الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

الإعصار دانيال.. كيف يؤثر الانقسام السياسي على جهود الإغاثة في ليبيا؟

الإعصار دانيال
الإعصار دانيال.. كيف يؤثر الانقسام السياسي على جهود الإغاثة في ليبيا؟
الجمعة 22 سبتمبر 2023

شارك القصة

ظهر التنافس بين الفرقاء السياسيين في ليبيا للاستحواذ على إدارة الأزمة وتسييرها جليًا ومباشرة عقب وقوع كارثة الفيضانات - غيتي
ظهر التنافس بين الفرقاء السياسيين في ليبيا للاستحواذ على إدارة الأزمة وتسييرها جليًا ومباشرة عقب وقوع كارثة الفيضانات - غيتي

تتضارب توجّهات حكومتي ليبيا بشأن إدارة أزمة كارثة الفيضانات في المناطق الشرقية، في وقت لا يخفى على أحد أنّ الانقسام هو آخر ما ينقص الليبيين في هذه الأوقات الاستثنائية. 

وتمثّلت أحد فصول الانقسام الليبي بمطالبة الحكومة الليبية المكلّفة من البرلمان بعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضرّرة من الإعصار دانيال، بينما وجّهت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس خطابًا رسميًا إلى البنك الدولي للمساعدة في إدارة أموال إعادة إعمار المناطق المتضرّرة.

ويزداد المشهد قتامة مع رفض المجلس الأعلى للدولة في ليبيا قرار البرلمان اعتماد ميزانية لمواجهة آثار الإعصار بدعوى أن ذلك يُعتبر مسألة أمن قومي لا يجوز لأحد التفرّد بها.

تنافس سياسي على إدارة الكارثة

في حقيقة الأمر، ظهر التنافس بين الفرقاء السياسيين للاستحواذ على إدارة الأزمة وتسييرها جليًا ومباشرة عقب وقوع الكارثة، حيث أشارت حكومة الوحدة الوطنية في البداية إلى أن الموارد المحلية تكفي، وأنّها لا تحتاج إلى المساعدات. ف

ي المقابل، طالبت حكومة الشرق المكلّفة من البرلمان بالعون الدولي، في وقت تضاربت المعلومات أيضًا بين الطرفين بشأن أعداد الضحايا والمفقودين.

ودفع عجز سلطات البلاد المنقسمة عن احتواء تداعيات الكارثة بمواقف وخطوات عملية موحّدة، مئات من أبناء درنة للخروج في مظاهرات غاضبة قبل ثلاثة أيام.

ودفع الانقسام السياسي في البلاد معطوفًا على معطيات الفساد المالي والإداري المتراكم شخصيات ليبية للمطالبة بضرورة إشراف لجنة أو جهة دولية على إدارة الأموال الخاصّة بالإغاثة وإعادة إعمار المناطق المنكوبة.

خلافًا لذلك، هناك تحذيرات مستمرة من اضطرار المنكوبين لدعم ثمن الانقسام بعد أن دفعوا باهظًا ثمن إهمال صيانة السدود.

ضربت العاصفة دانيال شرق ليبيا في 10 من سبتمبر متسببة بفيضانات كاسحة
ضربت العاصفة دانيال شرق ليبيا في 10 من سبتمبر متسببة بفيضانات كاسحة - غيتي

"درنة ضحية للانقسام والفساد"

في هذا السياق، يوضح الباحث في مؤسسة القلعة للتنمية وإدارة الأزمات في ليبيا وسام عبد الكبير أنّ ضحايا فيضانات درنة هم ضحايا الصراع والفوضى المناخية والقادة السياسيين الذين خذلوهم في إيجاد تسوية سياسية وطريق السلام.

ويقول عبد الكبير في حديث إلى "العربي" من طرابلس: إنّ الصراع على كعكة إعادة الإعمار بدأ من الأيام الأولى للكارثة، حيث عقد مجلس النواب في اليوم الخامس للكارثة جلسة طارئة لتشكيل لجنة برئاسة رئيس البرلمان بميزانية تبلغ 10 مليارات دينار لإعمار درنة والمدن المنكوبة من دون أي دراسات ميدانية أو اجتماع للجان المختصة.

ويضيف أنّ درنة كانت ضحية للانقسام السياسي والفساد المالي لعقود، بينما لا يزال ملف المحاسبة مفتوحًا ومطلبًا للمحتجين.

"مجلس النواب تسرّع بإقرار ميزانية إعادة الإعمار"

من جهته، يؤكد الباحث السياسي ومدير مشروعات المجلس الافريقي العربي للاستثمار والتنمية محمد امطيرد أنّ مجلس النواب تسرّع في إصدار ميزانية إعادة الإعمار التي أُقرّت دون دراسات أو تقييم الأضرار أو مشاركة المجتمع الدولي أو منظمات مختصّة بمواجهة مثل هذه الكوارث.

ويقول امطيرد في حديث إلى "العربي" من بنغازي: إنّ المتضرّرين من الإعصار لا يُمكن أن يكونوا ضحية للصدام السياسي الليبي، مضيفًا أنّ التظاهرات في درنة هي نتيجة لسنوات من المرارة والإهمال.

ويعزو تسرّع مجلس النواب بإقرار الميزانية إلى ضغط سياسي كي لا يكون لحكومة الدبيبة أي تدخّل في المدينة، مضيفًا أن مجلس النواب يتصرّف بناء على سباق سياسي لا وفق دراسات فعلية.

اختفت الجسور الرئيسية والطرق والبنية التحتية الأخرى في درنة
اختفت الجسور الرئيسية والطرق والبنية التحتية الأخرى في درنة- أسوشييتد برس

ويشدّد على أنّه على مجلس النواب التعامل مع الحكومة الشرعية المنبثقة عنه التي تقوم بدراساتها بناء على شراكات دولية مع حكومات أخرى.

ويرى أن مجلس الدولة رفض المصادقة على الميزانية لمجرد المعارضة، وهو ما يعرقل المشهد الإنساني المتأزم في مدينة درنة.

"إجراءات إدارة الكارثة فاشلة منذ البداية"

بدوره، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية وليام لورنس أنّ كل الإجراءات الليبية لإدارة الكارثة كانت فاشلة منذ البداية، حتى وإن كانت هناك إرادة إيجابية للإغاثة.

ويقول لورنس في حديث إلى "العربي" من بوسطن: إنّ 95% من الإجراءات يجب أن تتمّ قبل وقوع الكارثة، وهو ما لم يحصل في ليبيا.

ويوضح أنّ عددًا من منظمات الأمم المتحدة حاولت إرسال مجموعات للإغاثة لكن جرى منعها من الوصول إلى بعض المدن، ولاحقًا جرى إخراج الصحافيين من هذه المناطق.

ويبدي مخاوفه من الأحاديث التي تتحدث عن أنّ بعض الجهات تُحاول الاستفادة من بعض عقود إعادة الإعمار في ظل مشكلات حول شرعية الحكومة الليبية.


تناقش الحلقة المرفقة من "للخبر بقية" تأثير الانقسام السياسي على جهود إغاثة وإعمار المناطق المنكوبة في الشرق الليبي، وتطرح أسئلة حول كيفية تعامل المجتمع الدولي وهيئاته المختلفة مع رؤوس السلطات في خضمّ عمليات المساعدة والعون.
المصادر:
العربي
Close