الجمعة 13 Sep / September 2024

وسط غياب روسيا.. ما هي فرص نجاح محادثات جدة بشأن الأزمة الأوكرانية؟

وسط غياب روسيا.. ما هي فرص نجاح محادثات جدة بشأن الأزمة الأوكرانية؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "للخبر بقية: تناقش فرص نحاج محادثات جدة بشأن الأزمة الأوكرانية (الصورة: غيتي/ أرشيف)
تأتي محادثات جدة في سياق الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها أطراف دولية عدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الأوكرانية.

انطلقت بعد ظهر السبت محادثات تستضيفها السعودية في مدينة جدة بشأن الأزمة الأوكرانية، بمشاركة نحو 30 دولة ليس من بينها روسيا.

ويأتي الاجتماع الذي يلتئم على مدى يومين، في سياق الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها أطراف دولية عدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، يوقف تداعياتها الأمنية والاقتصادية في العالم.

وأفاد بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء السعودية باستعداد المملكة لـ"القيام بمساعيها الحميدة، للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم".

وفي سياق متصل، قال دبلوماسيون مطلعون على المحادثات إن هدفها يكمن في إشراك مجموعة من الدول في نقاشات بشأن مسار السلام، لا سيما أعضاء كتلة "بريكس" التي تضم إضافة إلى روسيا كل من البرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا.

بدورها، علقت وزارة الخارجية الروسية على الاجتماع قائلة: إن "المجال مفتوح لمناقشة النتائج التي تصدر عن محادثات جدة".

وأضافت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، أن مثل هذه الاجتماعات من المحتمل ألا تكون هباء "إذا كانت ستساعد الغرب في إدراك أن خطة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تؤدي إلى طريق مسدود".

ويأتي تعليق الخارجية الروسية في ظل حديث سابق لموسكو عن عشرات المبادرات التي طرحت بشأن الأزمة الأوكرانية، دون أن تجد أي منها طريقها إلى دائرة للنقاش الجدي على الأقل.

ما هي أهداف محادثات جدة؟

وفي هذا الإطار، يوضح الكاتب والباحث في العلاقات الدولية مبارك آل عاتي، أن ما قد يعقد في جدة قد يعول عليه لخلق أجواء من شأنها أن تسهم في وضع خارطة طريق وتقريب وجهات النظر ووضع الآليات والبنود التي من شأنها أن يبنى عليها خطط سلام.

وفي حديث لـ"العربي" من الرياض، يضيف آل عاتي أن المجتمع الدولي والأصدقاء في روسيا وأوكرانيا يعولون على جهود السعودية لاستضافة المؤتمر الذي يعتبر امتدادًا لمؤتمر كوبنهاغن، والذي من شأنه أن يهيئ الأطراف ويسمح بخلق أجواء تساعد على وضع خارطة طريق من شأنها أيضًا أن تزاوج بين المبادرات التي قدمت سابقًا.

وبشأن الغياب الروسي عن المحادثات، يوضح آل عاتي، أن هذا الأمر ليس قسريًا أو إبعادًا لموسكو، بقدر ما هو تفاهمات جرت لأجل انعقاد هذه المؤتمر، وهو أمر يظهر ثقة الأصدقاء في روسيا بما تمثله السعودية من حياد إيجابي.

ويتابع أن الثقة التي توليها موسكو للدبلوماسية السعودية هي من يعوض الغياب الروسي، مشيرًا إلى أن الغرب يدرك أن الدبلوماسية السعودية تمكنت من اختراق حالة الجمود عبر الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان لكييف قبل أشهر في وقت اشتداد الضربات وتقديم السعودية 600 مليار دولار، في إشارة إلى أن المملكة تقف مع أوكرانيا، في الوقت الذي صوتت فيها السعودية مع الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد القصف الروسي، كما أنها صوتت أيضًا ضد إبعاد روسيا عن الجمعية.

ويشير آل عاتي إلى أن المملكة تمارس الحياد الإيجابي، وهذا ما جعلها تكسب ثقة كل الأطراف، واختيرت لاستضافة هذا المؤتمر لأنها تتمتع بعلاقات مميزة مع الصين المشاركة في المحادثات، لافتًا إلى أن هناك تعويلًا دوليًا على ما تمثله السعودية من دور سياسي محوري مهم جدًا على مستوى العالم.

3 مسارات يبحثها المؤتمر

ويؤكد أن المحادثات ستؤدي إلى تقريب وجهات النظر ومعالجة الأوضاع الراهنة، مشيرًا إلى وجود 3 مسارات سيبحثها المؤتمر، الأول عسكري عبر السعي إلى وقف إطلاق النار، والثاني سياسي لمد طاولة حوار ومفاوضات، أما الثالث فهو إنساني لمساعدة الشعب الأوكراني.

ويرى آل عاتي أن المساعي التي تهدف إلى إعادة الوضع لما قبل الهجوم الروسي ستصدم بموقف روسي متصلب، كما أن مطالبة أوكرانيا بأن ترضى بالأمر الواقع لا يمكن القبول به.

ويخلص آل عاتي إلى أن المجتمعين في جدة لديهم رؤية قد تكون موحدة، وهي تعليق الحرب وحقن دماء الشعب الأوكراني، أما مسألة الانسحاب أو من هزم أو انتصر في الحرب تحتاج إلى جهود دبلوماسية حقيقية ليست منحازة مع أي طرف.

كما يشدد على وجوب أن يكون هناك ضمانة دولية تمارس الضغط الحقيقي على الطرفين لتنفيذ ما سيتم التوصل إليه لاحقًا عندما يجلسان على طاولة المفاوضات.

غياب موسكو عن محادثات جدة

من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية في معهد موسكو الحكومي فلاديمير سوتنيكوف، أن عدم وجود موسكو في مؤتمر الرياض أمر غريب، لأن روسيا هي واحدة من أهم الأطراف فيما يتعلق بأي تسوية سلمية في المستقل للصراع الأوكراني.

وفي حديث لـ"العربي" من موسكو، يضيف سوتنيكوف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد أكد أن موسكو لا تعارض المفاوضات والتسويات السلمية، لكن الوقت لم يحن لذلك بعد، بالتالي فإن ما ينبغي أن تقوم به موسكو هو أن تراقب عن كثب ما يحدث في المحادثات.

ويرى أن أي تسوية للأزمة تكون إيجابية، لكن في الوقت ذاته فإن روسيا لديها شعور بأن قمة جدة التي أطلقت بمبادرة أوكرانية وبدعم من دول غربية هي محاولة لفرض ما يسمى إكراه روسيا نحو السلام، كما أنه ليس هناك أي ضمانات بأن كييف لن تنضم إلى حلف الشمال الأطلسي في حال تم إيقاف الصراع.

ويشدد سوتنيكوف على وجوب أن يكون هناك ضمانات لوقف إطلاق النار من الجانب الأوكراني، مشيرًا إلى أن كييف ليست في موقف يمكنها من تقديم هذه الضمانات، كما أنها ستعتمد على الدول الغربية لتدفع موسكو باتجاه مفاوضات سلمية.

ما أهداف أوكرانيا من محادثات جدة؟

وبشأن الأهداف التي تسعى كييف إلى تحقيقها من خلال اجتماع جدة، يشير النائب في البرلمان الأوكراني أوليكسي هونشارينكو، إلى أن أوكرانيا تريد أن توقف الحرب وأن تعيد النظام الدولي، وأن تعيد الحدود المعترف بها دوليًا، لافتًا إلى أن هذه الأهداف هي الطريق إلى السلام.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من أوديسا، أن الاجتماع المنعقد في جدة يمكنه فعلًا أن يمارس ضغوطًا كبيرة على بوتين لكي يوقف الحرب التي لا مبرر لها، وأن يخرج قواته من أوكرانيا وأن يتم تحرير كل الأراضي الأوكرانية.

ويتابع هونشارينكو، أن كييف ترى أن اجتماع جدة قد يكون منفذًا للوصول إلى حل خاصة عبر دول الجنوب، مشددًا على أن أوكرانيا تريد من العالم بأسره أن يشارك في هذه المحادثات.

ويذكر هونشارينكو أن هناك قرارًا من زيلينسكي يقضي بألا تجرى مفاوضات مع بوتين، لأنه لا يحافظ على وعوده ويكذب طوال الوقت، مشددًا على أن كييف تريد تحرير كل الأراضي الأوكرانية.

ويشدد أيضًا على أن كييف تريد من الدول المشاركة في محادثات جدة أن تمارس ضغوطًا على روسيا، مشيرًا إلى أن الصين يمكنها أن تمارس نفوذًا قويًا على موسكو، كما أن السعودية يمكنها ذلك.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close