للمرة الثالثة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، قطع الاحتلال خدمة الاتصالات بكلّ أنواعها عن القطاع، ليغطي على جرائمه بارتكابه مجزرة جديدة بحق الفلسطينيين الآمنين، ما أسفر عن شهداء وجرحى.
وكانت آخر الجرائم التي ارتكبها الاحتلال، والتي لن تكون الأخيرة على ما يبدو في ظل استمرار عدوانه الوحشي، تنفيذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 100 غارة، في أقل من ساعة على مدينة غزة.
وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن عدد كبير من الشهداء والجرحى، بعد أن دمرت طائرات الاحتلال مربعًا سكنيًا كاملًا في مخيم الشاطئ بمدينة غزة.
وكان الاحتلال قد استهدف قبل هذا القصف العنيف محيط المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة، وأبراج مدينة الشيخ زايد، كما قصف شقتين سكنيتين في "أبراج زايد"، ما أسفر عن تدميرهما كليًا.
وفي السياق عينه، قصفت طائرات حربية إسرائيلية عددًا من منازل الفلسطينيين في حي "العلمي" ومخيم جباليا، ما أسفر عن 3 شهداء وأكثر من 16 جريحًا.
وإثر العدوان الإسرائيلي على غزة، نزح أكثر من مليون و600 ألف فلسطيني من منازلهم، حسب ما أفادت وزارة الداخلية في غزة، والتي أكدت أيضًا أن الاحتلال يستهدف مراكز الإيواء والمستشفيات لتهجير سكان مدينة غزة.
المقاومة ترد على استهداف المدنيين
وردًا على استهداف المدنيين في غزة، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن قواتها قصفت تل أبيب وقاعدة رعيم العسكرية برشقة صاروخية.
كما أعلنت الكتائب أنها تمكنت من تدمير دبابة إسرائيلية متوغلة في شمالي غرب مدينة غزة بقذيفة الياسين 105، وتدمير آليتين إسرائيليتين شرق خانيونس جنوبي القطاع.
من جهتها، أشارت سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي إلى "أننا قصفنا نيريم والعين الثالثة وصوفا ونير إسحاق وأفيف شالوم برشقات صاروخية مركزة".
وأعلنت السرايا أن عناصرها اشتبكوا بالأسلحة مع قوة إسرائيلية متوغلة في منطقة الفراحين شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.
إدانات لتصريحات إلياهو
وفي ظل استمرار آلة القتل الإسرائيلية في توسيع نطاقها وإجرامها ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية التي تفرض في حالة الحرب، دعا وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو إلى قصف قطاع غزة بقنبلة نووية، ما قوبل بمواقف فلسطينية وعربية منددة.
وفي هذا السياق، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن تصريحات إلياهو "إقرار واضح بمذابح إسرائيل" في القطاع، فيما أكدت "حماس" أن تصريح وزير التراث الإسرائيلي على غزة "تعكس إرهاب حكومة إسرائيل ضد شعبنا".
من جهتها، أدانت دولة قطر تصريحات وزير التراث الإسرائيلي، واعتبرتها "تحريضًا خطيرًا على جريمة حرب".
كما أدان الأردن هذه التصريحات، معتبرًا إياها "دعوة للإبادة الجماعية لا يمكن السكوت عنها"، فيما اعتبرت الخارجية اليمنية، دعوة إلياهو أنها تعكس "مستويات غير مسبوقة من الكراهية والتطرف".
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية السعودية التصريحات المتطرفة بشأن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، "تظهر تغلغل التطرف والوحشية لدى أعضاء في الحكومة الإسرائيلية".
أما وزارة الخارجية المصرية، فاعتبرت دعوة عميحاي إلياهو، "دليل تطرف وانحراف في عدد من صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية".
وفي وقت يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ30 على التوالي مخلفًا آلاف الشهداء، ربط الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد عودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة بـ"حل سياسي شامل" للصراع، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
وقال عباس الذي التقى بلينكن للمرة الثانية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول: "قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملة في إطار حل سياسي شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".
الدوحة تؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة
وعلى صعيد المواقف السياسية، شدد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم الأحد، على ضرورة تضافر الجهود الدبلوماسية والإقليمية للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وأكد في مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، على ضرورة فتح معبر رفح بشكل دائم لضمان تدفق قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر.
وأعرب عن قلق دولة قطر العميق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي في قطاع غزة وإدانتها لقصف المدنيين والأعيان المدنية.
كما أكد رئيس مجلس الوزراء القطري، استمرار جهود دولة قطر في الوساطة لإطلاق سراح الأسرى، محذرا من أن تواصل القصف يضاعف من الكارثة الإنسانية في القطاع ويعقد تأمين إطلاق سراحهم.
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأحد: إن "وقف المجازر في قطاع غزة الفلسطيني واجب على عاتقنا".
وأضاف أردوغان، "من واجبنا إنقاذ أشقائنا الفلسطينيين من الظلم الإسرائيلي، ووقف المجازر التي ترتكب في غزة أمام أعين العالم".
من ناحيته، اعتبر وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني أن الولايات المتحدة "ستتعرض لضرر بالغ" إن لم تنفذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفقًا لما نقلت عنه وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية.
وقال أشتياني: "نصيحتنا للأميركيين هي أن يوقفوا الحرب في غزة فورًا، وينفذوا وقف إطلاق النار وإلا فسيتعرضون لضرر بالغ".
استشهاد سيدة لبنانية و3 أطفال
إلى ذلك، لم يسلم مواطنو لبنان من جرائم إسرائيل، حيث ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة مساء الأحد، عندما استهدفت مُسيراتها سيارة مدنية على طريق عيناتا - عيترون، في قضاء بنت جبيل جنوب البلاد ما أسفر عن استشهاد سيدة و3 أطفال.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن حكومته ستقدم "شكوى عاجلة" ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي، ردًا على "استهداف تل أبيب للمدنيين والأطفال" في جنوب لبنان.
وردًا على الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل، أعلن حزب الله مساء الأحد أنه قصف مستوطنة كريات شمونة الإسرائيلية بالصواريخ.
ووسط توتر الأوضاع على الحدود، أعلن حزب الله اليوم الأحد، استهداف 3 مواقع عسكرية إسرائيلية قبالة حدود لبنان الجنوبية باستخدام "صواريخ موجهة".
وفي وقت سابق الأحد، أعلن "حزب الله" في بيان استشهاد 2 من عناصره، كما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بإصابة 4 أشخاص بجروح، في قصف نفذته مسيّرة إسرائيلية على سيارة إسعاف في جنوب لبنان.
تواصل المظاهرات المتضامنة مع فلسطين في مدن أوروبية
إلى ذلك، تتواصل المظاهرات في العديد من المدن الأوروبية تضامنًا مع فلسطين ضد القصف الذي يتعرض له قطاع غزة من قبل إسرائيل.
وفي ميدان سنتغما أكبر ميادين العاصمة اليونانية أثينا، نظم حفل من أجل فلسطين تبعته مسيرة تضامنية، وردّد المتظاهرون هتاف "الحرية لفلسطين" منتقدين سياسة حكومتهم تجاه فلسطين و"تقصيرها" في دعمها.
كما تجمع المئات الأحد، في العاصمة البولندية وارسو، احتجاجًا على الهجمات الإسرائيلية ضد غزة، ودعماً لفلسطين وتضامنًا معها.
وردد المحتجون الذين تجمعوا في ساحة القلعة بالمدينة القديمة هتافات من قبيل "فلسطين ستكون حرة من النهر للبحر" و "الحرية لغزة".
كما رفعوا لافتات حملت عبارات "فلسطين حرة" و"أوقفوا المجزرة"، داعين إلى وقف القصف الإسرائيلي على غزة.
وفي السياق ذاته، تجمّع آلاف المتظاهرين في العاصمة الإسبانية مدريد، دعمًا لفلسطين وتضامنًا معها.
وأطلق المتظاهرون هتافات تدعو لوقف إطلاق النار في غزة وتصف الهجمات الإسرائيلية بـ"الإبادة الجماعية"، متهمين أوروبا بتمويل "آلة القتل الإسرائيلية".
كما شهدت عدة مدن مغربية، مساء الأحد، مجددًا وقفات ومسيرات احتجاجية، تضامنًا مع فلسطين وخاصة قطاع غزة الذي يتعرض لتصعيد في القصف إسرائيلي مكثف منذ شهر مخلفًا آلاف الشهداء المدنيين.