Skip to main content

ارتفاع ضحايا مراكب المهاجرين.. هل تستمر تونس في "إنكار" واقع الأزمة؟

الثلاثاء 8 أغسطس 2023

في ليبيا إحدى أهم محطات العبور نحو القارة العجوز، كشفت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن ارتفاع عدد من لاقوا حتفهم من المهاجرين في المنطقة الحدودية مع تونس، إلى 12 شخصًا.

يأتي ذلك، في ظل تأكيدات من قبل حرس الحدود على أن 60 مهاجرًا وصلوا إلى الحدود هذا الأسبوع قادمين من تونس، بعد طردهم من هناك، مع العلم أن أعداد المهاجرين تتزايد كل يوم، ما بين 100 إلى 300 مهاجر.

معركة "صعبة" في تونس

أما في تونس، فتشهد البلاد تطورات لافتة في هذا الملف، إذ أعلنت السلطات عن مقتل 14 مهاجرًا وفقدان 44 آخرين قبالة سواحل صفاقس بعض غرق مركبهم.

وقال مسؤول حكومي إن 4 مهاجرين لقوا حتفهم، فيما فقد أكثر من 50 آخرين قبالة جزيرة قرقنة التونسية.

في هذا الصدد، صرّح وزير الداخلية الإيطالي الذي تعتبر بلاده المحطة الأولى لكل الذين قضوا، أن تونس منعت منذ مطلع العام مغادرة أكثر من 30 ألف مهاجر غير نظامي، وأنها تشنّ "معركة صعبة" ضدّ المهربين.

يذكر أنه منذ بداية العام وحتى نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي، عثر على أكثر من 900 جثة لمهاجرين غرقوا قبالة الساحل التونسي، وأغلبهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

 وخلال الفترة ذاتها، تم إنقاذ واعتراض أزيد من 34290 مهاجر، بينما قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن نحو 90 ألف مهاجر تمكنوا بالفعل من الوصول إلى إيطاليا من بداية العام.

مهاجرون يفترشون الأرض في صفاقس - رويترز

"تناقض وإنكار" 

ويتحدّث البعض عن حالة إنكار وتناقض بين الواقع والتصريحات الرسمية التونسية، فدائمًا ما يتم الحديث عن أن اللاجئين أو المهاجرين يعيشون في تونس أحسن الأوضاع، و"أفضل من غيرهم"، بينما تؤكد التقارير موت من طردوا من تونس على الحدود مع ليبيا.

كذلك، يتم انتشال مئات الجثث التي تعود للمهاجرين، فضلًا عن أن شوارع العاصمة وغيرها من المدن مثل صفاقس، تغص بهؤلاء الذين لم يجدوا مأوى لهم سوى العراء.

حول هذا الموضوع، يؤكد الباحث السياسي محمد اليوسفي في حديث مع "العربي" وجود حالة من الإنكار ومحاولة لمداراة الواقع الصعب للمهاجرين غير النظاميين في تونس، والذي يشاهده العالم أجمع.

ويتحدث اليوسفي عن انتهاكات طالت هؤلاء المهاجرين الذين يعيشون في ظل أوضاع غير إنسانية على الأراضي التونسية وغيرها من المناطق الحدودية.

ويردف من تونس: "هؤلاء في وضع ترهيب وملاحقات وانتهاكات وتجاوزات، وهناك تحقيقات صحفية مستقلة أثبتت ذلك.. ومنطلق هذه الأزمة ينبع من بعض السرديات التي تنشرها وزارة الداخلية التونسية من حين لآخر فضلًا عن الخطاب المرتبك لرئيس الجمهورية قيس سعيد.. وكلّها أدت لتنامي خطابات الكراهية والتحريض والحقد تجاه المهاجرين".

تحديات أمام السلطة

ولا ينفي الباحث السياسي التونسي، وجود إشكالية وتحديات طرحها هذا الملف على المجتمع التونسي ومؤسسات الدولة في ظل تنامي جحافل الوافدين على البلاد، إلا أنه يشدد على أنّ الواقع غير الإنساني لا يحل المشكلة.

ويذكّر اليوسفي من جهة أخرى، بأن جزءًا من هذه الظاهرة مرتبط بتغيرات المناخ على حدّ قوله، ففي الفترة الأخيرة تسبب تطرف الأحوال الجوية بعدد من الحوادث في البحر الأبيض المتوسط، على مشارف الحدود البحرية التونسية.

إنقاذ مهاجرين غير نظاميين بالقرب من لامبيدوزا، بعد انطلاق رحلتهم من تونس – غيتي

نجاعة الاتفاقات الأمنية

وفي الشق السياسي، برز تحرك دبلوماسي لرئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني أحضرت خلاله فريقًا أوروبيًا تم على إثره توقيع تفاهم مع الحكومة التونسية فيما يتعلق بمكافحة تدفق المهاجرين غير النظاميين.

غير أن هذه الجهود والأموال التي يفترض أنها رصدت لتونس لتعزيز الأمن الحدودي، لا يوجد لها أثر ملموس في الواقع.

وتفسيرًا لهذا العجز، لا يعتقد الباحث السياسي أن إحكام القبضة الأمنية يمكنه إيقاف هذه الظاهرة التاريخية التي تدفعها تحديات ومحركات وعوامل معقدة ومركبّة.

ويردف في حديثه مع "العربي": "مهما كان هناك رغبة في إحكام القبضة الأمنية لمنع هؤلاء من التدفق على تونس أو الانتقال إلى الضفة المقابلة، فلا أعتقد أن هذا يمكن أن يحول دون وصول المئات وربما الآلاف من المهاجرين سواء من أفارقة جنوب الصحراء، أو حتى من التونسيين".

أما سبب ذلك، فهو الاعتبارات المتعلقة بالجغرافيا التونسية وقرب البلد من الساحل الإيطالي، إلى جانب وجود شبكات تهريب كبيرة تعمل في المنطقة وهذا ما بينته التحقيقات الصحفية الاستقصائية، على حد قول اليوسفي.

المصادر:
العربي
شارك القصة