ندّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأربعاء، بتسليم الغرب لأوكرانيا أسلحة بعيدة المدى، متوعدًا في الوقت ذاته بتوفير موسكو أسلحة مماثلة لدول ثالثة بغية مهاجمة أهداف غربية.
تصريحات بوتين جاءت خلال لقائه مندوبي وكالات أنباء أجنبية، بعدما أعلنت دول غربية عدة بينها الولايات المتحدة موافقتها على شن أوكرانيا ضربات في روسيا، في خطوة وصفتها موسكو بأنها "سوء تقدير خطير".
"طموحات إمبريالية"
وقال بوتين: "إذا كان أحد يعتقد أنه يمكن تقديم أسلحة مماثلة في منطقة المعارك لضرب أراضينا، لماذا لا يكون لنا الحق في إرسال أسلحتنا من الطراز نفسه إلى مناطق في العالم توجه فيها ضربات إلى منشآت حساسة تابعة للدول التي تتحرك ضد روسيا؟".
وإذ أشار إلى أن الرد "يمكن أن يكون غير متكافئ"، لفت إلى أن روسيا "ستفكر في الأمر". لكن بوتين وصف بـ"الهراء" الأحاديث التي تشير إلى وجود نوايا روسية لمهاجمة دول حلف شمال الأطلسي.
وقال: "لا تبحثوا عمّا هو غير موجود، لا تبحثوا عن طموحات إمبريالية لدينا إذ لا وجود لها". وحذّر من أن تسليح الغرب لأوكرانيا "خطوة سلبية جدًا"، معتبرًا أن المانحين "يتحكّمون" بالأسلحة.
وأشار بوتين خصوصًا إلى ألمانيا، مؤكدًا أنه "حين ظهرت أولى الدبابات الألمانية على التراب الاوكراني، أثار ذلك صدمة معنوية وأخلاقية في روسيا" انطلاقًا من الماضي المتصل بالحرب العالمية الثانية.
الإبادة في غزة
واتهم بوتين إسرائيل بأنها تنفذ "إبادة شاملة" ضد المدنيين في قطاع غزة، وقال بوتين إن "ما يحدث الآن في غزة، لا يشبه الحرب أبدًا، بل هو نوع من الإبادة الشاملة للمدنيين".
وكرر الرئيس الروسي موقف روسيا من القضية الفلسطينية الداعم لحل الدولتين، دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، مشيرًا إلى أن موسكو اعترفت بالدولة الفلسطينية خلال الحقبة السوفيتية.
وشدد بوتين خلال اللقاء على أن بلاده ليست من "أشعل الحرب في أوكرانيا"، محملًا كييف المسؤولية بسبب الثورة التي حملت موالين للغرب إلى السلطة في 2014، ولاحقًا قيام موسكو بضم شبه جزيرة القرم وقيام تمرد انفصالي رعته روسيا.
وقال: "الجميع يعتقدون أن روسيا اشعلت الحرب في أوكرانيا. أريد التشديد على أن لا أحد في الغرب، في أوروبا، يريد أن يتذكر كيفية بدء هذه المأساة".
ورفض الرئيس الروسي تحديد خسائر بلاده في أوكرانيا، مكتفيًا بالتأكيد أنها "أدنى إلى حد بعيد" من الخسائر الأوكرانية، ونسبتها هي "واحد على خمسة". وقال: "إذا كنا نتحدث عن خسائر لا يمكن تعويضها (قتلى) فإن النسبة هي واحد على خمسة" مقارنة بالخسائر التي تكبدها الجانب الأوكراني.
الانتخابات الأميركية
ولدى سؤاله عمّا يمكن أن يعنيه فوز أي من المرشحين للرئاسة في الولايات المتحدة بالنسبة إلى العلاقات الأميركية الروسية، رد بوتين قائلًا: "في المجمل، ليس هناك فرق". وأضاف: "لا نعتقد أنه بعد الانتخابات، سيتغير شيء ما حيال روسيا وفي السياسة الأميركية".
ورأى بوتين أيضًا أن المتاعب القضائية لدونالد ترمب الذي أدين جنائيًا، هي نتيجة "تجاذب سياسي داخلي" بين الديمقراطيين والجمهوريين قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني. واعتبر أن "قيادتهم المزعومة في مجال الديمقراطية تحرق من جذورها".
وقال الرئيس الروسي: إن روسيا والولايات المتحدة على "تواصل مستمر" بشأن صفقة تبادل محتملة من شأنها أن تفضي إلى إطلاق سراح الصحافي الأميركي المسجون إيفان غيرشكوفيتش الذي اعتقل بتهمة التجسس العام الماضي.
حريق المصفاة
وجاءت تصريحات بوتين يوم أمس، قبل أن يؤدي هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية إلى اندلاع حريق في مصفاة لتكرير النفط في جنوب روسيا، ما أجبرها على وقف عملياتها، وفق ما أفاد حاكم إقليمي روسي صباح اليوم الخميس، مضيفًا أنه لم تقع إصابات.
وهرع العشرات من رجال الطوارئ لإخماد النيران في مصفاة نوفوشاختينسك في منطقة روستوف أون دون، وفق الحاكم فاسيلي غولوبيفن الذي كتب على تلغرام: "بعد غارة بطائرة مسيّرة، اندلع حريق في مصفاة نوفوشاختينسك"، مضيفًا أن "العمل توقف بسبب الهجمات المتكررة، حيث تم سحب العاملين إلى مسافة آمنة".
وأوضح الحاكم لاحقًا أنه "تم تحديد موقع" الحريق في مساحة تبلغ نحو 100 متر مربع، ولم يتم الإبلاغ عن مقتل أو إصابة أحد.
وتُعتبر مصفاة نوفوشاختينسك في منطقة روستوف أون دون، إحدى أهم مصافي النفط في جنوب روسيا، لكن موقعها على بعد 10 كيلومترات من الحدود الأوكرانية يجعلها دائمًا عرضة لهجمات أوكرانية.
وتوجّه ممثلون عن وزارة حالات الطوارئ الروسية ومكتب الطوارئ الإقليمي إلى موقع الحريق، بحسب غولوبيف.
وقال فياتشيسلاف غلادكوف حاكم منطقة بيلغورود: إن غارة أخرى بطائرة مسيّرة دمرت خلال الليل خزان نفط في ستاري أوسكول، شمال الحدود الأوكرانية. وأضاف أنه تم "إطفاء الحريق بسرعة" دون تسجيل إصابات.