فرّت مئات العائلات بشكل عاجل ليل الجمعة السبت من الضاحية الجنوبية لبيروت، على وقع غارات إسرائيلية متتالية وسط تهديدات وإنذارات إسرائيلية بإخلاء مناطق عدة.
وجاءت الغارات ليلًا بعد ضربات عنيفة استهدفت بعد ظهر الجمعة بحسب الجيش الإسرائيلي، "المقر المركزي" لحزب الله وأثارت بلبلة حول مصير الأمين العام للحزب حسن نصر الله، بعد ورود أنباء من وسائل إعلام إسرائيلية بأنه المُستهدف.
وبعد توجيه الجيش الإسرائيلي إنذارًا لسكان بعض أحياء الضاحية بالإخلاء، شهدت العديد من شوارع بيروت، زحمة سير في توقيت غالبًا ما تكون فيه فارغة تمامًا ومظلمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
نزوح إلى الساحات والمدارس والملاعب
وفي حين كان الجيش الإسرائيلي يشنّ غارات عنيفة متتالية أضاءت سماء الضاحية الجنوبية، تجمّع رجال ونساء وأطفال في ساحة الشهداء في وسط العاصمة وكذلك على كورنيش عين المريسة في الواجهة البحرية لبيروت، حيث افترشوا الأرض، وقد ارتسم القلق على وجوههم.
وقال رضوان مسلم وهو سوري لجأ قبل سنوات من حلب (شمال) إلى حي الليلكي في الضاحية الجنوبية، إحدى المناطق التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية لفرانس برس: "كنا في المنزل وجاءنا تبليغ بضرورة إخلاء الليلكي تمهيدًا لقصفها. أخذنا الأغراض اللازمة وحقائبنا مع هوياتنا وخرجنا". وأكد الوالد لستة أبناء، أكبرهم 17 عامًا وأصغرهم 3 سنوات: "لا مكان لنا نبقى فيه والعودة للعيش في سوريا صعبة للغاية".
ولجأ المواطنون لمواقع التواصل الاجتماعي للسؤال عن مراكز أو مدارس تؤوي النازحين، فيما تداعت بعض الجوامع والكنائس لفتح أبوابها، كذلك شرع نادي النجمة لكرة القدم بفتح ملعبه الكائن في محلة المنارة البحرية بالعاصمة، أمام حشود النازحين وسرعان ما أعلن عن امتلاء طاقته الاستيعابية، وطالب الجماهير عبر مواقع التواصل، تقديم المساعدات من أغطية وطعام للعدد الكبير من النازحين.
وبرزت المأساة المتضاعفة في نداءات الاستغاثة التي وجهها العالقون وسط النيران في الضاحية، على مواقع التواصل، لاسيما الذين لا يملكون وسيلة نقل، فيما قام العديد من الناشطين بالمساعدة في تعميم أسماء مفقودين، وعالقين، وحتى طلب المساعدة لأسماء من ذوي الاحتياجات الخاصة.
"ادعاءات كاذبة"
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن قبيل منتصف الليل بالتوقيت المحلي، أنه سيقصف ثلاثة مبان في ضاحية بيروت الجنوبية اتهم حزب الله بتخزين أسلحة فيها، وأمر السكان بإخلائها. ولاحقًا نفى حزب الله وجود مخازن أسلحة في مبان سكنية، واصفًا ادعاءات إسرائيل بالكاذبة، كما أن الغارة الأولى حول ما قال الاحتلال إنها "ثلاثة مباني" استهدفت أكثر من العدد المعلن، واستبقت حركة الإخلاء.
ووضعت غرفة إدارة الأزمات والكوارث في محافظة بيروت أمام المواطنين الذين نزحوا الى مدينة بيروت، والمتواجدين في الشوارع والساحات العامة، أرقام هاتف وطالبت منهم الاتصال لتأمين مراكز إيواء لهم فورًا، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.
وأسفرت الغارات العنيفة التي نفّذتها إسرائيل بعد ظهر الجمعة عن ستة شهداء على الأقلّ و91 جريحًا، بحسب حصيلة غير نهائية لوزارة الصحة اللبنانية، في حين كانت فرق الإغاثة لا تزال تبحث بين الأنقاض على وقع غارات على محيطها.
ومنذ الاثنين، يشن الجيش الإسرائيلي "أعنف وأوسع" هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات قبل نحو عام، أسفر حتى صباح الجمعة عن 726 شهيدًا بينهم أطفال ونساء، و2173 جريحًا، وفق بيانات السلطات اللبنانية.
وبلغ عدد النازحين المسجلين في مراكز الإيواء المعتمدة من قبل غرفة العمليات الوطنية في لبنان حتى مساء الجمعة، 86 ألفًا و600 نازح، فيما بلغ عدد مراكز الإيواء 644، تشمل مدارس رسمية ومجمعات تربوية ومعاهد مهنية ومراكز زراعية وغيرها موزعة في مختلف المحافظات، وفق وحدة إدارة مخاطر الكوارث بالحكومة اللبنانية.