تواصل الهجوم الروسي على أوكرانيا في يومه الـ40، في ظل فشل المفاوضات حتى اليوم بتحقيق أي وقف لإطلاق النار قد يشكل مقدمة لإنهاء الحرب.
وفي الوقت نفسه، تتواصل عمليات "طرد" الدبلوماسيين الروس من قبل عدد من الدول الغربية، بينما تستعد الولايات المتحدة لفرض مجموعة جديدة واسعة من العقوبات على روسيا الأربعاء.
من جهته، حثّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، الأمم المتحدة على إصلاح نظامها الذي يمنح روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، حق النقض (الفيتو)، قائلًا إنه يجب فعل كل شيء لضمان عمل المنظمة الدولية بشكل فعّال.
وفي خطاب أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وصف زيلينسكي بالتفصيل المشاهد المروعة في بلدة بوتشا الأوكرانية، قائلًا إن موسكو أرادت تحويل الأوكرانيين إلى "عبيد صامتين".
وحضّ الأمم المتحدة على التحرك "فورًا" لمواجهة "جرائم الحرب" التي ترتكبها روسيا في بلاده وفق قوله، وإلا فسيتعين على الأمم المتحدة "إغلاق أبوابها ببساطة".
في المقابل، ندّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالإجراءات المتخذة ضد شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" في أوروبا، محذّرًا من أن التهديدات في أوروبا بتأميم الأصول الروسية "سيف ذو حدين"، ومن إجراءات انتقامية محتملة.
وبعد انسحابها من بلدات في شمال العاصمة كييف الأسبوع الماضي، تستعدّ القوات الروسية "لشنّ هجوم ضخم" على القوات الأوكرانية في لوغانسك في شرق أوكرانيا، وفق ما أعلن حاكم المنطقة سيرغي غاداي.
كما استعادت القوات الأوكرانية السيطرة على بلدات دمّرتها الحرب، ومنها بوتشا، التي أصبح اسمها مرتبطًا بأسوأ الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا.
لكن روسيا، التي تنفي هذه الاتهامات، اعتبرت أن الحديث عن اكتشاف جثث في بوتشا هو "استفزاز" يهدف إلى إفشال المفاوضات الجارية بين كييف وموسكو.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في رسالة بالفيديو بثت عبر التلفزيون الروسي: "سؤال يطرح نفسه: ما فائدة هذا الاستفزاز الصارخ والكاذب (...) يقودنا إلى الاعتقاد بأنه يستخدم لإيجاد ذريعة لنسف المفاوضات الجارية".
إلى ذلك، يعتزم المستشار النمساوي لقاء الرئيس الأوكراني في أوكرانيا خلال الأيام القليلة المقبلة، لنقاش سبل الدعم السياسي والإنساني للبلد.
وأفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن أكثر من 4.24 مليون لاجئ أوكراني فرّوا من بلادهم منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير/ شباط.
كما أوضح تقرير لمنظمة الهجرة الدولية، اليوم الثلاثاء، أن الحرب في أوكرانيا شردت أكثر من 7.1 مليون شخص.
بدورها، أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية أن الخسائر التي كبدتها قواتها للجيش الروسي بلغت 18 ألفًا و500 جندي، و150 مقاتلة و134 مروحية و676 دبابة منذ بدء الحرب.
طرد دبلوماسيين
وفي إطار الحرب الدبلوماسية، أعلن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو أن بلاده قررت طرد ثلاثين دبلوماسيًا روسيًا لأسباب تتعلق بـ"الأمن القومي".
من جهته، أعلن وزير الخارجية الدنماركي أن بلاده ستطرد 15 دبلوماسيًا روسيًا بتهمة التجسس، مضيفًا: "أثبتنا أن عملاء الاستخبارات الخمسة عشر المطرودين قاموا بأنشطة تجسس على الأراضي الدنماركية".
بدورها، قرّرت سلوفينيا، الثلاثاء، طرد 33 دبلوماسيًا روسيًا، ورومانيا 10 دبلوماسيين روس، البرتغال 10 من موظفي السفارة الروسية، وأمهلتهم أسبوعين لمغادرة البلاد.
وطردت فرنسا 35 دبلوماسيًا روسيًا "تتعارض أنشطتهم مع مصالحها"، وهو إجراء تعتبره باريس "جزءًا من نهج أوروبي".
كما أعلنت وزارتا الخارجية في لاتفيا وإستونيا، اليوم الثلاثاء، أن كلًا منهما أمرت بإغلاق قنصليتين روسيتين، وطلبت من العاملين فيهما مغادرة البلاد بحلول نهاية أبريل/ نيسان الحالي.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية عزمها طرد 25 عاملًا بالبعثة الدبلوماسية الروسية في مدريد، "ممّن يمثّلون تهديدًا لمصالح وأمن البلاد".
كما قررت السويد طرد ثلاثة دبلوماسيين روس، اعتبرت أنّ "أنشطتهم لا تتناسب مع القوانين الدولية".
والاثنين، أعلنت ألمانيا طرد "عدد كبير" من الدبلوماسيين الروس، وصل إلى 40. كما طردت ليتوانيا السفير الروسي أمس الإثنين.
في المقابل، قالت موسكو إنها ستردّ بالمثل.
وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف، في تدوينة على قناته على تلغرام: "الكل يعرف الرد: سيكون بالقوة نفسها، ومدمّرًا للعلاقات الثنائية"، مضيفًا: "من عساهم معاقبين؟ أولًا وقبل كل شيء.. أنفسهم".
حملة أوروبية مشتركة لطرد أكثر من 120 دبلوماسيًا روسيًا، وموسكو تتوعد#الحرب_الروسية_الأوكرانية #روسيا pic.twitter.com/7dmBmQLi22
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 5, 2022
مجزرة بوتشا
ولا تزال مجزرة بوتشا تستحوذ على الرأي العام السياسي، حيث دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى "محاكمة في جرائم حرب"، مشدّدًا في الوقت نفسه على أنّ هذه الجرائم لا ترقى في نظره إلى "إبادة جماعية".
من جهته، رأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنها "ليست عملًا عشوائيًا لوحدة مارقة، لكنها جزء من حملة روسية متعمدة لتنفيذ أعمال وحشية".
كما أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الثلاثاء، عن تخوفه من اكتشاف "فظائع أخرى" في الأراضي الأوكرانية التي استُعيدت من القوات الروسية.
وقال خلال مؤتمر صحافي في بروكسل "أخشى أن نشهد فظائع أخرى. ما زال الروس يسيطرون على جزء من الأراضي الأوكرانية. وعندما تستعاد، قد نكتشف المزيد من المقابر الجماعية والمزيد من الفظائع والمزيد من جرائم حرب، وهذا يؤكد أهمية إجراء تحقيقات لتقديم مرتكبيها إلى العدالة".
كما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمام مجلس الأمن اليوم الثلاثاء، أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يمثّل أحد أكبر التحديات التي تواجه النظام العالمي على الإطلاق "بسبب طبيعته وعنفه وعواقبه".
واعتبرت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إليزابيت ثروسل أن المشاهد الملتقطة في بوتشا، "تشير إلى استهداف مدنيين عمدًا".
بدورها، أعلنت النيابة العامة الوطنية المعنية بقضايا الإرهاب في فرنسا فتح ثلاثة تحقيقات جديدة في "جرائم حرب" في أوكرانيا، تطال أفعالًا ارتكبت في ماريوبول (جنوب أوكرانيا) وغوستوميل (منطقة كييف) وتشيرنيهيف (الشمال)، وتسبّبت بضرر لرعايا فرنسيين.
من جهته، شكّك الكرملين في إمكانية إجراء تحقيق دولي محايد بشأن بوتشا مع استمرار إعاقة مبادرة موسكو في الأمم المتحدة.
واعتبر أنّ الاتهامات الموجهة لروسيا في موضوع بوتشا فارغة وملفقة، مشيرًا إلى أنّ هدفها تشويه سمعة الجيش الروسي.
وأشار الكرملين، من جهة ثانية، إلى أنه لا يستبعد عقد لقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيليسنكي، ولكن بعد التوصل إلى نص اتفاق.
في المقابل، قال زيلينسكي أنه قد لا يذهب إلى محادثات "شخصية" بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وإذ اعتبر أنّ المفاوضات مع روسيا تشكل "تحديًا صعبًا" لبلاده وأنه "لا يوجد خيار آخر"، "خيار آخر"، أكد زيلينسكي أن بلاده تحتاج إلى ما وصفها "ضمانات أمنية"، لأنّ روسيا "قد تعود بعد عامين".
#زيلينسكي يشكل وفدا للمشاركة في المفاوضات مع #روسيا بشأن الضمانات الأمنية #الحرب_الروسية_الأوكرانية #أوكرانيا pic.twitter.com/reDCWHjd5p
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 5, 2022
عقوبات جديدة
إلى ذلك، تعلن الولايات المتحدة وحلفاؤها، الأربعاء، مجموعة جديدة واسعة من العقوبات على روسيا.
وأشار مصدر لوكالة "رويترز" إلى أن العقوبات ستحظر جميع الاستثمارات الجديدة في روسيا، وتزيد القيود على المؤسسات المالية والشركات المملوكة للدولة في روسيا، وتستهدف المسؤولين الحكوميين الروس وعائلاتهم.
كما أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن واشنطن سترسل طائرات مسيرة من طراز "سويتش بليد" المزودة برؤوس حربية مضادة للدروع، إلى أوكرانيا.
بدوره، أعلن مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الثلاثاء أن الولايات المتحدة تزود أوكرانيا بمعدات للحماية يمكن استخدامها إذا استخدمت روسيا أسلحة كيميائية وبيولوجية.
من جهتها، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن مصلحة الضرائب في الولايات المتحدة علًقت تبادل المعلومات مع سلطات الضرائب في روسيا، في مسعى لعرقلة قدرة موسكو على جمع الضرائب وتمويل حربها ضد أوكرانيا.
بدورها، أكدت وزيرة الخارجية البريطانية ليز ستروس أن بريطانيا ستحث دول مجموعة السبع على حظر دخول السفن الروسية إلى موانئها والموافقة على جدول زمني لإنهاء تدريجي لواردات النفط والغاز من روسيا ومزيد من التشديد للعقوبات على البنوك وصناعات رئيسية.
وقال مصدر بالاتحاد الأوروبي لوكالة رويترز إن المفوضية الأوروبية ستقترح على دول الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على روسيا تشمل فرض حظر على واردات الفحم والمطاط والكيماويات ومنتجات أخرى من روسيا تصل قيمتها إلى تسعة مليارات يورو سنويًا.
وقال المصدر إن الاتحاد الأوروبي يقترح أيضًا حظر صادرات إلى روسيا بقيمة عشرة مليارات يورو أخرى سنويًا، منها أشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر وتكنولوجيا الغاز الطبيعي المسال وغيرها من المعدات الكهربائية ومعدات النقل.
أبرزها التحرر من الاعتماد على موارد الطاقة الروسية.. الاتحاد الأوروبي يتخذ جملة من القرارات #أوكرانيا #روسيا #الحرب_الروسية_الأوكرانية تقرير: نبيل أبي صعب pic.twitter.com/WwQxbBTDOx
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 5, 2022
روسيا تستعدّ لهجوم ضخم
ميدانيًا، قالت الاستخبارات العسكرية البريطانية، اليوم الثلاثاء، إن القوات الأوكرانية استعادت مناطق رئيسة في الشمال، مجبرة القوات الروسية على الانسحاب من مناطق حول تشيرنيهيف وشمالي العاصمة كييف.
وأفادت وزارة الدفاع البريطانية في نشرتها الدورية، بأن من المرجح أن يستمر القتال على مستوى منخفض في مناطق مستعادة حديثًا، لكنه يتراجع بشدة هذا الأسبوع مع انسحاب بقية القوات الروسية.
من جهته، أعلن حاكم منطقة لوغانسك في شرق أوكرانيا سيرغي غاداي أن القوات الروسية تستعدّ "لشنّ هجوم ضخم" على القوات الأوكرانية في المنطقة.
وقال غاداي في رسالة عبر الفيديو: "نرى معدّات تصل من اتجاهات مختلفة. نرى الروس يعزّزون صفوفهم ويتزوّدون الوقود (..) نحن ندرك أنّهم يستعدّون لهجوم ضخم".
وأضاف: "عمليات القصف تتكثّف. الليلة الماضية كانت هناك محاولة لدخول روبيجني (قرب لوغانسك) صدّها مقاتلونا ودمّر العديد من الدبابات، وكانت هناك عشرات الجثث" العائدة إلى جنود روس.
وتابع: "للأسف، قتل متطوعان أمس بانفجار لغم أو قذيفة مدفعية" كما "تمّ قصف كنيسة وأصيب راهبان" من دون تقديم تفاصيل إضافية.
كما أعلنت السلطات الأوكرانية أنّها عثرت في موتيجين الواقعة غربي العاصمة كييف على جثث رئيسة القرية وزوجها وابنهما ورجلين آخرين، مؤكّدة أنّ القتلى الخمسة أعدمتهم القوات الروسية حين احتلّت المنطقة.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء، أن قواتها "ستحرر" مدينة ماريوبول الساحلية الواقعة في جنوب أوكرانيا من "القوميين" الأوكرانيين.
كما أكد الجيش الروسي الثلاثاء أنه أسقط مروحيتين أوكرانيتين كانتا تحاولان إجلاء قادة عسكريين لكتيبة قومية تتولى الدفاع عن ميناء ماريوبول المحاصر، مجددًا دعوة مقاتلي هذه الوحدة لإلقاء السلاح.