منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، رفعت الحكومة الإسرائيلية وقادة مجلس الحرب راية الحرب مع خريطة طريق تشير إلى "تدمير حركة حماس" واغتيال قادة المقاومة في القطاع واستعادة الأسرى.
لكن مع اقتراب العدوان من دخول شهره الخامس، يبدو أن الاحتلال لم يحقق أي شيء من أهدافه سوى المزيد من قتل المدنيين الفلسطينيين.
ومع استمرار أيام الحرب والقتل وحصاد الفشل العسكري والاستخباري، بدأت خريطة طريق الحرب تهتز، ومن بدوا موحدين في بداية العدوان ظهر من مواقفهم أن "القلوب شتى"، والاختلاف واضح.
في إسرائيل تدور الأسئلة حول الأهم: "إسقاط حماس؟ أم استعادة الأسرى؟ أم كلاهما؟ وبم يبدأ الاحتلال؟ وما هي أولوياته؟ عودة الأسرى حتى لو كان الثمن وقف الحرب؟ أم إن القضاء على "حماس" أولوية حتى لو كان ثمنه مقتل الإسرائيليين الأسرى.
ولهذه الأسئلة إجابات كثيرة ومتشعبة ومثيرة للاختلاف داخل مجتمع السياسة والعسكر في تل أبيب، وحتى في الشارع الإسرائيلي.
احتجاجات متواصلة لأهالي الأسرى
وفي هذا الشارع الإسرائيلي، تحتج عائلات الأسرى في غزة للمطالبة باستعادة أبنائهم واستقالة نتنياهو، لكن تصريح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أثار غضبهم وأشعل جدلًا بعد أن قال إن إسقاط "حماس" أهم من حياة الأسرى الإسرائيليين.
ووصف زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتشدد في مقابلة صحافية، الدعوات لإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة بأي ثمن بأنها "تصريحات غير مسؤولة وغير صحيحة".
وبعد وقت قصير من بث المقابلة، نشر مكتب نتنياهو بيانًا يكرر موقف سموتريتش، ويقول فيه: "توجد ضغوط كبيرة على إسرائيل من الداخل والخارج لوقف الحرب قبل أن نحقق كل أهدافنا، ومنها اتفاق لإطلاق سراح الرهائن بأي ثمن".
ويضيف: "نحن لسنا على استعداد لدفع أي ثمن، وبالتأكيد لن ندفع التكلفة الوهمية التي تطالبنا بها حماس، والتي ستعني الهزيمة لإسرائيل".
ولم يرق تصريح سموتريش وموافقة نتنياهو عليه، للوزير في المجلس الوزاري الحربي بيني غانتس، ورد على سموتريتش قائلًا: إن إعادة رهائننا ليست هدفًا في حربنا فحسب، بل هي التزام أخلاقي لنا، ولن نفوت أي فرصة لإعادتهم"، على حد تعبيره.
"وصمة عار أخلاقية"
بدوره، قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن "هجوم سموتريتش على عائلات الأسرى هو وصمة عار أخلاقية"، مضيفًا: "لا يمكن لأشخاص بلا قلب أن يستمروا في قيادة إسرائيل إلى الهاوية".
ثم خاطب لابيد سموتريتش بالقول: "في عهدك وفي عهد نتنياهو، قتل ألف ومئتان إسرائيلي، وفي عهدك اختطف إسرائيليون، وأنت مسؤول عن مصيرهم، من دون عودة المختطفين لن تنتصر إسرائيل"، وفق تعبيره.
أما زعيمة حزب "العمل" المعارض ميراف ميخائيلي، فقد قالت إن سموتريتش وحكومته لا يهتمان بعودة الأسرى الإسرائيليين. وأردفت: "سوف يتخلون عن الجميع لصالح الاعتناء بأنفسهم".
وكان لتصريح سموتريتش وقع الصاعقة على عائلات 134 أسيرًا إسرائيليًا في غزة، بحسب القناة الثانية عشرة الإسرائيلية؛ فقد خرج بعض أفراد عائلات الأسرى في وقفة احتجاجية قبالة مقر وزارة الأمن الإسرائيلية في تل أبيب للاحتجاج على تصريحات سموتريتش.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن إيلي إلباغ وهو والد المجندة الأسيرة بغزة "ليري" كلمات وصفتها بالقاسية، وربما تختصر موقف عائلات الأسرى منه، عندما قال: "عزيزي السيد سموتريتش، عليك أن تخجل من نفسك، عار أن يكون لدي مثل هذا القائد في إسرائيل، أنت شخص ضئيل وصغير ومثير للاشمئزاز".