الجمعة 13 Sep / September 2024

أوكرانيا على شفا الحرب.. إجلاء بعثات واستنفار وغزو "يكاد يصبح مؤكدًا"

أوكرانيا على شفا الحرب.. إجلاء بعثات واستنفار وغزو "يكاد يصبح مؤكدًا"

شارك القصة

تناولت حلقة "للخبر بقية" تطورات الأزمة الأوكرانية على وقع حراك متسارع وسط تحذيرات من غزو روسي وشيك (الصورة: غيتي)
في وقت تصرّ الإدارة الأميركية على أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا واقع في غضون أيام، تصف موسكو هذا السلوك بالتهويل غير المقبول.

يبدو أنّ خط الأزمة الأوكرانية الذي اختارت له أطراف الصراع في كلّ من موسكو وواشنطن منحًى متصاعدًا، قد يأخذ المواجهة الغربية مع روسيا إلى مربع آخر.

ففي وقت تصرّ الإدارة الأميركية على أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا واقع في غضون أيام، لتبدأ تقليص بعثاتها الدبلوماسية، ومعها دول غربية عدّة، تصف موسكو هذا السلوك بالتهويل غير المقبول.

وبعد أن تعثرت على ما يبدو كل جهود الوساطة والتفاوض بين الجانبين، يظهر أنّ ما يرجّحه البعض أنّها "المكالمة الأخيرة" بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، هي التي سترسم مآلات الأزمة الحالية.

وقد حذر بايدن نظيره الروسي خلال هذه المكالمة التي جرت مساء السبت، من أن الولايات المتحدة "سترد بحزم وتفرض تكاليف باهظة وفورية على روسيا" إذا غزت أوكرانيا، مشدّدًا على أنّ واشنطن مستعدة للخيار الدبلوماسي "ولسيناريوهات أخرى" في الوقت نفسه.

إزاء ذلك، تُطرَح سلسلة علامات استفهام، فهل أصبحت الأزمة في لحظة اتخاذ القرار بشنّ الغزو فعلًا، أم أنّ هذه التطورات المتسارعة ما زالت في إطار التفاوض الصعب بين الغرب وروسيا؟

أين يُتّخَذ قرار المواجهة؟

هكذا إذًا، على أرصفة الانتظار، وتحت وطأة القلق، يترقب الأوكرانيون مواجهة تتراءى نذرها منذ أسابيع على الحدود.

يدرك الأوكرانيون أنّ قرار خوض هذه المواجهة لا يُتّخَذ في كييف، والأخبار التي تتواتر عنها لا تصل إلا من واشنطن ومن موسكو.

والخبر الرائج الآن، بحسب ما يصرّ الأميركيون، هو أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا ما عاد محتملًا، بل يكاد أن يصير مؤكّدًا.

لكنّ الأوكرانيين نزلوا إلى الشارع رفضًا للحرب، حيث أكّدوا أنّ المعركة إن اندلعت فستخاض على أرضهم، وإن اشتعلت فسيصبحون هم حطبًا لها.

وسط ذلك، يتحضّر الجميع في العاصمة كييف للعاصفة، حيث قرّرت واشنطن إجلاء بعثتها الدبلوماسية وعديد جنودها، وعلى غرارها فعلت عواصم غربية عدّة.

في النتيجة، يتهيّأ الأوكرانيون للغزو، ويعدّون خطة طوارئ إن وصل الروس إلى كييف، ولو أنّ الرئيس الأوكراني لا يزال يحاول أن يهدّئ الروع.

لا "شعور بالذعر" في كييف

تؤكد الباحثة السياسية إيلينا دفياتشنكو أنّ "هذه هي المرّة الأولى منذ أن حصلت أوكرانيا على استقلالها التي يغادر فيها الدبلوماسيون الأجانب كييف".

ولكنّ دفياتشنكو تشير في حديث إلى "العربي"، من كييف، إلى أنّه لا يوجد أي شعور بالذعر في الشوارع بكييف في الحقيقة.

وفيما تتساءل كيف أنّ الدبلوماسيين الأجانب الباقين في موسكو يجدون أنّ موسكو أكثر امنًا من كييف، تستغرب أنّ الأمور تشير إلى الذعر أكبر بكثير من حالة انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

وإذ تؤكد أنّه في الحقيقة لا يوجد شعور كبير بالذعر في الشوارع، تشير إلى أنّ أوكرانيا وروسيا، بعكس الحكومات الأجنبية، تعتبر أنّ إمكانية الاجتياح بعيدة، "وبالتالي فنحن نأمل جميعًا أنّ كل ما يحدث مجرد مناقشات إعلامية لن تتجاوز أكثر من ذلك".

في الوقت نفسه، تلفت دفياتشنكو إلى أنّه لا يمكن استبعاد أي استفزاز من أي طرف من الأطراف، بما ذلك الجماعات الإرهابية "التي يمكن أن تدخل على الخط لوضع بلدنا على شفا الحرب".

وتؤكد أنّه من الجانب الأوكراني أوكرانيا تلتزم باتفاقيات مينسك ولا ترغب بأي شكل من الأشكال في اجتياح دونباس، متمنية أن تنجح الحكومة في حل هذه الأزمة بالطرق الدبلوماسية.

"ذر للرماد في العيون"

من جهته، يرجّح الباحث السياسي نصر اليوسف أن يكون كل التصعيد الدبلوماسي من جانب الدول الغربية "مجرد مناورة سياسية".

ويشدّد في حديث إلى "العربي"، من موسكو، على أنّ المسألة ليست مرتبطة بإقليم دونباس، فهدف روسيا "أكبر، وهو الحصول على ضمانات بعدم نشر أسلحة إستراتيجية بالقرب من حدودها ولا سيما في أوكرانيا وجورجيا".

ويشير إلى أنّ ما يقال عن هجوم وشيك نفاه الروس على مختلف الأصعدة ابتداء من الرئيس بوتين حتى وزير الدفاع، مضيفًا أنّ "الأوكرانيين أنفسهم لا يصدّقون هذا حتى إنّ الرئيس الأوكراني قال اليوم إنّه يريد من بايدن أن يطلعه على المعلومات التي تقنعه بأنّ روسيا في صدد الهجوم على دونباس يوم الأربعاء المقبل".

كما يلفت إلى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الاتصال مع بوتين عصر اليوم قال إنّه ليس مقتنعًا تمامًا من أنّ هناك هجومًا وشيكًا.

ويعرب عن اعتقاده بأنّ ما وصفها بـ"الزوبعة الإعلامية والشوشرة" إنما هي "عبارة عن ذر للرماد في العيون الهدف منها التصعيد، وربما دفع أوكرانيا لمزيد من التنازلات لتدخل بأي شروط يريدها الغرب".

إدارة بايدن "قلقة جدًا"

أما رئيس دائرة البحوث في المركز العربي في واشنطن عماد حرب، فيشير إلى أنّ إدارة الرئيس بايدن قلقة جدًا حول ما يمكن للرئيس الروسي أن يقوم به بالنسبة إلى أوكرانيا.

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، أنّ بايدن تحت ضغوط سياسية وعليه أن يعلن موقفًا أميركيًا واضحًا من هذه المسألة وعليه أيضًا أن يدافع عن نفسه سياسيًا بأن يطلب من الأميركيين في أوكرانيا في حال نشوب أي حرب أن يخرجوا من تلك البلاد.

ويشير إلى أنّ الرئيس الأميركي لم يكن الوحيد في اتخاذ مثل هذه الخطوة، فالقادة الأوروبيون أيضًا بدأوا بإطلاق تصريحات لمواطنيهم بمغادرة أوكرانيا أيضًا.

ويرى أنّ المسألة بالنسبة إلى الرئيس بايدن هي أن الولايات المتحدة قائدة حلف الناتو وعليها مسؤولية كبيرة لمنع أي حرب في شرق أوروبا.

ويلفت إلى أنّ الرئيس بايدن يؤمن جدًا أنّ أوكرانيا والأوكرانيين هم الوحيدون الذين يقررون ما إذا كانوا يريدون الانضمام إلى حلف الناتو أم لا، وبالتالي فهو لن يفرض على أوكرانيا ذلك، لكن في الوقت نفسه، "إذا قرّر الأوكرانيون أن ينضمّوا إلى الناتو باعتبار أنّهم يرون في ذلك حماية لهم فهذا من حقهم".

ويستبعد أن تكون القضية مرتبطة فعلًا بإقليم دونباس، مشيرًا إلى أنّ المسألة كانت دائمًا أنّ الرئيس الروسي لا يريد أن تنضمّ كييف إلى الناتو ويريد أن يفرض هيمنة معينة في شرق أوروبا.

ويخلص إلى أنّه لن يكون هناك أي مبرر لأي غزو روسي لحماية دونباس ولن يكون هناك أي غزو من كييف إلى دونباس، مشدّدًا على أنّ الأوكرانيين لا يريدون أن يثيروا الروس أكثر ممّا هم مثارون.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close