أعلنت وزارة الداخلية في إيران إجراء جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية في الخامس من يوليو/ تموز المقبل، في ظل عدم حصول المرشّحين الرئيسين الإصلاحي مسعود بزشكيان والمحافظ سعيد جليلي على 50% من الأصوات المطلوبة للفوز بمنصب الرئاسة في البلاد.
وبلغت نسبة التصويت في الجولة الأولى من السباق الرئاسي، 40% في أدنى مستوى لها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران.
وفي رسالة مصورة، دعا بزشكيان أنصاره إلى التوجه لصناديق الاقتراع الأسبوع المقبل "بهدف إنقاذ البلاد من الفقر والأكاذيب والتمييز والظلم".
من جهته، أعلن رئيس مجلس الشورى المحافظ محمد باقر قاليباف دعمه لجليلي بعدما حل ثالثًا في السباق الانتخابي بحصوله على 13,8 بالمئة من الأصوات.
وتأتي الانتخابات في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتوتر على الحدود اللبنانية، بالإضافة إلى تزايد الضغوط الغربية على إيران بسبب برنامجها النووي سريع التطور.
تقليد جديد في السياسة الإيرانية
وفي هذا الإطار، أوضح عباس أصلاني المحاضر والباحث في السياسة الخارجية الإيرانية، أنّ تدنّي نسبة التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات كان مفاجئًا جدًا، ويؤسس لتقليد جديد في السياسة المحلية.
وقال أصلاني في حديث إلى "التلفزيون العربي" من طهران، إنّ تقدّم المرشّح الإصلاحي بزشكيان عَكَس العادة التي طغت خلال السنوات الماضية بأنّه عندما تكون نسب التصويت متدنية فإن المحافظين هم من يفوزون من الجولة الأولى.
ورجّح أن المرشّح الإصلاحي استطاع جذب أصوات من معسكر المحافظين.
وأضاف أنّ الإقبال الضعيف غير المسبوق ناجم عن أنّ الانتخابات جاءت مبكرة ولم يكن هناك وقت للتحضير لها، ناهيك عن عدم شعور البعض بالتحسّن في الحياة اليومية، فضلًا عن تجاهل دور الشباب في الحياة السياسية.
موقف أميركي أكثر تشدّدًا في ظل ولاية ترمب
بدورها، رأت كارولين روز رئيسة معهد "نيولاينز" للإستراتيجيات والسياسات، أنّ الولايات المتحدة تعتقد أنّه بغضّ النظر عن نتائج الانتخابات الإيرانية، فإنّ السياسة الخارجية للحرس الثوري لن تتغيّر على نحو جذري، لا سيما في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقالت روز في حديث إلى "التلفزيون العربي" من نيويورك، إنّ إيران تُحاول الضغط على الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، فإذا ما وصل دونالد ترمب إلى سدّة الرئاسة في الولايات المتحدة، فإنّه سينتهج موقفًا متشددًا تجاه طهران والحرس الثوري، مقابل دعم إسرائيل.
ورجّحت أن يكون هناك تصعيد إضافي بين إيران ووكلائها في المنطقة من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى.
ورأت أنّ إدارة ترمب ستتصدّى للتصعيد بشكل مختلف وأكثر جرأة وتشدّدًا عمّا هو الحال عليه في ظل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، وخاصة فيما يتعلّق بإسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو.
توجّس عربي من سياسة طهران الخارجية
من جهته، أشار الدكتور حسن البراري أستاذ العلاقات الدولية، إلى أنّ الدول العربية تعاملت مع رؤساء من المحافظين والإصلاحيين الذين نسجوا علاقات قائمة على الصدامات في كثير من الأحيان مع الدول العربية الرئيسية.
وقال البراري في حديث إلى "التلفزيون العربي" من عمان، إنّ بعض الدول العربية تتوجّس من السياسة الخارجية الإيرانية التي لا يرسمها الرئيس الإيراني لوحده بل الكلمة الفصل فيها هي للمرشد الأعلى علي خامنئي.
وأضاف أنّ الدول العربية تنظر إلى التغيير في إيران من ناحية الأسلوب لا الأشخاص، معتبرًا أنّ طهران ما زالت تلعب على التناقضات داخل المنظومة العربية ومنحازة لبعض القضايا على غرار الموقف من سوريا والبحرين ومصر ولبنان.
وأكد أنّه حتى الآن لم تدخل طهران في حوار إستراتيجي مع العمق العربي للوصول إلى رؤية مشتركة للإقليم الذي تعتبره طهران في الجيب الأميركي.