يجهز المزارعون السودانيون الوازا، وهي آلة نفخ محلية، ليحصدوا على أنغامها محصول الذرة، وذلك ابتهاجًا بالخير الذي يحمله موسم الحصاد، في عادة تراثية في ولاية النيل الأزرق منذ سنوات بعيدة.
ومن بين هؤلاء، المزارع يوسف إسماعيل الذي يمارس هذا الطقس المتوارث في بلدته قنيص شرقي النيل الأزرق، ويستعد له قبل أسابيع من موسم حصاد الذرة بالمنطقة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني.
ورغم أمله بموسمٍ جيد إلا أنه يعبر عن حزنه لتزامن موسم الحصاد مع اندلاع اشتباكات بين قبيلة البرتا التي ينتمي إليها، وقبيلة الهوسا، فقد تسبب هذا النزاع العنيف في الولاية، بسقوط عشرات القتلى وحرق عدد من منازل قريته القريبة من مدينة الدمازين عاصمة النيل الأزرق .
ما هي آلة الوازا؟
رغم ذلك، لم يتوان إسماعيل عن صنع آلات الوازا ككل عام، وهي عبارة عن نوع من القرع المخروطي يجوّف ويربط بعضه مع بعض بلحاء الأشجار ثم يثبّت بنوع معين من الخشب.
وتتكون الفرقة الموسيقية التي تعزف الوازا من ثلاثة عشر عازفًا يحمل كل منهم بوقًا تتفاوت أحجامه، ويقف العازفون عادة في نصف دائرة يتوسطهم قائد الفرقة الذي يعزف على الوازا الأصغر حجمًا.
من جهته، يشرح أستاذ الموسيقى بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا محمد آدم سليمان أن آلة الوازا "وليدة البيئة"، فالمكونات المستخدمة فيها من البيئة المحلية وتحديدًا القرع الطولي.
تطور التقليد
ورغم أن الوازا لا تظهر عادةً إلا قبيل الحصاد وفق التقاليد، لكن عزفها اليوم أصبح يستخدم لاستقبال كبار الضيوف وفي مناسبات الأفراح أيضًا، حيث علم السودانيون أولادهم هذا التقليد للحفاظ عليه من جيل إلى آخر.
يذكر أن الزراعة تشكل أحد أهم مصادر الدخل لـ 45 مليون سوداني لأنها توفر 43% من الوظائف و30% من إجمالي الدخل القومي، في واحد من أكثر بلدان العالم فقرًا والذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية اشتدت حدتها منذ انقلاب أكتوبر/ تشرين الأول 2021.