ارتفع عدد القتلى المدنيين في السودان إلى 387 شخصًا منذ بدء الاشتباكات في البلاد بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف الشهر، حسبما أعلنت "نقابة أطباء السودان" اليوم الجمعة.
وقالت النقابة في بيان: إن "عدد القتلى المدنيين ارتفع إلى 387 شخصًا، فيما وصل عدد الإصابات إلى 1928 منذ بدء الاشتباكات"، فيما لا تشمل هذه الإحصائية أعداد القتلى والجرحى من العسكريين.
وأضافت النقابة: "68% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات (التي حصرتها النقابة) متوقفة عن الخدمة".
وأوضحت النقابة أن "59 مستشفى أساسي من أصل 86 في العاصمة (الخرطوم) والولايات، متوقفة عن الخدمة، بينما يعمل 25 مستشفى بشكل كامل أو جزئي".
وأشارت إلى أن المستشفيات المذكورة "مهددة بالإغلاق نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات والتيار الكهربائي".
وبيّنت النقابة أن "19 مستشفى تعرضت للإخلاء القسري"، فيما تم "قصف نحو 15 مستشفى آخر"، وفق البيان.
وذكرت أن "قوات عسكرية سيطرت على المعمل القومي للصحة العامة (استاك)"، فيما "تعرّض مستشفى الجنينة بدارفور وبنك الدم للنهب"، وفق البيان.
ولفتت إلى أن "قوات عسكرية اعتدت على 6 عربات إسعاف، ومنعت سيارات أخرى من نقل المرضى وإيصال الإمدادات الطبية"، دون الإشارة للجهة التي تتبع لها تلك القوات.
وفي سياق متصل، كشفت النقابة في تصريحات منفصلة عن "سقوط 74 قتيلًا على الأقل إثر الاشتباكات المسلحة في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، خلال يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين".
ولم تتمكن النقابة من رصد أعداد القتلى بعد يوم الثلاثاء، لافتة إلى أن "جميع مستشفيات مدينة الجنينة باتت خارج الخدمة".
استمرار "نزيف الدماء" في الجنينة
ولفت المكتب الإعلامي للنقابة في بيان على تويتر إلى استمرار "نزيف الدماء" في الجنينة.
وجاء في بيان صدر أمس أن الاشتباكات "طالت أجزاء واسعة من المدينة، مما أجبر السكان على مغادرة منازلهم".
وقالت النقابة: إن "القوات المهاجمة أحرقت مراكز الإيواء في الجنينة، ونهبت المستشفى التعليمي وسط عمليات نهب وحرق واسعة طالت الأسواق والمرافق الحكومية والصحية ومقرات منظمات طوعية وأممية والبنوك".
وأكد البيان أن الأحداث الدموية "لا تزال جارية في مدينة الجنينة، وخلفت عشرات القتلى".
مع بداية الهدنة الخامسة بين الأطراف المتنازعة.. عودة الهدوء "النسبي" إلى #الخرطوم والمنظمات المحلية والدولية تدعو إلى توفير المستلزمات الطبية اللازمة👇#السودان pic.twitter.com/jNY0dX89dB
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 28, 2023
ورغم توافق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ليلة 24 أبريل/ نيسان الجاري على هدنة إنسانية بوساطة أميركية، وتجديدها مرة أُخرى ليلة الخميس، إلا أن الاشتباكات بين الطرفين اندلعت مجددًا، صباح الجمعة.
ومنذ 15 أبريل/ نيسان، تشهد عدد من ولايات السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وفي 22 أبريل بدأت عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من السودان، وشرعت أكثر من 50 دولة بعمليات الإجلاء، إما برًا لا سيما عبر مصر وإثيوبيا، أو بحرًا عبر ميناء بورتسودان، أو جوًا.
ما أسباب الموافقة على الهدنة في السودان؟
وفي هذا الإطار، رأى الكاتب والصحافي مأمون عثمان أن موافقة طرفي الصراع على الهدنة، جاءت لأسباب إنسانية، بعدما عانى السودانيون من الصراع الدائر في البلاد، في ظل عجز المستشفيات عن تقديم الخدمات، بالإضافة لانتشار الجثث على كل الطرقات، بسبب عدم القدرة على الوصول إليها، مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى كوارث بيئية غير محسوبة.
واعتبر في حديث لـ"العربي" من استديوهات لوسيل، أن هناك رغبة من كلا الطرفين للجلوس على طاولة واحدة، وأن قوات الدعم السريع أبدت استعدادها للمفاوضات، حسبما أكد المستشار السياسي لهذه القوات يوسف عزت في تصريحات صحافية.
هيئات حكومية وآليات دولية تهدف إلى " سد الفجوة" و"إنهاء الخلافات" بين الأطراف السودانية.. تعرفوا إليها👇 pic.twitter.com/mxXZEk6c5H
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 28, 2023
وحول الحديث عن تعدد مراكز القرار داخل المؤسسة العسكرية، يقول عثمان: إن "هذا الأمر يوضح حاجة هذه القوات لإنهاء المعارك"، موضحًا أن التفاوض في هذه المرحلة يخضع لجملة من الاعتبارات أهمها، الضغط القوي جدًا على رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة بأن لا يبدأ أي عملية تفاوض.
ويضيف أنه في حال أعطيت قوات الدعم السريع ما وصفه بـ"ترياق الحياة"، فهذا يعني اعترافًا بدورها السياسي، علمًا أنها ليست حزًبا سياسيًا، إنما مكون عسكري.
وفيما أشار إلى أن البرهان ليس مكونًا سياسيًا أيضًا، يوضح عثمان أن رئيس مجلس السيادة السوداني هو المسؤول عن أمن البلد باعتباره رئيسًا بالواقع، مشيرًا إلى أنه ليس بمقدوره أن يمنح فصيلًا عسكريًا تمرد بموجب القانون على المؤسسة العسكرية غطاء سياسيًا.
ويبين أن مبادرة "إيغاد" مقبولة بالنسبة للعسكريين، مؤكدًا أن المنظمة لا تملك أجندة خاصة ومن مصلحتها أن تقر السلام في هذه المنطقة.