الخرف والفصام، اضطرابان يقعان في الجزء الجبهي والصدغي من الدماغ ويصيبان الإنسان ولهما عوارض وأسباب وعلاجات مختلفة عن بعضهما، ولكن للمرة الأولى تكشف دراسة علمية عن وجود روابط بيولوجية دماغية تشير إلى وجود تشابه بينهما.
فقد كشفت دراسة حديثة نشرت قبل أيام في مجلة "غاما سايكارتي" العلمية، عن وجود روابط بيولوجية عصبية بين الخرف والفصام أو ما يعرف بـ"الشيزوفرانيا"، حيث أجرى الباحثون لأول مرة مقارنة بين الفصام والخرف الجبهي الصدغي.
التشخيص المبكر
وتستند هذه الدراسة إلى المفهوم الذي صاغه عالم النفس الألماني إميل كريبلين عام 1899 والمعروف باسم الخرف المبكر. ولأن كلا الاضطرابين يقعان في ذات المناطق الدماغية كان من الممكن المقارنة بينهما بشكل مباشر.
وأكد الباحثون أن المرضى الشباب الذين يعانون من نتائج وظيفية ضعيفة، أظهروا نمطًا دماغيًا يتماشى مع مفهوم الجنون المبكر باعتباره اضطرابًا تدريجيًا في المنطقة الجبهية الصدغية.
وعلى الرغم مما تقدم، ما زالت هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات حول مسارات الأمراض الجزيئية لتوضيح كيفية تنفيذ العمليات الفيزيولوجية المرضية المختلفة، على التغييرات والاضطرابات العصبية المتداخلة في اضطرابات الفصام.
في المقابل، يبقى السؤال الأبرز: هل سيتمكن العلم مستقبلًا من التوصل إلى علاجات ناجعة تشفي تمامًا من مرض الخرف تحديدًا؟
ما الفرق بين الخرف والفصام؟
ومن الرباط، ناقش الدكتور فيصل الطهاري الاختصاصي في علم النفس العيادي، أهمية هذه الدراسة في تشخيص المرضين وعلاجهما وربما تغيير معتقدات كانت سائدة علميًا "وكانت من المسلمات" ولا سيما وأن أعداد المصابين تزداد بكثرة حول العالم.
ويقول الطهاري لـ"العربي"، إن الخرف يعد من اضطرابات الشيخوخة ويصيب الإنسان في سن متقدم على عكس الفصام الذي يمكن أن يصيب حتى المراهقين، ويبدأ ظهوره في سن يافعة.
ولكن كلا الاضطرابين يجمعهما عامل بيولوجي وراثي يمكن أن يكون من أهم الأسباب التي تجعل الإنسان يصاب بهما، لذلك يعد هذا البحث مهمًا جدًا بهدف التشخيص المبكر لمرضى الخرف عن عمر صغير وفق الاختصاصي.
فالتشخيص المبكر يسهل سبل العلاج التي تحميه من الوصول إلى الاضطراب، وكذلك الأمر بالنسبة للفصام الذي يعد مرضًا نفسيًا عقليًا مزمنًا بحيث يمكن التخفيف من حدة الأعراض عند رصدها مبكرًا.
أما عن الفوارق بين الاضطرابين، فيشرح الطهاري أنه بالإضافة إلى عامل السن، يترافق مع الفصام 3 أعراض أساسية هي: الهلوسة السمعية والبصرية أو كلاهما معًا، والهذيان وهو الأفكار غير المنطقية وغير المنظمة، إلى جانب الاضطرابات المعرفية على مستوى التركيز والذاكرة وهذا العارض هو نقطة الالتقاء بين الفصام والخرف.