قام رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار بزيارة "مفاجئة" إلى مصر على خلفية توتر الأوضاع معها بسبب قضية أسرى "الجهاد الإسلامي".
ويأتي هذا تزامنًا مع إشارة تقارير صحافية إسرائيلية إلى وجود توتر في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب في ظل تصعيد سياسي وتوتر إستراتيجي تعيشه المنطقة ولا سيّما منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وتحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية صراحة عن "أزمة" في العلاقات بين تل أبيب والقاهرة، هي الأولى من نوعها بين البلدين في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
ما خلفيات توتر العلاقات المصرية الإسرائيلية؟
وذكرت صحيفة "هآرتس" أنّ زيارة بار إلى القاهرة تأتي عقب إلغاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل زيارة كانت مزمعة إلى تل أبيب، احتجاجًا على تنصّل تل أبيب من تفاهمات متعلقة بوقف إطلاق النار في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ولعبت القاهرة دورًا أساسيًا في قرار وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه بوساطة وضمانات مصرية، ونصّ على وقف شامل ومتبادل، على أن تلتزم مصر بجهود الإفراج عن الأسيرين الفلسطينيين، خليل عواودة، وبسام السعدي. لكن، وخلافًا للاتفاق، مدّدت السلطات الإسرائيلية اعتقال السعدي خمسة أيام إضافية، وما تزال تعتقل الأسير عواودة.
وتشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية توترًا كبيرًا بدأ في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ووصل إلى ذروته بسبب عدم تنفيذ بنود الاتفاق. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن أحد الحلول المطروحة للخروج من الأزمة بين الطرفين، هو تسليم تل أبيب رفات جنودهم، تم اكتشافها مؤخرًا في مقبرة جماعية قرب القدس، وهي تعود إلى عناصر من قوات الصاعقة في الجيش المصري، قتلوا خلال حرب عام 1967.
هل تعكس التباينات خلافًا كبيرًا؟
ويرى نائب رئيس تحرير وكالة الشرق الأوسط، صلاح جمعة أن مصر توظف علاقتها مع إسرائيل بما يتوافق ودعم الشعب الفلسطيني في وقف أي اعتداء ضده، إضافة إلى دوافع حماية الأمن القومي العربي والمصري.
ولا يعتقد جمعة في حديث إلى "العربي" أن التباينات الأخيرة في وجهات النظر مع إسرائيل تعكس خلافاً كبيرًا بين الطرفين اللذين تجمعهما علاقات عديدة ومتشعبة، سواء على المستوى السياسي أو الأمني أو الاقتصادي، مؤكدًا أن التواصل بينهما هو شبه يومي، لمناقشة ما ترتب على التهدئة الأخيرة التي توصلا إليها عقب العدوان الأخير على غزة.
ويشير جمعة إلى أن تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية، كان حافلًا بخطوات تصعيدية من جانب القاهرة، التي سحبت سفيرها خلال اجتياح لبنان عام 1982، وكررت الأمر خلال الانتفاضة الثانية عام 2000، والحرب على غزة عام 2012، مؤكدًا أن العلاقات التي تعززت اقتصاديًا وأمنيًا في الآونة الأخيرة بين الطرفين، لن تثني القاهرة عن دورها القومي العربي في القضية الفلسطينية.
"خلاف لا أزمة"
ويؤكد جمعة في مداخلته مع "العربي"، أن الخلافات في وجهات النظر لطالما كانت موجودة، من دون الوصول إلى أزمة حقيقية بالمعنى السياسي، معتبرًا أنه لا علاقات سياسية ثابتة.
ويشير إلى المقاربات الإسرائيلية الأخيرة للموقف الأميركي من الملف النووي الإيراني، وقلق تل أبيب حيال أداء حليفتها، بوصف هذا النموذج دليلًا على التفاوت في مسار العلاقات الدولية بين حليفين.
ويعتبر جمعة أن مصر هي الدولة الوحيدة حاليًا في العالم، التي تستطيع أن تلعب دورًا متوازنًا بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مستشهدًا بالأحداث الأخيرة التي شهدتها غزة، وما تلاها من مبادرة مصرية وضعت حدًا للتصعيد العسكري.
وفي 8 أغسطس/ آب الجاري، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي حيز التنفيذ، ضمن اتفاق هدنة بوساطة مصرية، بعد أن شن الجيش الإسرائيلي غارات على قطاع غزة، في إطار عدوان متكامل، قابلته "سرايا القدس"، الجناح المسلح لحركة الجهاد، برشقات صاروخية، وقذائف هاون باتجاه المواقع الإسرائيلية المحاذية للقطاع.