أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي أنه يسعى لتشكيل حكومة ميثاقية تعبّر عن جميع أطياف المجتمع اللبناني.
وفي أول مقابلة تلفزيونية بعد إعادة تكليفه بتشكيل الحكومة اليوم، قال ميقاتي لبرنامج "حديث خاص" عبر "العربي": إن أولويات الحكومة المقبلة ستكون معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وضبط تحويل الأموال إلى الخارج، أو ما يُعرف بـ"الكابيتل كونترول"، إضافة إلى ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل واستخراج النفط من شرق المتوسط.
وأكد أن لبنان "لا يريد الحرب، وكل ما نريده هو استخراج الغاز من شرق المتوسط".
وحصل رجل الأعمال اللبناني على أصوات 54 من أصل 128 نائبًا بمن فيهم حزب الله في المشاورات النيابية التي أجراها الرئيس ميشال عون لتكليف رئيس حكومة جديد بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/ أيار الماضي.
"حكومة عمل"
وإذ لفت إلى أن النسيج الطائفي لم يكن متوازنًا خلال مشاورات تكليفه اليوم، شدّد ميقاتي على أنه لن يقبل إلا أن تكون حكومته ميثاقية.
وأكد ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة حكومة عمل في ظل ضيق الوقت مع اقتراب الانتخابات الرئاسية مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
وشدّد على أنه إلى حين تشكيل حكومة جديدة، ستستمر حكومة تصريف الأعمال بتسيير أمورها، وهذا لا يعني أن لا تتطرّق إلى القضايا الوطنية الأساسية.
الاجتماعات البرلمانية تبدأ الإثنين
وفيما يسعى لبنان للحصول على تمويل دولي للعبور من الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه، كشف ميقاتي أنه سيبدأ الاجتماعات البرلمانية اعتبارًا من نهار الإثنين المقبل لإقرار الملفات المحقّة التي قدّمتها الحكومة الحالية للبرلمان لإقرارها وعلى رأسها الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي.
وشدد على ضرورة اتخاذ قرارات استباقية من أجل إتمام الاتفاق، من بينها مراقبة تحويل الأموال إلى الخارج أو ما يعرف بـ"الكابيتل كونترول"، ورفع السرية المصرفية من أجل ضمان مبلغ من أموال المودعين، وتحديد سعر الصرف الذي ستقوم بموجبه الدولة بجبي الضرائب.
"الإصلاح لا يتمّ بين ليلة وضحاها"
وأكد أن الإصلاح السياسي لا يُمكن أن يتمّ بين ليلة وضحاها، وأن الدولة لا تملك الموارد المالية لتعديل أجور رواتب القطاع العام في ظل ارتفاع الأسعار وانهيار قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.
لكنّه شدّد على أن حكومته ستعمل على منح الموظف اللبناني راتبًا يضمن له العيش الكريم، من أجل تحقيق التوازن بين نسبة التضخّم ورواتب الموظفين.
وحول موضوع الإصلاحات، أشار إلى أن الحكومة الحالية عيّنت كل الهيئات اللازمة من أجل تنفيذ قوانين مكافحة الفساد، حيث باتت بعض هذه القوانين قيد التطبيق، وبعضها يحتاج للوقت للتطبيق.
وعن العلاقة مع المكونات اللبنانية الأخرى، أكد رئيس الحكومة المكلّف أنه منفتح على جميع الأطراف والمذاهب والأحزاب اللبنانية من دون أي تحفّظ، لكنّه في الوقت نفسه، استغرب موقف رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، معتبرًا أن الأخير يفتعل مشكلة قبل أوانها، رغم عدم وجود أي اتصال أو لقاء بين الطرفين.
ترسيم الحدود
وحول ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل، كشف ميقاتي أن رئيس الجمهورية ميشال عون، قدّم بالتوافق معه ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري، للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين عرضًا وصفه ميقاتي بـ"المقبول جدًا"، مشيرًا إلى أن "حزب الله" يدعم قرار الحكومة اللبنانية في هذا الإطار، وأنه لم يكن سلبيًا تجاه المقترح الذي قُدّم للوسيط الأميركي.
وأوضح ميقاتي أنه "لا يمكننا التراجع عما قدّمناه، لأننا بحاجة إلى البدء بالتنقيب عن النفط والغاز، واستخراجه بأسرع وقت ممكن"، مشيرًا إلى أن لبنان بحاجة إلى الوساطة الأميركية التي ستؤدي للوصول إلى اتفاق الإطار في الأمم المتحدة
وقال: "لا نريد حربًا، ولا عنفًا، ولا عدم استقرار في المنطقة، وكل ما نريده هو استخراج الغاز".
وحول تصدير الغاز من مصر إلى لبنان، أكد ميقاتي أن القاهرة أكدت منذ البداية أنها لن تقدم على الأمر ما لم تحصل على التمويل مسبقًا، والتمويل مرتبط بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ملاحقة حسن مرعي وحسين عنيسي
وعن القرار الأخير الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والذي قضى بسجن عنصرين من حزب الله في ملف اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، قال ميقاتي: "أبلغت وزير العدل بملاحقة حسن مرعي وحسين عنيسي فور أن يتبلغ لبنان بقرار المحكمة".
وأكد التزام حكومته بالبروتوكول القضائي اللازم لتنفيذ قرار المحكمة الدولية.
وردًا على سؤال حول تصريحاته الأخيرة بشأن اللاجئين السوريين، شدّد رئيس الحكومة المكلف على أن موقف حكومته هو "موقف سيادي"، لكن لبنان الآن في أزمة، و بالتالي نحن "مضطرون لاتخاذ إجراءات بهذا الشأن".
وأشار إلى أن الوجود السوري الحالي في لبنان قد يدفع إلى تغير ديموغرافي في البلاد، ويجب اتخاذ قرارات في هذا الإطار تراعي القوانين الدولية.
وإذا رأى أن قرارات العفو الصادرة في سوريا تساعد على عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، كشف ميقاتي أن لبنان قد يضطر لترحيل كل لاجئ سوري لا يملك تصريح عمل أو إقامة رسمية، معتبرًا أنه "لا يمكن الانتظار حتى نهاية الأزمة لإعادة اللاجئين".
وحول الاجتماع المقرّر عقده الأسبوع المقبل في دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، أكد ميقاتي أن ما تقوم به السعودية "يصبّ في خير لبنان والسنّة فيه، وهي لا تقلّب أي طرف سنّي على آخر".