تسود أوضاع متوترة في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية المحتلة، تزامنًا مع حديث في تل أبيب عن تطورات حاسمة في محادثات وقف النار وتبادل الأسرى في العاصمة القطرية الدوحة.
ووفقًا لإذاعة الجيش فقد بقي جزء من طاقم التفاوض الإسرائيلي لمواصلة المناقشات فيما غادر الوفد الرئيسي بعد تحقيق تقدم ببعض النقاط غير المرتبطة بممر فيلادلفيا بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
وتم استثناء محور فيلادلفيا من خطة التفاوض إسرائيليًا نظرًا لأن المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية صادق بأغلبية واسعة على بقاء جيش الاحتلال في المحور الحدودي بين غزة ومصر، وفق إعلام عبري.
وتلك خطوة يرى بعض الوزراء الإسرائيليين أنها قد تساهم في تقريب الصفقة النهائية مع حماس وإجبارها على تقديم تنازلات إضافية وفقًا لهيئة البث الإسرائيلية رغم تحذير إذاعة الجيش من أن هذا القرار قد يؤدي إلى إنهاء المفاوضات بشكل كامل.
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى أن بقاء الجيش في ممر فيلادلفيا يعد أمرًا ضروريًا لضبط ما وصفه بتهريب الأسلحة إلى غزة، مؤكدًا عزم تل أبيب الاحتفاظ بالسيطرة على هذه المنطقة الإستراتيجية.
لكن هذا القرار عارضه وزير الأمن يوآف غالانت، ومعه المؤسسة الأمنية التي ترى أن التواجد في فيلادلفيا ليس بتلك القيمة التي يروج لها نتنياهو.
ونية إسرائيل تتزامن مع قرار عسكري بانسحاب الفرقة 98 من خانيونس ودير البلح في إطار إعادة التموضع والانتشار في مناطق سبق لجيش الاحتلال الاشتباك والمناورة فيها، في الوقت الذي يمارس الاحتلال قتلًا وتنكيلًا في حي الزيتون والمغازي وغيرها من مناطق القطاع.
وتأتي هذه التطورات الميدانية بعد أيام قليلة من استحداث الجيش الإسرائيلي لمنصب جديد تحت مسمى ضابط التعامل مع القضايا اللوجستية اليومية في قطاع غزة مع تجنب تسمية "الحاكم العسكري".
وهذا يعني وفق قراءات مختلفة اتجاها إسرائيليا لإدامة الاحتلال والتأسيس لمرحلة طويلة المدى للبقاء في قطاع غزة.
من جهتها، قالت حركة حماس إن نتنياهو يضع عقبة جديدة في طريق المفاوضات عبر إبقاء الجيش في فيلادلفيا، واضعة خيار المقاومة الشاملة في الأراضي الفلسطينية كخيار أساسي.
دوافع سياسية لدى نتنياهو
وفي هذا الإطار، يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن استثناء محور فيلادلفيا والإصرار على بقائه ضمن السيطرة الإسرائيلية "يؤكد أن هناك دوافع سياسية لدى نتنياهو، حيث جرى فرض القرار على الكابينت الإسرائيلي.
وقال شلحت في حديث للتلفزيون العربي من عكا، إن "نتنياهو يستعمل ورقة المحور من أجل وضع العصي في دواليب المفاوضات بهدف منع الوصول إلى صفقة تبادل تسفر عن وقف إطلاق النار مما يؤدي إلى وقف الحرب على غزة".
وأشار إلى أن "هناك من يرى أن تعطيل الصفقة سيؤدي إلى استمرار الحرب، إذ يرى وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت أن التوصل لصفقة تبادل أسرى في الوقت الحالي يمكن أن يسهم بخفض التوتر الإقليمي".
ومضى يقول: "موقف غالانت يمثل المؤسسة الأمنية التي يمكنها فرضه على نتنياهو، لكن الأنظار تتجه نحو واشنطن التي ستقدم نقطة حل وسط بشأن محور فلادليفيا".
واعتبر شلحت، أنه "من الواضح أن دور الولايات المتحدة محوري في المفاوضات وبوسعها فرض وقف لإطلاق النار على إسرائيل".
"تأسيس محور جديد"
بدوره، اعتبر حسام الدجني الأكاديمي والباحث السياسي الفلسطيني، أن "هناك تطابقًا في الموقف الفلسطيني والمصري بشأن محور فلادلفيا والانسحاب الإسرائيلي منه".
ورأى في حديث للتلفزيون العربي من القاهرة، أن "المقاومة تدرك أن إسرائيل تفرض سياسة أمر واقع وربما تقوم في تأسيس محور جديد في خانيونس".
لذلك فإن "تصويت غالانت يعبر عن المؤسسة الأمنية وهذا ما يؤكد على وجود انقسام بين الأخيرة والمؤسسة السياسية"، وفق الدجني.
ولفت الدجني، إلى أن نتنياهو يحاول فرض أوراق جديدة في العملية التفاوضية، عبر تعيين ضابط التعامل مع القضايا اللوجستية اليومية في قطاع غزة، ولا سيما مع فشل إسرائيل في تعيين أحد من العشائر ورفض عودة السلطة الفلسطينية.
مقاربة أميركية جديدة
الأكاديمي ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق جيم تاونسيند اعتبر بدوره أن "مع ظهور عائق يتعلق بمحور فلادليفيا فإن واشنطن ستبحث عن حل وسط وبعض الخيارات التي تتوافق عليها بعض الأطراف"، لكنه لفت إلى أن نتنياهو يظهر وكأنه يريد عرقلة السلام.
وأضاف تاونسيند في حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أنه "خلال الأسابيع القادمة ستقدم الولايات المتحدة مقاربة جديدة بشأن محور فلادليفيا".
واستدرك قائلًا: "هناك ضغط أميركي ضد إسرائيل بشكل هادئ، وخاصة أن الولايات المتحدة تركز على وقف إطلاق النار في غزة".
وأشار تاونسيند، إلى أن "الوضع بلغ مرحلة يجب فيها على الولايات المتحدة أن تتخذ تدابير لوقف إطلاق النار في غزة وأن تلوي ذراع نتنياهو".