في رابع أيام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وصل عداد الشهداء الفلسطينيين إلى 33 بينما تخطت حصيلة الجرحى المئة.
وتواصل الآلة العسكرية للاحتلال السياسة ذاتها من خلال استهداف منازل المدنيين وتوجيه ضربات على امتداد رقعة قطاع غزة بنية إيذاء أكبر عدد ممكن من قادة المقاومة.
هذا فضلًا عن توصيات من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقادة العسكريين بتشديد الخناق وإلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بقادة حركة الجهاد الإسلامي إن لزم الأمر.
كل ذلك يحدث في وقت كان الجميع يترقب وقفًا لإطلاق النار كانت ترغب به إسرائيل كثيرًا.
الطائرات الحربية الإسرائيلية تكثف قصف المنازل في #غزة، وصواريخ المقاومة تصل إلى #القدس.. تفاصيل أكثر مع مراسلنا#العربي_اليوم pic.twitter.com/rXh1nwoo0D
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 12, 2023
وفي مواجهة تجاوزات الاحتلال، ردت فصائل المقاومة على قاعدة "تصعيد مقابل تصعيد" من الجو والأرض بالصواريخ وقذائف الهاون، ولامست هذه المرة "المحظورات" بالنسبة للإسرائيليين.
لا خطوط حمراء
مدينة القدس طالتها ضربات المقاومة لأول مرة منذ اشتعال التصعيد، فلا خطوط حمراء بحسب "سرايا المقاومة" التي أرسلت إضافة لفصائل الغرفة المشتركة وابلًا من القذائف الصاروخية باتجاه مستوطنات القدس وبيت لحم وتل أبيب.
كما استهدفت فصائل المقاومة مستوطنات غلاف غزة ردًا على اغتيال القادة وعلى استهداف النساء والأطفال بحسب بيانات المقاومة.
في غضون ذلك، تتضاءل فرص التهدئة، خاصة مع الرسالة التي وجهتها إسرائيل للوسطاء بمواصلة الاغتيالات، فيما تسير عجلة الأحداث نحو منعرج لمضاعفة التصعيد مع تنبؤات قادة الجيش الإسرائيلي بمفاجآت لم تكشف عنها المقاومة.
فقد حذرت جهات إسرائيلية نافذة من احتمال دخول حماس إلى جولة القتال خاصة أن مقدار الألم يتصاعد في غزة مع تهدم المنازل وقطع إمدادات الطاقة والغذاء والدواء لأيام، بينما تتراكم الضغوط على حكومة نتنياهو مع فرار عشرات الآلاف من الإسرائيليين من مستوطنات الغلاف.
إستراتيجية الاغتيالات الإسرائيلية
وفي هذا الإطار، رأى الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن إسرائيل اختارت إستراتيجية الاغتيالات لأسباب عدة وفي ظل وجود بنك أهداف واضح لنتنياهو يريد استعماله للتغطية على أزمات داخلية عدة، إضافة إلى وجود بنك أهداف للجيش الإسرائيلي بعيدًا عن السياسة.
وأشار في حديث إلى "العربي" من حيفا إلى أن سيناريو التوغل من مستنقع الأزمات الداخلية في إسرائيل وتصديره إلى المشهد الفلسطيني ليس بجديد على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
واعتبر أن نتنياهو يريد أن يخرج من مأزقه في الداخل بعد أزمة التعديلات القضائية والتظاهرات التي أعقبته، بموازاة استطلاعات متشائمة للرأي بشأن شعبيته.
وعلى الصعيد العسكري، أوضح جبارين أن هناك بنكًا للأهداف في عمليات الاغتيال لا يطال الصف الأول من رجال المقاومة بل قادة ميدانيين بالدرجة الأولى، متحدثًا عن غياب أي إستراتيجية عسكرية واضحة لدى تل أبيب للتعامل مع قطاع غزة على عكس ما هو حاصل في الضفة.
مبدأ وحدة الساحات والرؤية المشتركة
من جهته، اعتبر الباحث السياسي خليل شاهين أن المقاومة الفلسطينية حاولت منذ معركة أيار 2021 أن تطور رؤية مشتركة من خلال ترسيخ وجود الغرفة المشتركة التي تضم عددًا من الفصائل المنخرطة في أعمال المقاومة.
وأكد لـ"العربي" من رام الله أن المقاومة الفلسطينية تحاول أيضًا ترسيخ مبدأ وحدة الساحات التي تربط الضفة وغزة وأراضي عام 1948 استنادًا لما جرى من مواجهة على خلفية مسيرة الأعلام والتي أدت إلى مواجهات واسعة النطاق.
كما تحدث شاهين عن عنصر جديد لا يتمثل فقط بوحدة الساحات في نطاق فلسطين التاريخية أي التجمعات الفلسطينية في الضفة وغزة وأراضي 1948 بل في جبهات أخرى ظهرت بعد إطلاق الصواريخ أخيرًا من لبنان وسوريا بدرجة أقل.
وقال إن التمهل الذي أظهرته حركة الجهاد الإسلامي في الرد على عملية اغتيال قادة سرايا القدس فجر الثلاثاء لمدة 35 ساعة كان إيجابيًا بعدما أتاح لحركة الجهاد ولفصائل أخرى التنسيق والعمل المشترك من أجل الحفاظ على صيغة غرفة العمليات المشتركة، ومحاولة استيعاب الأهداف الحقيقية التي يرمي نتنياهو لتحقيقها من وراء العملية.
"حاجة إلى جبهة عربية موحدة بوجه إسرائيل"
الدبلوماسي المصري السابق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية محمد الشاذلي أشار إلى أن إسرئيل تتلقى الدعم من أوروبا والولايات المتحدة التي تصر على الحفاظ على التفوق النوعي لتل أبيب في السلاح.
وشدد في حديث إلى "العربي" من القاهرة على الحاجة إلى جبهة عربية موحدة في مواجهة "التوحش والبربرية" من إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني.
وعن اعتماد إسرائيل على سياسة الاغتيالات، رأى الشاذلي أن هذا الأمر ليس بجديد، مذكرًا أن تل أبيب اغتالت الشيخ أحمد إسماعيل ياسين (مؤسس حركة حماس الذي اغتيل عام 2004)، والعالم النووي المصري يحيى المَشَدّ (اغتيل في فرنسا عام 1980)، وقادة إيرانيين وفلسطينيين آخرين.
الشاذلي شدد على أن مصر لا تتخلى عن دورها، مؤكدًا أن للقاهرة دورها ومسؤولياتها في كل الأزمات العربية، وقال إنه لا يمكن الطلب من مصر أن تواجه لوحدها إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا.