حذّرت أكثر من 150 شركة كبرى، من أن خطط الاتحاد الأوروبي لتنظيم تقنية الذكاء الاصطناعي قد تضرّ بالقدرة التنافسية لأوروبا من دون أن تقدّم حلولًا كافية لمواجهة التحديات.
وكانت الدعوات تزايدت في الآونة الأخيرة لوضع ضوابط تنظيمية منذ الانتشار الكبير الذي حققته برمجيات للذكاء الاصطناعي؛ بينها خصوصًا "تشات جي بي تي" المطوّرة من شركة "أوبن إيه آي"، مع ما أظهره ذلك من إمكانات مذهلة ترافقت أيضًا مع مخاطر محتملة كبيرة.
قواعد ضابطة
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أيّد البرلمان الأوروبي مشروع قانون سيكون الأساس لأوّل قواعد شاملة لضبط تقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم.
ويتضمن القانون المقترح أحكامًا محدّدة لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل "تشات جي بي تي" و"دال-إي"، القادرة على إنتاج النصوص والصور والوسائط الأخرى.
وسيتفاوض البرلمان والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة بشأن هذه القواعد قبل الموافقة عليها. ويسعى الاتحاد إلى التوصل لاتفاق في هذا الإطار بحلول نهاية العام الحالي.
وتنص القواعد على وجوب الإعلان صراحة عن أي محتوى تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. كما تفرض حظرًا على بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي، بينها تلك المرتبطة بالتعرف على الوجه في الوقت الفعلي.
"فجوة إنتاجية حرجة"
إلى ذلك، قال مسؤولون في شركات كبرى، بينها "إيرباص" الأوروبية و"بيجو" و"رينو" الفرنسيتان و"سيمنز" الألمانية و"ميتا" الأميركية المالكة لـ"فيسبوك"، في رسالة مفتوحة وجهوها إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي: "في تقييمنا، سيعرّض مشروع القانون القدرة التنافسية لأوروبا وسيادتها التكنولوجية للخطر، من دون معالجة فعّالة للتحديات الحالية والمستقبلية".
وحذّر الموقّعون على الرسالة من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيخضع بموجب القانون المقترح "لرقابة شديدة"، وأنّ مثل هذا التنظيم يمكن أن يدفع "بشركات تتمتع بحس ابتكاري قوي" إلى نقل أنشطتها إلى الخارج، فضلًا عن سحب المستثمرين رؤوس أموالهم من أوروبا.
وأضافت الرسالة أن "النتيجة ستكون فجوة إنتاجية حرجة بين ضفتَي المحيط الأطلسي".
وأشار دراغوس تودوراتش، وهو أحد أعضاء البرلمان الأوروبي الذين قادوا التشريع من خلال البرلمان، إلى قناعته بأن الموقّعين على الرسالة "لم يقرأوا النص بعناية"، مضيفًا أن "الاقتراحات الملموسة" الواردة في الرسالة قد تم تضمينها بالفعل في النص.
وأردف: "إنه لأمر مؤسف أن مجموعة ضغط عدوانية ومضللة لقلّة من الناس تجرّ معها شركات جادة أخرى".
ولفت إلى أن الشكوى "تقوّض ريادة أوروبا التي لا يمكن إنكارها في هذا الملف على المسرح العالمي".
ومنذ أن أصبح لتطبيق "تشات جي بي تي" شعبية جارفة، صدرت عدة خطابات مفتوحة تنادي بوضع لوائح تنظيمية للذكاء الاصطناعي والتوعية "بخطر الانقراض نتيجة للذكاء الصناعي".
وكان من بين الموقّعين على خطابات سابقة إيلون ماسك، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، بالإضافة إلى جيفري هينتون ويوشوا بينجيو، وهما من بين ثلاثة أشخاص يُطلق عليهم "الآباء الروحيون للذكاء الاصطناعي".
أما الثالث وهو يان لوكان الذي يعمل في ميتا، فقد وقّع على خطاب اليوم الجمعة الذي يعارض اللوائح التنظيمية للاتحاد الأوروبي.
وكان أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة جنوب كاليفورنيا د. وائل عبد المجيد تحدث عبر "العربي" عن ثلاثة مخاطر كبرى تهدد البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي.
وذكر أن هذه المخاطر تتمحور حول ارتفاع نسبة انتشار الأخبار الزائفة، وزيادة مستوى التمييز العنصري والجنسي والديني.
ولفت كذلك إلى المخاطر على حقوق الملكية الفكرية، لأن الذكاء الاصطناعي قادر على سرقة المعلومات والصور ونسبها إليه.