عادت قضية اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة من جديد، بعد تفاقم أزمة الخبز في الأراضي اللبنانية التي تعيش على وقع "غليان شعبي" جراء أزمات البلد المتشعبة.
وسجلت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان منذ يوم أمس الخميس، حملة جديدة ضد اللاجئين السوريين جراء تفاقم أزمة الدقيق واصطفاف المواطنين في طوابير لساعات من أجل الحصول على الخبز.
ودشن ناشطون محسوبون على التيار الوطني الحر الذي يترأسه الوزير السابق جبران باسيل وسمًا تحت شعار "أرضنا ليست للنازح السوري"، طالبوا خلاله بـ"طرد اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى بلدهم بذريعة الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان".
وتصاعدت الحملة ضد اللاجئين السوريين بشكل كبير منذ يونيو/ حزيران الفائت بعد تهديد رسمي بإعادتهم في حال لم يتعاون المجتمع الدولي في تأمين عودتهم إلى سوريا.
في المقابل، رفض ناشطون آخرون تلك الحملة التي وصفوها بـ"العنصرية" و"غير الأخلاقية"، مطالبين التصويب من السياسيين المتورطين في الفساد الذين يقفون خلف الأسواق السوداء للوقود والدقيق وغيرها من المنتجات الأساسية.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باولا باراشينا لوكالة أسوشيتد برس: "لقد رأينا توترات بين اللبنانيين والسوريين في المخابز في جميع أنحاء البلاد"، مشيرة إلى أنه "في بعض الحالات، حتى إطلاق النار واستخدام العصي ضد اللاجئين".
تحذيرات من العنف
وكتب أحد الناشطين من التيار المقرب لرئيس الجمهورية، "عنصري وافتخر"، فيما قال آخر: إن الموارد المتبقية غير كافية للاجئين وعليه يجب ترحيلهم إلى سوريا.
من السذاجة الفكرية والاقتصادية وغيره اعتبار ازمة الخبز في لبنان مردها النازحين السورين. النازح يدفع ثمن ربطة الخبز وكمية التهريب لا تكسر اقتصاد او تجوع الشعب اللبناني. على اللبناني ان يساءل زعمائه الفاسدين وكرتالات الطحين. هيدا خيك اللبناني يلي عمينهبك. #ارضنا_مش_للنازح_السوري pic.twitter.com/ymNz9TJcjf
— Selim Mawad سليم معوض (@2013Mawad) July 29, 2022
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قالت في بيان لها قبل يومين: "في هذا الوضع الصعب للغاية، نشهد زيادة في التوترات بين المجتمعات المختلفة".
وأضافت: "المفوضية قلقة أيضًا من أن الممارسات التي تضع القيود والتدابير التمييزية يتم تطبيقها على أساس الجنسية، مما يؤثر في جملة أمور على اللاجئين".
وتناقل الناشطون، على مواقع التواصل، مقطع فيديو لشبان لبنانيين يقومون بالاعتداء على شاب سوري، ظنًا منهم أنه يقوم ببيع الخبز في السوق السوداء، فيما ترددت أخبار داخل البلاد، عن رفض تسليم بعض الأفران الخبز لغير اللبنانيين.
الممارسات العنصرية تجاه اللاجئين السوريين ما زالت في بداياتها. ما ينتظرنا في المقبل من الأيام أشد إيلاما، وربما يصل إلى حدود إراقة الدماء، خصوصاً في ظل الفوضى وغياب الدولة وتعنّت السلطة على عدم اتخاذ أي إجراء. بإختصار عم نفوت ببعضنا وهني عم يتفرجوا، كملوا هيك.#لبنان
— b|eg (@the_dar_k) July 29, 2022
تحريض رسمي
وكان وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، قد أعلن في أول يونيو/ حزيران الماضي، أن بلاده لن تتعاون مع الأوروبيين بشأن إبقاء اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية، كما أدلى وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار في مايو/ أيار الماضي، بتصريحات مماثلة، أكد فيها عدم تمكن لبنان من استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، رغم التزامه بمبدأ عدم الإعادة القسرية.
ويتهم ناشطون معارضون لتلك الدعوات الدولة اللبنانية بدعم حملة التحريض وتغطيتها، من خلال التصريحات التي لا تتعهد بحماية اللاجئين من أي عنف محتمل تجاههم. لا سيما أن الكثير من أعمال العنف شهدتها المجتمعات المحيطة بالمخيمات السورية في لبنان.
ويطالب لبنان بتقديم 3,2 مليارات دولار لمعالجة تداعيات اللجوء السوري على أرضه بحسب بيان للأمم المتحدة، فيما قالت الأمم المتحدة من جانبها إنها قدمت تسعة مليارات دولار من المساعدات في إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة منذ عام 2015.
ويؤوي لبنان، الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية والذي بات عاجزًا عن تأمين الخدمات الأساسية لمواطنيه بما في ذلك الكهرباء والوقود، 1,5 مليون لاجئ سوري، يشكلون نحو ثلث عدد سكانه.