في أحد الأزقة الضيقة في كركوك شمالي العراق، ثمة أقدم مكتبة أرشيفية للموسيقى، يطلق عليها "تسجيلات عادل" كما يعرفها محبو الفن في البلاد منذ مطلع الستينيات.
تعرضت المكتبة لحريق أتى على أشرطة نادرة، إذ تحتوي على أكثر من ألفي شريط موسيقي، حيث تمكن أصحابها لحسن حظهم من حفظ بعضها في المنزل.
ويتعرض التراث الموسيقي إن لم يطله الحريق أو الضياع إلى الإهمال، ففي أحد المكاتب الصغيرة يصر الموسيقي الكركوكي جلال الوندي على قضاء أيامه.
ويقول الوندي وهو أحد رواد الموسيقى في كركوك، إنه لا يوجد اهتمام بالموسيقى، موضحًا أن الموسيقى هي طبيب المطرب.
ووهب الرجل الثمانيني على مر العقود نفسه للفن وتدريس الموسيقى، حيث انتهى به المطاف وهو يرى هذا التراث الغنائي مهملًا، ولم يعد المكان يدر عليه مالًا، ونادرًا ما لا يقصده من زوار إلا القليل من عشاق الطرب.
وتعرض أهم أرشيف موسيقي في كركوك للحريق أضاع معه أغاني تعود لنحو 5 عقود، وبقدر ما يعكس ذلك خسارة للفن المتعدد اللغات في كركوك فإنه أيضًا يعكس حالة من الإهمال في الفن والفنانين، حسب مراسل "العربي".
"هوية العراق الغنائية"
وفي هذا الإطار، يقول الموسيقار العراقي نجاح عبد الغفور: إن "المقام العراقي بخير، بدعم من الفنانين الذين نذروا أنفسهم لهذا التراث الفني، والذي يعد علامة بارزة من أساس الطرب العراقي".
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة العراقية بغداد، يضيف عبد الغفور أن التراث الفني يعتبر هوية العراق الغنائية، من خلال ما يقدمه الفنانون للمحافظة على هذا الإرث الفني، والذي يعد العمود الفقري لهيكل الطرب العراقي.
ويشدد الموسيقار العراقي على ضرورة أن تتبنى الجهات الرسمية الأسس الصحيحة لنشر الوعي الفني من خلال الندوات التعريفية والدراسات والبحوث.
ويلفت إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" كان لها دور كبير في إدراج الفن العراقي ضمن التراث المعترف به، باعتبار المقام العراقي غناء جميلًا يختص به العراق.
ويشير الموسيقار نجاح عبد الغفور إلى أن العراق كان يحتوي على كثير من المكتبات الموسيقية، في كركوك والموصل وبغداد، لكن الحروب لعبت دورًا في دمار الكثير من هذه المكتبات.