الجمعة 20 Sep / September 2024

الحرب على أوكرانيا.. كيف أدت إلى تحول المشهد السياسي والعسكري في أوروبا؟

الحرب على أوكرانيا.. كيف أدت إلى تحول المشهد السياسي والعسكري في أوروبا؟

شارك القصة

تقرير يرصد دعم الناتو العسكري الدفاعي لأوكرانيا (الصورة: غيتي)
دفعت الحرب على أوكرانيا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة، وجمعت أوروبا معًا بطرق لم يشهدها العالم منذ عقود.

دخل الهجوم الروسي على أوكرانيا شهره الثاني، من دون أن يحقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهدافه بتنصيب حكومة موالية للكرملين في أوكرانيا، لكنّه استطاع، عن غير قصد، توحيد دول القارة العجوز المنقسمة.

وذكرت الإذاعة الوطنية العامة الأميركية "أن بي آر" أنه كان من الصعب رؤية إجماع في قرارات هذه الدول التي تقودها مؤسسة بيروقراطية متمثلة بالاتحاد الأوروبي، لكن الحرب دفعت الاتحاد إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة، وجمعت أوروبا معًا بطرق لم يشهدها العالم منذ عقود.

وقال برونو ليتي، الزميل الأول في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، للإذاعة: "كان مستوى الوحدة والسرعة رائعًا، أود أن أقول إنها المرة الأولى التي نرى فيها الاتحاد الأوروبي يتحرك بهذه السرعة".

واعتبرت الصحيفة أنه مع انعقاد قمة بروكسل الخميس والجمعة، سيكون استمرار وحدة أوروبا أمرًا حاسمًا لزيادة الضغط على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا.

دور أكثر حزمًا

وكشف مسؤول أوروبي للإذاعة أنه مع ورود تقارير استخبارية عن أن موسكو تخطط للهجوم، بدأ الاتحاد الأوروبي في صياغة قانون لعقوبات شاملة قبل أسبوعين من عبور القوات الروسية إلى شرق أوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي.

وسمح هذا التخطيط الأوروبي المسبق بحظر شركات الطيران الروسية من المجال الجوي الأوروبي بسرعة ومصادرة الأصول من القلة الحاكمة المقربة من بوتين.

كما اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراء غير مسبوق حتى ذلك الوقت، حيث بدأ بإرسال أسلحة بمئات الملايين من الدولارات إلى أوكرانيا، البلد غير العضو فيه.

وفي هذا الإطار، قال ستيفانو سانينو، الذي يرأس خدمة العمل الخارجي بالاتحاد الأوروبي، للإذاعة: "أعتقد أن ما أصبح واضحًا من هذه الأزمة هو أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يتردّد بالقيام بدور أكثر تحديدًا، عندما يتعلق الأمر بأمن القارة وخارجها".

الحلفاء وإرسال الأسلحة لأوكرانيا

وبالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تقوم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" أيضًا بإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا. وتشمل الشحنات أنظمة "جافلين" الأميركية المضادة للدبابات، وصواريخ "ستينغر" التي يمكنها استهداف طائرات الهليكوبتر.

وأشارت الإذاعة إلى أنه لا توجد حتى الآن علامات على وجود قوات روسية على طرق غرب أوكرانيا، لذا فقد مرّت الشحنات دون عوائق لأسابيع، مما وفر تدفقًا ثابتًا للأسلحة إلى الجيش الأوكراني الذي يتفوّق عليه الجيش الروسي لناحية العدة والعديد.

وقال جوري لويك سفير إستونيا في الناتو للاذاعة: "من الواضح أن القوات الأوكرانية لم يكن بمقدورها أن تكون ناجحة إلى هذا الحد، لو لم يكن لديها أسلحة حديثة".

وعندما سُئل عن كمية الأسلحة التي أرسلها حلفاء الناتو إلى أوكرانيا، ضحك لويك وقال: "إنها كثيرة"، مضيفًا أن دول "الناتو" قلّلت من البيروقراطية المعتادة المحيطة بنقل الأسلحة لتسريع العملية، "لقد تم اختصار المدة الزمنية لإرسال الأسلحة إلى الحد الأدنى المطلق".

وبالإضافة إلى السهولة التي تمكّنت بها أوروبا من إعادة إمداد القوات الأوكرانية، أصيب المسؤولون في بروكسل بالدهشة من مدى ضعف أداء الجيش الروسي حتى الآن، حيث لا تزال القوات الروسية تكافح للسيطرة على المدن الكبرى.

وقال لويك: "إنه فشل ذريع للقوات المسلحة الروسية والقيادة الروسية وبوتين نفسه".

الدفاع الأوروبي يتعزز في غياب منطقة حظر الطيران

حتى الآن، رفض "الناتو" فرض منطقة حظر طيران خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى قتال مباشر بين روسيا وحلفاء "الناتو"، وتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية.

وقالت أولغا أوليكر، مديرة برنامج مجموعة الأزمات الدولية لأوروبا وآسيا الوسطى، للإذاعة إن منطقة حظر الطيران لا تعني الكثير من الناحية الإستراتيجية لأن الروس لم يعتمدوا كثيرًا على الطائرات لضرب الأهداف، مضيفة أن القوات الروسية تستخدم الصواريخ والمدفعية، ولذلك فإن منطقة حظر الطيران لن تكون ذات فائدة".

في غضون ذلك، يبحث حلفاء "الناتو" عن طرق لمواصلة تسليح أوكرانيا مع تعزيز دفاعاتهم ضد روسيا. وتقول سلوفاكيا إنها مستعدة لإرسال أنظمة صواريخ إلى أوكرانيا سوفيتية الصنع من طراز "S-300" يمكنها إسقاط طائرات نفاثة على ارتفاع أميال.

كما أرسل حلفاء "الناتو" أنظمة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي إلى سلوفاكيا لنشرها للدفاع ضد أي هجوم روسي.

وترسل المملكة المتحدة نظام "Sky Sabre"، وهو نظام صواريخ متوسط المدى مضاد للطائرات، إلى بولندا مع حوالي 100 جندي بريطاني لتشغيله. كما تخطط ألمانيا لزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي في تحول ملحوظ بعد سنوات من مقاومة دعوات الحلفاء للقيام بذلك.

اختبار للجبهة الأوروبية الموحدة

ورغم ذلك، اعتبرت الإذاعة أن التحديات المقبلة قد تظل بمثابة اختبار للجبهة الأوروبية الموحدة.

وحتى الآن، لا توجد تقارير تُفيد بأن الروس قد استهدفوا أي شحنات أسلحة، لكن رولاند فرودنشتاين، الذي يدير مكتب "Globsec" في بروكسل، وهو مؤسسة فكرية، يقول إذا حدث ذلك، وعندما يحدث ذلك، فمن المحتمل أن يتكشّف الجدل بين الدول الأوروبية على النحو التالي: هل باستطاعتنا المتابعة؟ (..) هل يجب أن نجد طرقًا بديلة أم نتوقف؟".

وتوقّع أن تقول دول إنه "حان الوقت للتوقّف".

وأضافت أن هناك أيضًا علامات على الانقسام حول ما إذا كان سيتمّ حظر واردات النفط الروسي لإضعاف قدرة بوتين على شن حرب مستديمة، إذ سبق وأن هددت المجر بعرقلة مثل هذه الخطوة.

ونقلت تقارير إخبارية مجرية عن وزير الخارجية المجري بيتر زيجارتو قوله: "لن ندعم العقوبات التي يمكن أن تشكل خطرًا على إمدادات الطاقة للمجر".

وفي الوقت نفسه، مع استمرار الصواريخ والمدفعية الروسية في قصف المدن الأوكرانية وتزايد الخسائر في صفوف المدنيين، سيزداد الضغط الشعبي على "الناتو" لبذل المزيد.

وقال بيتر باتور، الممثل الدائم لسلوفاكيا لدى "الناتو": "قد تكون هناك معضلات أخلاقية كبيرة، إذ بينما نرى الآلاف من المدنيين يقتلون كل يوم تقريبًا، لا يمكننا مجرد الجلوس والمراقبة".

بدوره، أوضح ديفيداس ماتوليونيس، سفير ليتوانيا لدى "الناتو"، أنه لا يستطيع التحدث عن الكيفية التي قد يتفاعل بها الحلف إذا دمّرت روسيا بشكل منهجي المدن الأوكرانية، وأصبحت أوكرانيا على غرار سوريا التي مزّقتها الحرب.

لكنه، في الوقت نفسه، قال: "إذا حدث شيء مشابه ولم يقم الناتو بأي خطوة حيال ذلك، فسيكون هناك سؤال كبير يتعلق بالمصداقية".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close