دعا مجلس الأمن الدولي مساء أمس الجمعة طرفي الصراع في السودان إلى وقف الأعمال القتالية، في ظل استمرار المعارك في العاصمة الخرطوم، بعد انهيار محادثات استهدفت الحفاظ على وقف إطلاق النار، وتخفيف أزمة إنسانية.
وجاء في بيان صحفي وافق عليه المجلس المكون من 15 عضوًا في نيويورك، أن المجلس يعبر عن "القلق البالغ" إزاء الاشتباكات، وأدان جميع الهجمات على المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية.
وذكر البيان أن المجلس "شدد على ضرورة قيام الجانبين بوقف الأعمال القتالية على الفور وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووضع ترتيب دائم لوقف إطلاق النار، واستئناف العملية نحو التوصل إلى تسوية سياسية دائمة وشاملة وديمقراطية في السودان".
وقال البيان: إن المجلس وافق أيضًا على "تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان، ولكن لمدة ستة أشهر فقط".
تجدّد الاشتباكات في #السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد تعليق مفاوضات جدة#العربي_اليوم تقرير: ساهر عريبي pic.twitter.com/ihivSOzi86
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 3, 2023
وتشهد الخرطوم ومناطق أخرى في السودان معارك عنيفة منذ 15 أبريل/ نيسان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وأودت المعارك بأكثر من 1800 شخص، بحسب موقع مشروع النزاع المسلح وبيانات الأحداث، فيما تفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 1,2 مليون شخص نزحوا داخليًا، وأكثر من نصف مليون شخص إلى الخارج.
وتوصل الجانبان إلى أكثر من اتفاق تهدئة كان آخرها خلال مباحثات في مدينة جدة بوساطة سعودية-أميركية. لكن الهدنة سرعان ما كانت تنهار في كل مرة، وتتجدد الاشتباكات خصوصًا في الخرطوم وإقليم دارفور غربي البلاد.
مبادرة قطرية مصرية لدعم الشعب السوداني
وعلى صعيد متصل، أفاد الديوان الأميري القطري بأن أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شددا على ضرورة مراعاة الجوانب الإنسانية، وتسهيل انسياب المساعدات للمتأثرين بالقتال الدائر في السودان.
وأوضح الديوان الأميري في بيان أن الجانبين اتفقا خلال اتصال هاتفي بينهما على تكثيف التنسيق المشترك، لتقديم الدعم والمساعدة للشعب السوداني، والتخفيف من آثار الأزمة، خاصة على اللاجئين السودانيين.
ولفت البيان إلى أن الجانبين اتفقا أيضًا على أن تشرع اللجان المعنية في الدولتين في وضع الآليات، والخطط التنفيذية لضمان وصول الدعم إلى الشعب السوداني.
سمو الأمير المفدى يتلقى اتصالا هاتفيا من أخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة.https://t.co/MHuI0tBwy0
— الديوان الأميري (@AmiriDiwan) June 2, 2023
وفي هذا الإطار، يوضح خبير العلاقات الدولية أيمن سمير، أن الاتصال الذي جرى بين أمير قطر والرئيس السيسي، يأتي في إطار زخم كبير جدًا في العلاقة المصرية القطرية، كما أنه يجيء ضمن توافق الرؤية المصرية القطرية لحل الأزمة الحالية في السودان، مشيرًا إلى أن هناك تنسيقًا كبيرًا جدًا، وعلى أعلى مستوى لحل كافة القضايا في المنطقة.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة المصرية القاهرة، يضيف سمير أن هذا الزخم في العلاقة يوفر أرضية مشتركة لإطلاق البلدين مبادرة جديدة تتعلق بالجانب الإنساني في السودان، معربًا عن رأيه أن الدوحة والقاهرة لديهما رؤية واحدة لرسم خريطة طريق للحل السياسي في السودان.
ومن أولى خطوات خارطة الطريق التي اتفق عليها البلدان، حسب سمير، هو ضرورة وقف شامل وكامل لإطلاق النار، لأنه لا يمكن أن تنجح المفاوضات بشكل كبير في ظل لغة الرصاص، وبالتالي دعمت مصر وقطر كافة المبادرات التي تم طرحها سواء من دول الجوار أو من دول إقليمية أو من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي أو من الإيغاد، مؤكدًا أن كل هذه المبادرات وجدت دعمًا قويًا من الجانبين المصري والقطري.
ويتابع أن الدوحة والقاهرة تتفقان على أن المسار الإنساني يجب أن يحتل الأولوية في هذه الظروف، لأن كل المؤشرات تدل على أن الشعب السوداني بدأ يعاني من الأوضاع الإنسانية.
ويرى خبير العلاقات الدولية أيمن سمير أن المبادرة التي أعلن عنها بين أمير قطر والرئيس المصري، خلال الاتصال هاتفي سوف تشكل ممرًا إنسانيًا لوصول المساعدات إلى السودان لعدة أسباب، منها أن قطر لديها خبرة كبيرة جدًا في مجال العمل الإنساني في السودان، كما أن مصر قدمت أيضًا مساعدات كبيرة للشعب السوداني أثناء الكوارث الطبيعية وغيرها.
ويخلص إلى أن هذه المبادرة ستشكل نواة لعمل ليس فقط لمصر وقطر، لكن معهما أيضًا دول مجلس التعاون الخليجي، وربما تساعدهم الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، لأن الاحتياج في السودان في تقديره كبير جدًا، ويحتاج دعم كل هذه الجهود، مضيفًا أن إطلاق هذه المبادرة تعتبر طاقة نور جديدة للشعب السوداني واللاجئين.