حذّرت السلطات الصحية من أن الأوكرانيين الذين حوصروا أو نزحوا بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا، يعانون من نقص في الأدوية لعلاج الأمراض المزمنة والإصابات، وأن خطر تفشي فيروس كوفيد-19 والحصبة والأمراض المعدية الأخرى آخذ في الارتفاع، بينما يعاني العديد من المواطنين من صدمة نفسية وعاطفية.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية أن المنظمات الصحية الدولية تسرّع من الإمدادات الطبية والأدوية إلى أوكرانيا، خاصة وأن المستشفيات أصبحت محاصرة في الحرب وتنتشر المعاناة الإنسانية.
ووصف مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، الظروف في أوكرانيا بأنها "أسوأ المسبّبات الممكنة لتضخيم وانتشار الأمراض المعدية".
وأكدت منظمة الصحة العالمية حدوث ما لا يقلّ عن 27 هجومًا على المنشآت الصحية والعاملين وسيارات الإسعاف في أوكرانيا حتى الآن، مما أسفر عن وفاة 12 شخصًا وإصابة 34 آخرين.
كما أفادت السلطات الأوكرانية بتعرّض مستشفى للولادة في مدينة ماريوبول لغارة جوية روسية أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أنه بسبب الحرب امتنع الموظفون في ألف عيادة ومستشفى على الخطوط الأمامية للحرب عن الذهاب لعملهم.
وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن "هذه الهجمات تحرم مجتمعات بأكملها من الرعاية الصحية"، مناشدًا السلطات الروسية السماح بتسليم المساعدات الإنسانية.
في المقابل، أكدت روسيا أن قواتها لا تستهدف المدنيين عمدًا.
خدمات طبية وإمدادات
وترسل العديد من المنظمات مجموعات طبية لعلاج ضحايا الهجمات العسكرية وغيرها من الإمدادات الطبية إلى المستشفيات والعيادات. كما يتبرع صانعو الأدوية بالمضادات الحيوية ومسكنات الألم والسكري وعلاجات فيروس كورونا والأدوية الأخرى، في الغالب من خلال منظمات الإغاثة.
كما تقدّم المنظمات خدمات الصحة العقلية للأشخاص الذين فرّوا إلى ملاجئ في أوكرانيا أو إلى البلدان المجاورة.
وقال تيدروس إن منظمة الصحة العالمية سلّمت 81 طنًا متريًا من الإمدادات الجراحية والطبية الأخرى إلى المرافق الصحية في أوكرانيا وتخطّط لإرسال المزيد، مضيفًا أن المنظمة تدعم أيضًا الرعاية الصحية في البلدان المجاورة للاجئين من أوكرانيا، الذين يبلغ عددهم الآن أكثر من مليونين ونصف المليون شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
من جهتها، أرسلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تضمّ حوالي 600 شخص يعملون في أوكرانيا، إمدادات طبية إلى ثلاثة مستشفيات في كييف، واثنين في ماريوبول.
ومع محاصرة القوات الروسية لماريوبول وتعرّضها للقصف، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها غير قادرة على إيصال المزيد من الإمدادات على الرغم من الاحتياجات الملحّة. وأبلغ السكان أعضاء اللجنة بأنهم يعانون من الجفاف، ولا يمكنهم الحصول على الطعام والماء.
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسون سترازيوسو: "نحن نتّجه نحو أسوأ السيناريوهات في ماريوبول".
خطر تفشّي الأمراض المعدية
وحذّر خبراء الصحة من أن الحرب تزيد من مخاطر تفشّي الأمراض المعدية. حتى قبل جائحة كورونا، كان هناك تردّد في أوكرانيا من استخدام اللقاحات، كما كانت معدلات التطعيم ضد شلل الأطفال والحصبة والأمراض الأخرى منخفضة، وفقًا للمعايير الدولية.
وأطلقت السلطات الصحية حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في بداية فبراير/ شباط الماضب لمكافحة تفشّي المرض الذي تمّ اكتشافه لأول مرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2021. لكن الحملة توقّفت الآن مع بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير.
وتوقّع مسؤولو منظمة الصحة العالمية ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الأسابيع المقبلة، مع نزوح الكثير من الأشخاص وتلقيح حوالي 34% فقط من سكان أوكرانيا.
كما أعرب بعض الأشخاص عن قلقهم من أن نزوح اللاجئين غير الملقحين قد يؤدي إلى تفاقم جائحة كوفيد-19 في أوروبا.
"تهديد مميت"
وأعرب خبراء الصحة عن قلقهم من أن عدم الحصول على العلاج سيؤدي إلى تفاقم الحالات المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسرطان.
وطالبت وزارة الصحة الأوكرانية مجموعات الإغاثة بإمدادات طبية بما في ذلك المضادات الحيوية ومناديل الشاش المعقمة والضمادات ومضادات الاكتئاب النفسي.
وقالت كارين كنودسن، الرئيسة التنفيذية لجمعية السرطان الأميركية: "إن إيقاف علاج الأمراض المزمنة مثل السكري أو تأخير بدء علاج السرطان يمكن أن يمثل تهديدًا مميتًا حقًا".
من جانبها، أوقفت منظمة "أطباء بلا حدود" معظم أعمالها في أوكرانيا، والتي شملت مكافحة السلّ المقاوم للأدوية وفيروس نقص المناعة البشرية. كما تتبرّع المنظمة بالإمدادات الطبية، وتُساعد المنشآت على معرفة كيفية إدارة الرعاية في حوادث الإصابات الجماعية.
وقالت كارلا ملكي، منسّقة الطوارئ في المنظمة إنه " من أجل المساعدة في أزمة اللاجئين المتفاقمة، تعمل أطباء بلا حدود على التواجد على الحدود الأوكرانية، حيث يعاني الناس من أزمات طبية حادة يمكن أن تنجم عن التعرّض للطقس البارد جدًا والتوتر والإرهاق أو فقدان العلاج.
بدوره، حذّر رامان هايليفيتش، المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة المشترك حول فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" في أوكرانيا، من أن مخزون أدوية فيروس نقص المناعة البشرية قد انخفض لأن شحنة كبيرة من الأدوية المضادة للفيروسات كان من المقرر وصولها في أوائل مارس/ آذار قد توقفت بسبب الهجوم الروسي.
ويقدّر برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز أن حوالي 260 ألف شخص يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية في أوكرانيا، منهم 150 ألفًا يتناولون الأدوية المضادة للفيروسات الرجعية.
وعادة ما يأخذ الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية مزيجًا من مضادات الفيروسات القهقرية يوميًا لقمع الفيروس.
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة أرسلت ما يكفي من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لمواصلة العلاج لأكثر من 100 ألف شخص تدعمهم من خلال خطة الرئيس الأميركي الطارئة للإغاثة من الإيدز.
بدوره، قدّر المنتدى الأوروبي للإعاقة أن هناك 2.7 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصّة محاصرين في أوكرانيا مع عائلاتهم، مؤكدًا أن فرصة فرارهم ضئيلة بسبب صعوبة الرحلة وطولها.
وحذر من نقص الأدوية التي يتناولها هؤلاء الأشخاص.