريس ليبتينا، أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية، فإنه سيشد على يد نتنياهو وخططه التي وصفها بالشريرة الخالية من السلام ومن توفير الحرية للفلسطينيين.
وأضاف في حديث للتلفزيون العربي من واشنطن أن المرشحة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس كانت قد تحدثت عن أهمية توفير الحرية للفلسطينيين.
وتابع ليبتينا أن هاريس وعطفًا على خطة الرئيس الأميركي جو بايدن، وعدت على الملأ بدعم الوصول إلى حل الدولتين، وهي تقول إنها سوف تمارس ضغوطات على إسرائيل إذا ما استلمت سدة الحكم.
وذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن ندد وعلى الملأ بالهجمات التي تعرض لها الفلسطينيون من قبل المستوطنين المجرمين القتلة، كما أرغمت واشنطن إسرائيل على الاعتراف بأن هناك أعمالًا إجرامية من قبل المستوطنين تعرض لها الفلسطينيون.
وتحدث ليبتينا عن الحاجة إلى قيادة جديدة في الضفة الغربية لإدارة السلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن هذا ما سيسهل الأمور سياسيًا ودبلوماسيًا من أجل حل الدولتين.