حث العراق دول العالم على إعادة مواطنيها من مخيم الهول في سوريا، والذي يؤوي عشرات الآلاف من المرتبطين بتنظيم الدولة، معتبرًا أنه أصبح "مصدرًا للإرهاب".
ويشكل مخيم الهول، الذي سمي باسم بلدة قريبة من الحدود العراقية، جرحًا مفتوحًا خلفه الصراع السوري المستمر منذ 12 عامًا، ونقل إليه عشرات الآلاف من عناصر التنظيم وعائلاتهم بعد هزيمة تنظيم الدولة في سوريا في مارس/ آذار 2019.
الموقف العراقي جاء خلال اجتماع بحضور دولي في بغداد الإثنين، حيث ناقشت وزارة الخارجية العراقية ومستشارية الأمن القومي العراقي وممثلو منظمات رؤية العراق بشأن المخيم الذي يحوي عشرات الآلاف أغلبهم من النساء والأطفال.
ويعد الاجتماع محل اهتمام بعثة الاتحاد الأوروبي وسفراء دول لها رعايا في مخيم الهول، فبعد هزيمة تنظيم الدولة برزت الحاجة الملحة لإغلاق المخيم باعتباره مصلحة أمنية عليا لما يحمله من مخاطر على المجتمع.
وفي غير مناسبة، أطلق العراق دعوات لحث المجتمع الدولي على إغلاق المخيم، وسحب الرعايا الأجانب قبل تحوله إلى بؤرة اجتماعية خطرة.
وبرغم استجابة بعض الدول العربية للمطالبات، تشكو بغداد مما أسمته مماطلة أوروبية في إعادة مواطنيها.
وتؤكد بغداد أنها بادرت إلى توزيع المهام وتحديد المسؤوليات لمؤسسات حكومية، لتستمر في عمليات نقل وتأهيل وإدماج جميع الأسر العراقية القادمة من مخيم الهول، ضمن منهجية واضحة، ونقلت 10 دفعات من الأسر العراقية.
اجتماع دولي في #بغداد لبحث مصير مخيم الهول شمال شرقي #سوريا#العربي_اليوم #العراق تقرير: بهية مارديني pic.twitter.com/7eruD9TnMC
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 13, 2023
ولا يعتبَر مؤتمر بغداد الدولي الأول من نوعه، فقد سبق أن خرج مؤتمر مماثل العام الماضي، بتوصية تضمنت تأسيس مجموعة عمل بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة، وتفكيك مخيم الهول، وسحب الدول لرعاياها الموجودين في المخيم، ومحاكمة من يتهمون بالإرهاب في بلدانهم، وإعادة العائلات والأطفال من المخيم إلى مراكز التأهيل وصولًا إلى دمجهم بالمجتمع، وحتى الآن لا تزال مجرد بنود تحتاج إلى تطبيق فعلي.
تاريخ مخيم الهول
فهذا المخيم وصف بالقنبلة الموقوتة واعتبر الأسوأ في العالم، خاصة بشأن مصير سكانه في ظل رفض دول عدة إعادة مواطنيها، حتى بعد مرور أكثر من أربع سنوات على إعلان الولايات المتحدة هزيمة تنظيم الدولة في سوريا.
ويعود تاريخ إنشاء مخيم الهول إلى تسعينيات القرن الماضي، وتحديدًا عام 1991 من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على مشارف بلدة الهول شرقي سوريا، على مقربة من الحدود مع العراق، وكان الهدف منه استقبال آلاف النازحين واللاجئين العراقيين بعيد حرب الخليج الثانية، ثم أغلق بعد فترة قصيرة من انتهاء الحرب.
وأعيد فتحه عام 2003 بهدف استقبال النازحين من الغزو الأميركي للعراق، ثم أغلق مرة أخرى عام 2007.
وصف بـ "القنبلة الموقوتة".. بسطة عن مخيم الهول وتاريخ نشأته 👇#العربي_اليوم #سوريا pic.twitter.com/2gQBDnCcX0
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 13, 2023
وبعد ظهور تنظيم الدولة وسيطرته منذ عام 2014 على مساحة شاسعة من العراق وسوريا بما فيها بلدة الهول نفسها، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية بمساعدة التحالف الدولي ضد التنظيم من تحرير البلدة عام 2015، لتنشط حركة النزوح إلى المخيم مجددًا، خاصة من محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل شمالي العراق، ليكتظ بعشرات الآلاف من اللاجئين العراقيين والسوريين.
ويضم مخيم الهول أكثر من 55 ألف شخص، 90% منهم نساء وأطفال، بحسب بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، كما أن من بين سكان المخيم نحو 10 آلاف أجنبي.
وفي ظل هذا الوضع، طلبت الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا جميع الدول استعادة مواطنيها من هذا المخيم.
وفي هذا الصدد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع الدول الأعضاء التي لها رعايا في مخيم الهول وأماكن أخرى إلى أن تكثف جهودها لتيسير عودة مواطنيها في ظروف آمنة وكريمة إلى أوطانهم.
وأضاف غوتيريش أن ترك هذا الوضع العصي عن التبرير، يزيد الشعور بالاستياء واليأس ويفاقم المخاطر المحدقة بالأمن والاستقرار.
رؤية العراق حول مخيم الهول
وفي هذا الإطار، يوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، أن الاجتماع خلُص إلى طرح رؤية الحكومة العراقية حول مخيم الهول، إذ يشرف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على هذا الملف بالتحديد.
ويضيف في حديث إلى "العربي" من بغداد، أن وزارة الخارجية العراقية وعبر التنسيق مع جميع الشركاء والأصدقاء كانت قد أكدت في الاجتماع رؤيتها التي تمثل السياسة الخارجية العراقية، كما أشارت إلى أن استمرار الوضع ذاته في مخيم الهول سيفاقم عمليات التجنيد القسري، ويرفع مستوى التهديد للأمن القومي العراقي.
ويتابع الصحاف أن الجميع يشارك العراق أهمية تفهم هذا التحدي وانعكاساته على الأمن القومي العراقي، مشيرًا إلى أن الحكومة العراقية وعبر مستشارية الأمن القومي والجهات الوطنية القطاعية ذات الاختصاص مارست برامج في التمكين والإدماج وعمليات الدعم النفسي لإعادة إدماج الموجودين في مخيم الهول ضمن مجتمعاتهم المحلية.
ويخلص الصحاف إلى أن العراق يرى أن مخيم الهول يمثل تهديدًا كبيرًا لأمنه واستقراره، فيما تستمر الحكومة العراقية بدعم برامج الإدماج والتمكين بهدف ممارسة المعايير الإنسانية واستعادة كافة الرعايا العراقيين من هذا المخيم.