زيارة المقداد إلى السعودية.. هل تمهّد لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد؟
حطّ وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد رحاله في جدة، في دعوة من وزير خارجيتها فيصل بن فرحان لعقد جلسة مباحثات تتناول الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للوضع في سوريا.
وبحسب وسائل إعلام سعودية، ربطت الرياض الحل السياسي بضرورة المحافظة على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها وتسهيل عودة اللاجئين إلى وطنهم.
كما يضمن هذا الحل في منظور الرياض، تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة في سوريا.
زيارة المقداد إلى السعودية والسيناريوهات المطروحة
لكن المواضيع المعلن عنها في جلسة المباحثات بين الوزيرين تبدو عناوين عامة لمفاوضات ما زالت جارية بين الطرفين.
فالحل السياسي الذي يتم الحديث عنه يبدو أنه من بين شروط سعودية متعددة تصرّ عليها الرياض مقابل تطبيع العلاقات أو على الأقل تحديد سقفه.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن 5 دول عربية، هي مصر وقطر والكويت واليمن والمغرب، تعارض عودة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية، وتشترط أن يتعامل أولًا مع المعارضة السياسية لمنح جميع السوريين صوتًا لتقرير مستقبلهم.
وتأتي زيارة المقداد إلى السعودية قبل يومين من اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى في جدة لبحث عودة النظام السوري إلى الجامعة، في وقت بدأت عواصم عربية في فتح سفاراتها في دمشق وآخرها تونس.
هل من مقاربة سعودية جديدة؟
في هذا السياق، لا يعتبر الباحث السياسي منيف عماش الحربي أن السعودية تسرّع في عودة العلاقات مع نظام الأسد، مشيرًا إلى أنها قدّمت عام 2018 وثيقة الأمن القومي العربي ومن ركائزها إعادة صيانة الأمن القومي العربي.
ويشرح الحربي في حديث إلى "العربي" من الرياض أن السعودية بدأت باتخاذ مسار مهم بعد أن قادت العالم في مارس/ آذار 2020 لوضع خارطة طريق لإنقاذ الاقتصاد العالمي.
ويعتبر الباحث السياسي أن الرياض بدأت بمقاربة إقليمية وأخرى دولية جديدة، ويقول: "بدأت المقاربة الإقليمية في قمة العلا في يناير/ كانون الثاني 2021 وإنهاء المقاطعة مع قطر وإعادتها إلى صف مجلس التعاون، وتبع ذلك زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية وزيارة الأمير محمد بن سلمان إلى أنقرة".
ويؤكد الحربي أن السعودية حريصة على الحل السياسي الشامل في سوريا، وأن هناك حاجة لمقاربة جديدة "في ظل تحارب المعارضة".
أيّ دور لروسيا خلف الاندفاعة العربية؟
من جهته، يرى الأكاديمي والباحث السياسي يحيى العريضي أن "ما يحدث هو أكبر من إعادة العلاقات مع منظومة الأسد الاستبدادية"، مشيرًا إلى أن روسيا هي المحرك الأساس لكل هذه العمليات.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من باريس: "إن روسيا أنجزت مهمتها العسكرية في سوريا وقتلت وشرّدت وفعلت ما فعلت وجربت كل أصناف الأسلحة على السوريين، ثم انتقلت إلى اللعب السياسي".
ويشير العريضي إلى صحوة العرب بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وإلى أن "استقبال وزير خارجية النظام السوري في المملكة لم يتوقعه السوريون الذين عانوا من النظام".
ويستغرب العريضي العناية المفاجئة بالشعب السوري بعد سنوات من الدمار.
خطوة "موجعة" للثورة التونسية
كما يرى المحامي والناشط السياسي كريم مرزوقي أن الخطوة التي أقدمت عليها السلطات في تونس اليوم عبر تطبيع العلاقات مع النظام السوري هي خطوة منتظرة من الرئيس قيس سعيّد الذي قدّم إشارات عديدة في هذا السياق.
ويقول سعيّد إنه يفصل بين النظام والدولة وإنه لا يتدخل في خيارات الشعب السوري، وهو ما يعتبره مرزوقي "مغالطة كبيرة جدًا".
وفي حديث إلى "العربي" من تونس، يضيف مرزوقي: "نحن نعلم حجم المجازر والمذابح الذي يشهدها الشعب السوري منذ عقد".
ويلفت إلى أن قطع العلاقات مع النظام السوري كان في إطار توافق وطني في تونس، حينما لم يتعامل النظام مع مطالب شعبه.