الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

بعد الفشل في أوكرانيا.. هل بات مصير شويغو على المحك؟

بعد الفشل في أوكرانيا.. هل بات مصير شويغو على المحك؟

شارك القصة

"أنا العربي" يوثّق دور شويغو وغيراسيموف في هندسة حروب بوتين (الصورة: غيتي)
بعد انسحابه من كييف، يواجه الجيش الروسي ضغوطًا هائلة لحفظ ماء الوجه والاستيلاء على مساحة أكبر في شرق أوكرانيا.

على مدار العقد الماضي، ترأس وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (66 عامًا) التدريبات العسكرية للجيش الروسي، وتفاخر بامتلاك الأسلحة الجديدة، إضافة إلى تطوّر الجيش تحت قيادته.

وفجأة، في غضون شهرين ونصف منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، تحطّمت الصورة التي قدّمها شويغو عن جيشه على مدار العقد الماضي؛ وأظهرت "الواقع القبيح" وعدم كفاءة أحد أكبر الجيوش في العالم.

واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن مصير شويغو بات "على المحك"، بعد الخسائر التي مُني بها الجيش الروسي في أوكرانيا.

وبعد انسحابه من كييف، يواجه الجيش الروسي ضغوطًا هائلة لحفظ ماء الوجه والاستيلاء على مساحة أكبر في شرق أوكرانيا.

ولا تزال الأسئلة مطروحة حول مقدار اللوم الذي يجب أن يتحمله شويغو عن إخفاقات القوة الروسية، على عكس القادة العسكريين وقادة المخابرات الروس الذين يُنظر إليهم على نطاق واسع على أنهم أخطأوا في تقدير مقاومة الأوكرانيين.

وقالت المحللة السياسية الروسية تاتيانا ستانوفايا للصحيفة: "هناك تقارير تفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشعر بخيبة أمل كبيرة في كيفية استعداد شويغو لهذه الحرب وكيف نفذها".

ورجّحت الصحيفة أن النتيجة النهائية لمعركة دونباس هي التي ستحدد مستقبل شويغو، الوزير الأطول خدمة في روسيا، لكنّها في الوقت نفسه تساءلت عمّا إذا كان هذا الرجل الذي يُنظر إليه على أنه الرئيس المقبل لروسيا، سيصمد حتى ذلك الوقت.

وفي هذا الإطار، قالت ستانوفايا: "أعتقد أن بوتين الآن ليس في الوضع الذي يسمح له بمعاقبة المسؤولين داخل حكومته. ولكنّه رغم ذلك، يشعر بالغضب من شويغو وغيره من المسؤولين الروس".

وأضافت: "لكن الشيء الرئيسي الذي يجب فهمه هو أن الشخص الوحيد الذي يعتبره بوتين مسؤولًا عن فشل العملية العسكرية هو الغرب".

عدم وضوح

وقالت إن الدور الذي يلعبه شويغو في التخطيط للهجوم على أوكرانيا "غير واضح". بينما قال مسؤولون أميركيون إنه كان واحدًا من القلة في الدائرة المقربة لبوتين التي كانت على علم بمعلومات حول الهجوم الوشيك على الجار الغربي لروسيا.

واعتبرت الصحيفة أنه من شبه المؤكد أن شويغو لم يكن يأخذ زمام المبادرة في صياغة خطة الحملة العسكرية على اعتبار أنه مهندس مدني يفتقر إلى الخلفية العسكرية، مرجّحة أن هذه المهمة تقع على عاتق رئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف وبقية أعضاء الفريق العسكري.

وقال مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى للصحيفة: "أعتقد أن شويغو يلعب دورًا كبيرًا في الاجتماعات. بوتين هو صاحب القرار وغيراسيموف هو الذي يدير الجيش".

لكن محللين عسكريين يقولون إن شويغو مسؤول عن وضع القوات الروسية.

تعفّن السلطة

وقال محللون يتتبعون القوة الروسية: تبددت الشفافية داخل الجيش الروسي إلى روايات عن العلاقات العامة بعد أن تولى شويغو منصبه عام 2012.

وقال دارا ماسيكوت، كبير باحثي السياسات في شركة "راند كورب": "الشيء الذي علق عندي هو مدى السيطرة التي يريدها على رواية الجيش. فإذا لم يكن بإمكانك إجراء محادثة شفافة حول معدلات الخدمة أو مدى كفاءة الجنود أو حول عمر بعض حصصك الميدانية؛ إذا لم تتمكن من إجراء بعض هذه المناقشات، فستظهر لك ساحة المعركة".

بدوره، قال مايكل كوفمان، المحلل العسكري الروسي، إن شويغو بنى جيشًا بدا جيدًا في التدريبات المكتوبة، وأثبت فعاليته في حروب محدودة، ولكن عندما أُلقي في صراع كبير، أظهر أنه لا يستطيع توسيع نطاق العمليات، وكشف مدى التعفن في النظام".

وأسعد تعيين شويغو وزيرًا للدفاع الجنرالات الذين يتطلعون إلى التخلص من سلفه الإصلاحي الذي سقط في فضيحة فساد.

وقال مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى: "لقد حصلوا على ما يريدون. الوضع عاد إلى حد كبير إلى النموذج السوفيتي القديم، حيث كان الجيش أقوى من موظفي الوزارة وكان يدير نفسه".

وأضاف المسؤول الأميركي: "أنفقوا الكثير من الأموال على المعدات المتطورة، لكنهم لم يبذلوا الوقت والجهد والمال من أجل إصلاح قيادتهم، وكيف يتلقون تعليمهم وكيف يديرون أوامرهم؛ نرى أن ذلك يحدث الآن في أوكرانيا".

في الأشهر التي سبقت إعلان بوتين عن "عمليته العسكرية الخاصة" ضد أوكرانيا؛ بدا شويغو بانتظام أنه يمهد الطريق لخطط رئيسه. وادعى كذبًا أن المرتزقة الأميركيين كانوا يعدون "لاستفزاز باستخدام مكونات كيميائية غير معروفة" في شرق أوكرانيا.

في اجتماع مجلس الأمن في 21 فبراير/ شباط الماضي، زعم شويغو أن الأوكرانيين كانوا على وشك شن هجوم في إقليم دونباس الشرقي، وأثار مخاوف من أن أوكرانيا قد تسعى للحصول على أسلحة نووية بوتيرة أسرع من كوريا الشمالية أو إيران.

ولكن بعد وقت قصير من بدء الحرب، اختفى شويغو. وأمر بوتين علنًا المدعين العسكريين بالتحقيق في كيفية إرسال مجندين من الجيش الروسي إلى أوكرانيا، مما أدى إلى تأجيج التوقعات بحدوث إراقة دماء سياسية.

في 29 مارس/ آذار الماضي، زعم شويغو أن روسيا قد حققت الأهداف الرئيسية لحملتها الأولية من خلال إضعاف الجيش الأوكراني وستركز الآن على "تحرير" دونباس.

ومع ذلك، عندما وصل شويغو إلى الكرملين في 21 أبريل/ نيسان الماضي، أثنى بوتين على خطط وزير دفاعه للسيطرة على ماريوبول.

وقال ستانوفايا، المحلل السياسي الروسي، إنه كان واضحًا من الاجتماع أن بوتين كان يتعامل مع شويغو برفق، مما يعني أن الزعيم الروسي على الأرجح غير مستعد لمعاقبته علنًا.

غير أن مليارديرا روسيا مطلعا على سلوك بوتين، رفض الكشف عن هويته للصحيفة، قال إنه "في مرحلة ما، قد يبحث بوتين عن كبش فداء، ولكن بمجرد انتهاء الحرب".

وأضاف الملياردير: "أيًا كان من وضع هذه الخطة للهجوم من 10 اتجاهات مختلفة في وقت واحد ، فسيكون شخص ما مسؤولًا عن ذلك".

وفي هذا الإطار، قال كوفمان: "إذا كان على شويغو تحمّل المسؤولية، فسيتحملها لأنه يتوقّع أن يحميه بوتين كما حمى الآخرين. ففي النظام الروسي، إذا كنت مخلصًا عليك أن تتحمل المسؤولية عن أي إخفاق، عادة ما يعتني بوتين بمؤيديه".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close