لا يبدو استهداف القواعد العسكرية أو محيط السفارة الأميركية في بغداد حدثًا مفاجئًا، لكن توالي هذه الهجمات، وآخرها هجوم بـ3 مسيرات على قاعد بلد العسكرية، وسط أزمة سياسية عنوانها التعثر في تشكيل الحكومة الجديدة، يطرح العديد من علامات الاستفهام.
وأظهرت جلسة البرلمان الأولى الخلاف الكبير بين الإطار التنسيقي وبين التيار الصدري وحلفائه، الذين يدفعون نحو تشكيل حكومة أغلبية وطنية في أقرب وقت ممكن.
ساحات الاشتباك
ويعيش العراق اليوم وسط رسائل سياسية تظهر على شكل تفجيرات وهجمات، بدأت تتوالى في أكثر من مكان.
ولم تهدأ يومًا الهجمات في العراق، لكنها في هذه الأيام تحتد، وسط اشتداد الأزمة السياسية التي لا يُعرف أي طريق ستسلك.
وأولى مظاهر هذه الأزمة السياسية كانت في أول جلسة لمجلس النواب، بعد حسم نتائج الانتخابات التشريعية.
ورغم إدانة الجميع للهجمات، إلا أنه لا يمكن قراءتها إلا على أنها رسائل من الكتل الخاسرة إلى الكتل الرابحة.
ولكن هذا الواقع ليس جديدًا على العراقيين الذين ألفوا أن تخرج أزماتهم من جدران السياسة إلى ساحات الاشتباكات.
رسائل واضحة
في هذا السياق، يرى الباحث السياسي يحيى الكبيسي أن "المسؤولين عن هذه الأحداث الأمنية معروفون للرأي العام".
ويعتبر الكبيسي، في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، أن "من يقوم بهذه العمليات هو نفسه من قام ببعض الهجمات طوال السنوات الثلاث الماضية، لكنهم هذه المرة لم يعترفوا على عكس ما كانوا يفعلون في الماضي".
ويقول: "هذه المرة، الرسائل مرتبطة بنتائج الانتخابات، ومضمونها أن الحكومة لن تكون قادرة على ضبط الهدوء الهش دون وجود بعض الفصائل في الحكومة".
ويضيف: "الرسائل واضحة والجميع يتعامل معها ضمن هذا السياق".
"الحكومة مسؤولة عن العمليات"
من جهته، يرى عضو ائتلاف دولة القانون خالد السراي، أن مسألة توجيه التهم دون وجود أدلة هي "خارج دائرة الإنصاف".
ويشير السراي، في حديث إلى "العربي" من بغداد، إلى أنه "يجب البحث عن المسؤول عن هذه العمليات والمستفيد منها".
ويقول: "من أجل تعقيد الأزمة السياسية يقوم البعض بهذه العمليات، والحكومة تتغيب، عن سابق إصرار، عن التحقيقات وتترك الأمور الأمنية متفلتة".
ويضيف: "لا توجد مصلحة لبعض الفصائل التي تريد إخراج الأميركيين من العراق، في أن تقوم بهذه العمليات".
الأزمة ستستمر
بدوره، يعتبر الكاتب والصحافي مجاشع محمد علي أن "هذه العمليات ليست جديدة، لكن الجديد فيها هو أن الأطراف التي كانت تتشرف بهذه العمليات تبرأت هذه المرة منها".
ويلفت محمد علي، في حديث إلى "العربي" من بغداد، إلى أن هذا النوع من العمليات كان متوقعًا في ظل الأزمة السياسية الحالية".
ويقول: "هذه الأزمة ستستمر حتى تشكيل الحكومة العراقية، وإلى حين حل الأزمة السياسية".
ويضيف: "العمليات تأتي للضغط على الأطراف التي شكلت غالبية في البرلمان العراقي، من أجل الدخول معها في المفاوضات وإشراكها في الحكومة".