على مدى عقود، نهش عدد من الحيتان جسد الاقتصاد الجزائري واقتاتوا من عظامه حدّ التخمة، وذلك بأموال قُدرت بمئتي مليار دولار نُهبت من جيوب المواطنين خلال فترة حكم بوتفليقة.
فقد شيّدت مجموعة صغيرة من رجال الأعمال والمسؤولين إمبراطوريات مال وأعمال بلبنات من الفساد الممنهج والمُستتر بغطاء السياسة ورموز دولة بوتفليقة، قبل السقوط المدوي الذي انتهى ببعضهم وراء القضبان.
ولم تستطع الجزائر خلال تلك السنوات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، بل إن بلدَ المليون ونصف المليون شهيد بات يحتل المرتبة السابعة عشـرة بعد المئة عالميًا على سُـلّـم الفساد بحلول عام ألفين وواحد وعشرين، من أصل مئة وثمانين دولة مُـدرجة على قائمة منظمة الشفافية الدولية.
ولم يكن ذلك إلا تراكمات لمراحل مختلفة من الفساد، لا يُشبه بعضها البعض الآخر إلا في سرقة خيرات الجزائر، تحت قيادة الأباطرة: أولئك الذين أُطلق عليهم "مليارديرات الغفلة".
فمن هم هؤلاء، وكيف مهّد رجل الظل الطريق لصعودهم بسرعة البرق؟ إليكم نظرة على الفساد في الجزائر: البداية واللانهاية
بن بلّة والنظام الاشتراكي
في عام 1963، أصبح أحمد بن بلّة أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال. وسرعان ما رسّخ الرجل الذي قاد بلاده خلال حرب التحرير النظام الاشتراكي وقام بتأميم الأراضي والممتلكات، بما في ذلك المقاهي وقاعات السينما وغيرها من الممتلكات، التي تعود للاحتلال الفرنسي وعيّن لإدارتها موظفين حكوميين.
ويبدو أن ماسورة الفساد المالي والإداري قد فُتحت من هنا تحديدًا؛ إذ باتت الأراضي والممتلكات تُنقل بأساليب ملتوية لذوي النفوذ على حساب صغار الفلاحين والمزارعين والتجار.
وشهدت تلك الفترة أيضًا عمليات سرقة ظلّت حيثياتها غير مكتملة الوضوح حتى الآن، ولم يصل المؤرخون إلى حقائق قطعية عنها.
أبرز تلك السرقات كان اختلاس الودائع المالية لجبهة التحرير الوطني، والتي قُدّرت بـ43 مليون فرنك سويسري. وقد كانت تلك الودائع عبارة عن تبرعات مالية من دول أجنبية وعربية؛ هرّبها بعض مسؤولي الجبهة بين عامَي 1962 و1964 إلى البنك التجاري العربي في جنيف.
بومدين.. الثورة أو الثروة
قاد هواري بومدين، الذي كان اليدَ اليمنى للرئيس بن بلّة ووزير دفاعه انقلابًا عسكريًا عليه عام 1965، وأودعه السجن.
حينها، وصف ما حدث بـ"التصحیح الثوري"، ونصّب نفسه ثاني رؤساء الجزائر، في حين واصلت البلاد في عهده السير على النهج الاشتراكي.
عام 1971، أُعلن تأميم النفط والمحروقات. واحتكرت الدولة الأنشطة الخدماتية والتجارية الكبرى، وتبّنت استراتيجية تنموية تقوم على الثورة الصناعية التي من شأنها أن تُساهم في تطوير قطاعات أخرى على رأسها الزراعة.
لكن عملية التصنيع قامت على سياسة الاستثمارات الكبرى والمكلفة، التي اعتمدت على استيراد التكنولوجيا. كما لجأت الجزائر إلى الاعتماد على الشركات الأجنبية.
ولمّا واجه نظام بومدين الاشتراكي معارضة شديدة من العائلات الثرية في البلاد، منها عائلة قايد أحمد، وكذلك داخل مجلس الثورة، خيّر الرئيس الجزائري معارضيه بين الثورة والثروة. ومن هنا بدأت تتشكل الطبقات البورجوازية في المجتمع.
ثبّـت بومدين أركان حكمه بينما كان يقود سياسته الدولية عبد العزيز بوتفليقة، الذي شغل حينها منصب وزير الخارجية وكان يُشرف على ميزانية صناديق سفارات الخارجية.
وتلك الصناديق حُوّلت منها مبالغ إلى حساب بوتفليقة الخاص في سويسرا، في فضيحة اتُّهم على إثرها الرجل بسرقة الأموال العامة بعد وفاة بومدين عام 1978.
على الأثر، قرر الرئيس الجديد إزاحة بوتفليقة تدريجيًا عن المشهد السياسي، فعيّـنه في بادئ الأمر وزيرًا للدولة عام 1979، قبل مثوله أمام المجلس التأديبي لجبهة التحرير.
وهذا الأخير استبعد بوتقليقة من اللجنة المركزية، بعد اتهامه باختلاس 60 مليون فرنك ليقرر بوتفليقة الهرب في النهاية عام 1981، وعاش في المنفى مدة ست سنوات بين سويسرا والإمارات.
الثمانينيات وبداية توغّل الفساد
شهدت الجزائر تحولًا في سياستها الاقتصادية بعدما تولّى الرئيس الشاذلي بن جديد مقاليد الحكم. إذ تبنى الرئيس الجديد سياسة اقتصادية مناهضة للسياسات الاشتراكية، وألغى توجّه تأميم الأراضي وبادر بالانفتاح على القطاع الخاص.
كان عبد الحميد براهيمي رئيسًا للحكومة في تلك الفترة. وفيما تم العمل على خصخصة الشركات الحكومية الكبرى، ظهر حينها ما يُمكن تسميته بـ"زواج السلطة ورأس المال".
وفجّر رئيس الحكومة نفسه الذي أُقيل من منصبه عام 1988 فضيحة فساد مدوية تُعدّ الأكبر حينها؛ إذ اتّهم مسؤولين كبارًا في الدولة بسرقة 26 مليار دولار من عائدات النفط.
وفيما لم تتبع تلك الاتهامات تحقيقات جدية، امتنع براهيمي عن ذكر أسماء المتهمين، وفضّل المنفى الاختياري في بريطانيا. لكن كما يقول المثل الشعبي: "لا دخان من دون نار".
وكانت مظاهر الثراء على بعض المسؤولين في الدولة وعائلاتهم بدأت تظهر بالفعل خلال مرحلة حكم بن جديد.
وانسحب الأمر على العسكريين السابقين والمجاهدين المتقاعدين، الذي حصلوا على امتيازات كبرى من الدولة، إضافة إلى تسهيلات من البنوك الحكومية لإنشاء مشاريع تجارية متنوعة.
وقد كان الكثير من هؤلاء المجاهدين مزيفين، حيث بلغ الفساد حد التلاعب بأسماء وهويات قدامى المحاربين.
الفضيحة شهدتها الجزائر في عام 1992، بعدما فجّر القضية موظف سابق عمل في وزارتَي المجاهدين والعدل وعُرفت آنذاك بقضية "المجاهدين المزيفين".
فهؤلاء حصلوا على شهادات مزيفة تُثبت عضويتهم في جيش التحرير الوطني بين عامَي 1954 و1962، من أجل الحصول على مناصب مهمة في الدولة وامتيازات مادية واسعة.
وقدّم الموظف الذي فجر القضية للجزائريين نحو 520 ملفًا ثقيلًا يضم أسماء قضاة ومسؤولين متهمين، من بينهم أقارب للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
لكن وزير المجاهدين السابق محمد جغابة رفع قضية ضد الموظف ليتحوّل المبلّغ بين ليلة وضحاها إلى متهم بـ "نشر أسرار المهنة واختلاس وثائق سرية".
عصر بوتفليقة وهيمنة الأوليغارشيا
عاد عبد العزيز بوتفليقة من منفاه إلى الجزائر في عام 1987، بعد سنوات قضاها بعيدًا عن بلاده، مع ضمانات من الرئيس بن جديد بإسقاط تهم الفساد المالي عنه.
وفي عام 1989، شارك بوتفليقة في مؤتمر جبهة التحرير الوطني وانتُـخب عضوًا في اللجنة المركزية.
وبحلول عام 1991، نُظمت أول انتخابات تشريعية في الجزائر ففازت بها "الجبهة الإسلامية للإنقاذ". النتيجة رفَضها الجيش، وأُعلنت على إثرها حالة الطوارئ في البلاد بينما استقال بن جديد من منصبه عام 1992.
انتُخب بوتفليقة رئيسًا للجزائر في عام 1999، لتشهد البلاد مرحلة جديدة من الفساد عُرفت لاحقًا بـ "زمن الباندية"، بعدما أصبح نهب الثروات الوطنية شبه علني.
وقد شهدت الحقبة الجديدة تواطؤًا مباشرًا من مسؤولين كبار في الدولة. وبات الفساد أكثر هيكلة بطريقة تُشبه أنظمة المافيا يُديرها شقيق الرئيس، الذي سنكتشف دوره لاحقًا في تحريك اللاعبين على رقعة الشطرنج.
وبحلول الألفية الثالثة، كان الفساد قد بلغ مستويات قياسية وبدأ البركان الذي ظل يغلي لسنوات في الانفجار على وقع "فضيحة القرن" عام 2003.
عُدت هذه الأخيرة قضية الفساد الأكبر في تاريخ الجزائر، وكان بطلها بنك خليفة ومالكه عبد المؤمن خليفة رجل الأعمال الذي كان صعوده في عالم المال والأعمال مفاجئًا ومدويًا، ووُصفت قصتُـه بـ"أغربِ قصة ثراء في تاريخ الجزائر".
- نهاية الفتى الذهبي
تعود قصة عبد المؤمن خليفة، الذي يصفه الإعلام الجزائري بـ "ملياردير الورق" و"الفتى الذهبي"، إلى سنوات التسعينيات حين كان يعمل في صيدلية ورثها عن والده، قبل أن يُؤسس شركة للأدوية تحت اسم (KRG PHARMA)، إثر حصوله على رخصة لاستيراد الأدوية ولم يكن قد تجاوز الثلاثين من عمره.
جنى الرجل من خلال الشركة أموالًا طائلة، لكنه أوقف نشاطها فجأة في منتصف التسعينيات ليُؤسس مصرفًا أطلق عليه اسم بنك خليفة.
والمصرف كان واجهة لتمويل مشاريع خليفة المختلفة؛ ومنها أول شركة طيران خاصة في البلاد حصل على ترخيصها بسرعة البرق.
كما أسّس قناة تلفزيون خليفة التي انطلقت من فرنسا عام 2002، وأخرى إخبارية في العاصمة البريطانية لندن.
وامتدت أذرع خليفة وأمواله في ذلك الوقت أيضًا للنوادي الفرنسية. فبعد دعمه فريق "أولمبيك مارسليا" لكرة القدم، دعم نادي "الرغبي" لبلدية باغل وهي منطقة محاذية لبلدية بيان، التي كان يرأسها مامير نويل الذي شن هجومًا عنيفًا على الشركة وصاحبها مـشككًا في مصدر أموالها.
وفيما كانت ثروة خليفة ترتفع بشكل جنوني، ازداد نفوذه داخل البلاد قبل أن تتفطّن الهيئات الرقابية للثغرات المالية التي كُشفت بعد توقيف 3 مسؤولين في أثناء محاولة تهريب مبلغ ضخم من العملة الصعبة.
على الأثر، بدأت خيوط القضية تبرز شيئًا فشيئًا حتى انكشفت أكبر قضية فساد في الجزائر؛ كان مضمونها أن بنك خليفة وزّع أموال المؤسسات العمومية والخاصة المودعة في بنكه على أصدقائه وشخصيات عامة وسياسية وفنانين مشاهير.
فوصل نتيجة لذلك حجم الخسائر المالية إلى 1.8 مليار دولار، بحسب تصريحات الحكومة، بينما تُرجّح تقارير أنها بلغت أكثر من 17 مليار دولار.
وبعدما نجح "الفتى الذهبي" بالفرار إلى لندن، قامت السلطات البريطانية بتسليمه في عام 2013.
- سوناطراك ومليارات الغاز المنهوبة
جرّت قضية خليفة، التي عُدت أول الغيث، عشرات القضايا المشابهة معها، فأُخرجت ملفات فساد ظلت في الأدراج لسنوات على رأسها قضية شركة النفط سوناطراك.
وهذه الأخيرة التي تـعد من جانبها المصدر الأول لتمويل الخزينة العمومية في الجزائر، انفجرت داخلها فضيحة فساد مدوية عام 2012.
وقد جاء ذلك بعدما كشف محققون من النيابة العامة لمدينة ميلانو الإيطالية تلقي مسؤولين جزائريين في سوناطراك ووسطاء آخرين رِشىً بقيمة مئتَي مليون دولار من شركة سيبم (SAIPEM) الإيطالية عام 2007، مقابل الحصول على ثلاثة عقود.
إلى ذلك، شكلت شركة سوناطراك مسرحًا لعملية فساد أخرى بطلها هذه المرة وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل.
خليل اتُهم مع عدد من مساعديه في عقد صفقة مشبوهة مع شركة "إيني" الإيطالية وفرعها "سيبم" بتلقيهم رشى وعمولات تُقدر بنحو 198 مليون يورو، مقابل تسهيلات في منح الشركة الإيطالية عقودًا قيمتها ثمانية مليارات يورو.
وبينما أصدر القضاء الجزائري مذكرة توقيف لخليل في العام 2013، لجأ الرجل إلى الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى الجزائر عام 2016 إثر إسقاط التهم عنه.
- حداد وطرق المليارات الملتوية
هزّت الجزائر أيضًا قضية "طريق السيار شرق غرب" وهو مشروع انطلق عام 2006 بقيمة أولية تجاوزت 6 مليارات دولار.
المشروع كان يُفترض أن ينتهي بعد أربع سنوات، لكنه استغرق سنوات كثيرة ولم يكتمل وارتفعت كلفته إلى أكثر من 16 مليار دولار، بحسب التقديرات.
وعُد علي حداد، أحد أغنى رجال الجزائر، بطلُ هذه القضية، وهو الرجل الذي كان مقاولًا بسيطًا ثم تحوّل إلى ملياردير وأصبح رئيس أكبر تكتل لرجال الأعمال في البلاد.
وكان حداد اقتحم عالم المال والأعمال بعد عودته من فرنسا التي انتقل إليها لمواصلة الدراسة. وأنشأ مع إخوته عام 1988 أول شركة له في مجال البناء والأشغال العمومية، قبل أن يستحوذ على فندق "لو مارين" في مسقط رأسه بمنطقة أزفون بولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائرية.
وبحلول عام 1993، حصلت شركتـه على أول صفقة، ثم انهالت عليه المشاريع، لتتحول الشركة إلى إمبراطورية تملك صحيفة تصدر باللغتين العربية والفرنسية، إضافة إلى قناتين تلفزيونيتين.
والرجل اقتحم أيضًا عالم الرياضة واشترى أحد أكبر أندية الجزائر، وهو "اتحاد العاصمة". وكذلك امتدت استثماراته إلى قطاع الصحة، فكان عقد شراكة مع الشركة الأميركية العملاقة "فاريان ميديكال سيستم،" فضلًا عن امتلاكه التوكيل الحصري في الجزائر لسيارات "تويوتا" اليابانية.
لكنّ صفقة "الطريق السيار"، جعلت حداد أحد أشهر رجال الأعمال في الجزائر، في حين لم يُخفِ عن أحد علاقته الوثيقة بالمسؤولين والوزراء في البلاد، على رأسهم السعيّد بوتفليقة شقيق رئيس البلاد.
وفي عام 2017، كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أنّ حداد الذي قُدرت ثروتُـه حينها بنحو مليارَي دولار، ورد اسمـه في تسريبات وثائق بنما، وقالت إنه لجأ إلى مكتب المحماة الشهير "موساك فونسيكا" لإنشاء شركة وهمية باسم "كنغستون غروب كوربورايشن".
ولم يُكشف كثير من تفاصيل تلك القضايا، إلا مع اندلاع الاحتجاجات في عام 2019.
- طحكوت.. من بائع خضار إلى ملياردير
كان مفاجئًا أيضًا صعود محيي الدين طحكوت في عالم المال والأعمال في الجزائر، وهو الرجل الذي تحوّل من بائع في سوق الخضار إلى ملياردير وقطب النقل العام في الجزائر.
تعود قصة طحكوت إلى السبعينيات، حين بدأ العمل في سن مبكرة كبائع في سوق الخضروات، لكن حياته شهدت صعودًا مدويًا.
طحكوت تنتقل بين مهن مختلفة قبل أن يؤسّس شركة للنقل العام أواخر الثمانينيات دون معرفة مصدر ثروته المفاجئة.
وبدأت شركته حينها بشراء 4 حافلات قديمة وتشغيلها للنقل بين بلدته الرغاية والجزائر العاصمة، ليسطع بعد ذلك نجمه في سماء المال والأعمال بسرعة البرق.
فالشركة توسعت إثر حصولها على عقود لتقديم خدمات النقل الجامعي، قبل أن تسيطر لاحقًا على النقل الجامعي في معظم ولايات الجزائر.
وفي عام 2009، حاول طحكوت التوسّع في أعماله والدخول إلى قطاع النقل الجوي بمساهمته في رأس مال شركة "سلام تور"، التي تتولى تمثيل شركة "إير مديتيرينيان" الفرنسية في الجزائر.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فتضخم ثروة طحكوت إلى نحو ملياري دولار زاد من نهمه لتمتد إمبراطوريته إلى تجارة السيارات، بعدما حصلت شركته على امتياز شركة هيونداي الكورية الجنوبية.
وتضمّنت الصفقة تأسيس مصنع سيارات في الجزائر لإنتاج 25 ألف سيارة هيونداي سنويًا، ليرتفع هذا الإنتاج بعد السنوات الثلاث الأولى إلى 100 ألف سيارة.
وبدلًا من إنتاج السيارات داخل البلاد، تحول الأمر إلى استيراد سيارات مركبة بشكل شبه كامل وتسجيلها باعتبارها أُنتجت داخل الجزائر، وبذلك تستفيد الشركة المالكة للمصنع من تسهيلات ضريبية قبل أن تُكشف حيلة طحكوت في عام 2017.
كان ذلك قبل عامين من اندلاع الاحتجاجات في الجزائر، التي ذهبت بطحكوت وعدد من حيتان الفساد في الجزائر إلى المحاكم.
انهيار بيت العنكبوت
اندلعت الاحتجاجات في الجزائر في عام 2019، واستقال على إثرها بوتفليقة ليبدأ القضاء في ملاحقة المتهمين بقضايا الفساد.
في العام نفسـه، قُبض على طحكوت واتُهم بالفساد وغسل الأموال، كما اتهم نحو 55 فردًا من عائلته ومسؤولين في شركاته، ليحكم عليه بالسـجن 14 عامًا.
بموازاة ذلك، فُتحت قضية الطريق السيار التي حُـكم فيها على وزير النقل عمار غول بالسجن 10 سنوات.
كما فُتحت قضايا الفساد في سوناطراك، ليحكم على وزير الطاقة السابق شكيب خليل، بالسـجن عشرين عامًا، وأيضًا على مدير الشركة السابق مزيان بـ 5 سنوات، في حين تم تثبيت الحكم على عبد المؤمن في قضية "بنك خليفة" بالسـجن 18 عامًا.
وقد جاءت الأحكام ضمن محاولات الدولة لتصحيح مسار العدالة ومحاربة الفساد.
رجل الظل والمليارات المنهوبة
من جانبه، جاء سقوط شقيق الرئيس الجزائري السابق ومستشاره ورجل الظل الذي هيكل بنية الفساد في الجزائر، مدويًا في إطار حملة مكافحة الفساد التي أعقبت الاحتجاجات.
فالسلطات الجزائرية عثرت بعدما دهمت منزل السعيّد بوتقليفة على ملفات إدارية تتضمن عقود صفقات لرجال أعمال بارزين، فضلًا عن فحص هاتفه الشخصي الذي كشف عن وجود أكثر من 4352 اتصالًا هاتفيًا مع أعضاء الكارتيل المالي.
وقد جاء على رأس هؤلاء محي الدين طحكوت وعلي حداد والإخوة كونيناف، ما يؤكد وجود علاقة وثيقة بينهم.
واستعادت السلطات الجزائرية مؤخرًا أموالًا وأصولًا منهوبة في زمن حكم بوتفليقة بقيمة 20 مليار دولار.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، صرّح قبل فترة بالقول: "ولتتخيلوا حجم الفساد.. عليكم أن تعلموا أن المبلغ نفسه تقريبًا عُثر عليه في منزل عائلة واحدة أخيرًا ولكم أن تتخيلوا البقية".
وقال إن "عائلة واحدة عندها 500 ألف مليار، تصوّروا يعني الباقي. لا نقول عفى الله عما سلف نُحاسب عمّا سلف. نحن اليوم مجندون لمحاربة هذا الفساد وما تبقى من هذا الفساد وما تبقى من الفاسدين".