مع اقتراب العدوان على غزة من إتمام شهره الخامس، لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بقتل أكثر من تسعة وعشرين ألف فلسطيني، وتدمير ثلثي المباني وتهجير معظم السكان إلى مدينة رفح، بل وصل الأمر إلى حرب تجويع.
ورغم دخول كميات ضئيلة من المساعدات إلى جنوب قطاع غزة، فإن شماله يبدو أصعب حالًا، ما يهدد حياة آلاف الناس، بعد أن دقت وكالة "الأونروا" ناقوس الخطر.
وقد دفع الواقع المعيشي الصعب عشرات الأطفال إلى الخروج في مظاهرة بشمال القطاع، مع شحّ الغذاء والمياه، جراء الحصار الذي يفرضه الاحتلال على المنطقة التي بقي جزء كبير من سكانها فيها، رافضين النزوح إلى الجنوب.
وتقول واحدة من أولئك الأطفال الذين خرجوا في المظاهرة إن مادة الطحين صارت معدومة وأنهم صاروا يأكلون طعام الحيوانات. في حين تقول طفلة أُخرى: "لقد اشتقنا للخبز".
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح بأكثر من نصف المساعدات المقررة لهذا العام إلى شمالي قطاع غزة، مؤكدة أن انعدام الأمن الغذائي شمالي القطاع المحاصر وصل إلى حالة حرجة للغاية.
علف الحيوانات بدلًا من الخبز
هكذا صار الجوع يفتك في سكان الشمال، فلا يعرف الأب من أين يؤمن لأطفاله لقمة غذاء أو شربة ماء ويعجز المرء عن الحصول عليها لأيام، كما أن أطفال غزة سئموا من عدم توفر مادة الخبز، وتناول علف الحيوانات بدلًا منها، هذا إن توفرت أصلًا.
وقد شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا مع هذا الواقع.
الناشط حمزة مصطفى أحد سكان شمال القطاع، رزق بمولود جديد، وقال: "حاولت جاهدًا قبل ولادة علي توفير علبة من حليب المواليد فلم أجد، فقلت لعل المستشفى يوم الولادة يوفرها له. وبعد ولادته أرادت أمه أن ترضعه، فلم ينزل شيء من الحليب بسبب سوء تغذية الأم".
وأضاف: "ذهبت إلى قسم الحضانة فلم أجد شيئًا، ذهبت إلى كل مكان في المستشفى فلم أجد حليبًا، بعد سبع ساعات أعطتني إحدى النساء حقنة فيها قليل من الحليب، نحن في الشمال محاصرون".
أمّا ريم فقد قالت: لم أتخيل منذ أن بدأت الحرب أن يصل العدو لهذه الدناءة ويستخدم أبشع طريقة في معاقبة أهل غزة، يجوعهم ويجوع أطفالهم أمام أعين العالم وأعيننا ولا نستطيع أن نحرك ساكنًا، حسب تعبيرها.
بينما قال نصر البوسعيدي: "أهلنا يموتون في غزة من الجوع بعد القصف وسط أمة متخمة بالموائد والخذلان"، حسب تغريدته.