دفعت اليابان عام 1945 ثمن عدم الاستجابة لمطالب اتفاقية مؤتمر بوتسدام، وقُصفت على إثرها مدينتي هيروشيما وناغازاكي ذريًا.
وعلى الرغم من كونها واحدة من أسوأ الفظائع في تاريخ البشرية باستثناء الغزو الأميركي على العراق، الذي خلف إرثًا سامًا أكبر بكثير من قصف المدينتين اليابانيتين.
إذ أكدت دراسة قادها الدكتور كريستوفر باسبي في جامعة ألستر الأيرلندية، وفقًا لصحيفة "الغارديان"، أن معدلات الإصابة بسرطان الدم ارتفعت في العراق بين من يعيشون بالقرب من مكان الانفجار في اليابان بشكل مدمر، حيث بلغت 660% بعد مرور حوالي 12 أو 13 عامًا على إلقاء القنبلة الذرية، أي حين كانت مستويات الإشعاع في ذروتها.
وعلى الرغم من ضخامة النسبة، إلا أن الوضع في الفلوجة العراقية كان أسوأ بكثير، إذ ارتفعت معدلات سرطان الدم بنسبة 2200%، في فترة زمنية أقصر بكثير بمتوسط 5 إلى 10 سنوات فقط بعد القصف، وذلك بحسب ما نشرته "الغارديان"، فضلًا عن هذه الزيادة الهائلة في معدلات الإصابة بسرطان الدم، وجد باسبي وزملاؤه زيادة تفوق 1200% في معدلات الإصابة بسرطان الأطفال في الفلوجة بعد القصف الأميركي.
وفي المدينة ذاتها، وبعد سنوات قليلة من غزو العراق، ارتفعت نسبة الإصابة بأورام المخ إلى أكثر من 700%، كما وجد العلماء القائمون على الدراسة أدلة إضافية تفيد بتعرض العراقيين للإشعاع، إذ تجاوزت معدلات وفيات الأطفال نظيرتها في الكويت المجاورة بنسبة تفوق الـ800%.
تأثير اليورانيوم في حرب الخليج الثانية
وفي هذا الإطار، يرى عميد كلية الطب بجامعة أربيل دشتي عباس البستاني، أنه لا يمكن الركون لهذه الدراسة، بسبب عدم وجود إحصاءات سكانية وطبية دقيقة في العراق نسبة لعدد السكان في العراق.
وفي حديث لـ"العربي" من أربيل، يوضح أن اليورانيوم المنضب الذي استعمل في حرب الخليج الثانية عام 1991، وتسبب بإشعاع حسب بعض التقارير الصحافية والطبية، يمكن أن يكون له دور في زيادة نسبة السرطان، حيث استخدم في جنوب العراق تحديدًا في صحراء البصرة وليس في الفلوجة.
ويشدد البستاني على وجوب أن يكون هناك إحصاءات دقيقة تأخذ بعين الاعتبار نسبة حدوث سرطانات الدماغ وسرطانات الدم لكل 100 ألف من السكان، ومقارنتها مع دول المجاورة بشكل دقيق، كما يجب أن تكون منشورة في مجلات علمية معتد بها.
زيادة نسبة السرطان
إذ يشير إلى أن هناك عوامل أخرى في العراق أدت إلى زيادة نسبة السرطان، مثل التلوث البيئي وحرق الغاز في الغاز والنفط، بالإضافة للعدد الكبير من السيارات، فضلًا عن نسب انبعاث الكربون في العراق التي تعد من أعلى النسب بالعالم، الأمر الذي يسبب تلوثًا، وزيادة في أمراض سرطان الرئة والتهاب القصبات المزمن.
وبشأن الحد من التأثيرات الإشعاعية القاتلة على السكان المدنيين، يوضح البستاني أن هناك أجهزة خاصة يمكن من خلالها قياس مدى الإشعاع الموجود في محافظة وصحراء البصرة، مبينًا أنه يمكن نقل السكان من الأماكن القريبة من الإشعاعات القاتلة إلى مناطق أخرى.
ويضيف البستاني أن هنالك طرقًا أخرى للوقاية، كاستعمال "حبوب اليود"، التي تستخدم لتقليل التعرض للإشعاع، وللوقاية من الضربات النووية، مشيرًا إلى أن هذه الحبوب يمكن الركون إليها إذا كانت نسبة تعرض مواطنين للإشعاع كبيرة.
ويشدد عميد كلية الطب بجامعة أربيل على وجوب أن تقوم الأوساط البحثية بقياس نسبة الإشعاع في مناطق في البصرة والفلوجة وفي المناطق الأخرى التي وقعت فيها المعارك، ويشتبه باستعمال اليورانيوم المنضب، بهدف نقل السكان من هذه المناطق للتقليل من إصابتهم بالسرطانات، عند وجود نسبة أشعة غير طبيعية أو مضرة بالصحة.
إذ يخلص إلى أن على وزارة الصحة والبيئة أن تجري فحصًا ميدانيًا للأماكن التي تعرض للإشعاعات، ويمكنها أخذ المساعدة من الجانب الأميركي لأن لدي خبرة في هذا المجال وهو يعرف كمية اليورانيوم المنضب الذي استعمل في حرب الخليج الثانية.