لم تكن استقالة المستشار في الرئاسة الروسية أناتولي تشوبايس وانتقاله إلى الخارج، أول مغادرة طوعية لشخص من وظيفة حكومية منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، لكنها كانت بالتأكيد واحدة من أكثر الأحداث اللافتة للنظر.
وتشوبايس معروف جيدًا في روسيا، وشغل مناصب رفيعة المستوى لحوالي ثلاثة عقود، بدءًا من عهد بوريس يلتسين، أول زعيم في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي.
وفي مؤشر إلى انقسام الشخصيات الرسمية الروسية حول الحرب، أدان عدد من الشخصيات العامة الهجوم، بينما ترك آخرون مناصبهم في المؤسسات والشركات التي تديرها الدولة.
وحتى الآن لا توجد مؤشرات على أن الاستقالات وصلت إلى الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي انتقد من يعارضون مساره، ووصفهم بأنهم "حثالة وخونة".
وعرضت وكالة "اسوشييتد برس" أبرز الشخصيات التي قفزت من سفينة الكرملين وأدارت ظهرها له بسبب الحرب:
أناتولي تشوبايس
أكد الكرملين، الأربعاء، ما أوردته تقارير إعلامية عن استقالة تشوبايس (66 عامًا) الذي كان مهندس حملة الخصخصة التي أطلقها يلتسين.
وقالت التقارير، نقلًا عن مصادر مجهولة، إن الرجل استقال بسبب الحرب، بينما لم يعلق هو علنًا على استقالته.
وذكرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، الأربعاء، أن تشوبايس شوهد في إسطنبول هذا الأسبوع، وعرضت صورة لرجل يشبهه في ماكينة صرف آلي تركية.
ومنذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، استقبلت إسطنبول العديد من الروس الذين يتطلعون إلى الابتعاد عن حكومة موسكو.
أركادي دفوركوفيتش
شغل أركادي دفوركوفيتش منصب نائب رئيس الوزراء الروسي وهو حاليًا رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج. انتقد دفوركوفيتش الحرب مع أوكرانيا في تصريحات لمجلة "Mother Jones" يوم 14 مارس/ آذار، وتعرّض لانتقادات من الحزب الحاكم في الكرملين.
وقال دفوركوفيتش إن الحروب هي أسوأ الأشياء التي قد يواجهها المرء في الحياة؛ "أي حرب، في أي مكان، الحروب لا تقتل فقط أرواحًا لا تقدر بثمن، بل تقتل أيضًا الآمال والتطلعات وتجمد العلاقات والصلات أو تدمرها، بما في ذلك هذه الحرب".
وأضاف أن الاتحاد الدولي للشطرنج "يتأكد من عدم وجود أنشطة شطرنج رسمية في روسيا أو بيلاروسيا، وأنه لا يُسمح للاعبين بتمثيل البلدين في الأحداث الرسمية أو المصنّفة حتى تنتهي الحرب ويعود اللاعبون الأوكرانيون إلى الشطرنج".
وحظر الاتحاد الدولي لكرة القدم لاعبًا روسيًا كبيرًا لمدة ستة أشهر لدعمه العلني لبوتين والهجوم.
وبعد يومين من تصريحاته، طالب مسؤول كبير في حزب روسيا المتحدة بإقالته من منصب كرئيس مؤسسة "سكولكوفو" المدعومة من الدولة. وفي الأسبوع الماضي، ذكرت المؤسسة أن دفوركوفيتش قرّر التنحي.
ليليا جيلدييفا
عملت ليليا جيلدييفا مذيعة لفترة طويلة في قناة "أن تي في" التي تموّلها الدولة، وظلت على مدى عقدين من الزمن ملتزمة بخط الكرملين. لكنها استقالت من وظيفتها وغادرت روسيا بعد وقت قصير من الهجوم.
وقالت لموقع"ذا إنسايدر" إنها قررت "وقف كل هذا" في اليوم الأول من الهجوم في 24 فبراير/ شباط الماضي، مضيفة أنها عانت من "انهيار عصبي لعدة أيام، ولم أستطع تمالك نفسي".
وكشفت أن التغطية الإخبارية على القنوات التلفزيونية الحكومية تخضع لسيطرة مشددة من قبل السلطات، حيث تحصل القنوات على أوامر من المسؤولين.
كما اعترفت بأنها انضمت إلى تلك الجهود منذ عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وبدأت في دعم تمرد انفصالي في أوكرانيا.
وقالت: "عندما تستسلم تدريجيًا لنفسك، لا تلاحظ عمق السقوط، وفي وقت ما، تجد نفسك وجهًا لوجه مع الصورة الحقيقية، هذا انتهى عندي يوم 24 فبراير".
زانا أغالاكوفا
كانت زانا أغالاكوفا صحفية في القناة التلفزيونية الأولى التي تديرها الدولة، وأمضت أكثر من 20 عامًا هناك، وعملت مذيعة ثم مراسلة في باريس ونيويورك ودول غربية أخرى.
وانتشرت التقارير الإخبارية حول استقالة أغالاكوفا من وظيفتها بعد ثلاثة أسابيع من الحرب. وهذا الأسبوع، عقدت مؤتمرًا صحفيًا في باريس أكدت التقارير وشرحت قرارها.
وقالت: "لقد وصلنا إلى مرحلة عندما نشاهد في التلفزيون وفي الأخبار، قصة شخص واحد فقط، أو مَن هم في السلطة، وكأنه ليس لدينا إلا هم في البلد".
وفي إشارة إلى ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014 ودعم الانفصاليين في أوكرانيا، قالت إنها "لم تعد قادرة على الاختباء من الدعاية بعد الآن".
وكشفت أنها حتى عندما عملت مراسلة كان عليها أن "تتحدث فقط عن الأشياء السيئة التي تحدث في الولايات المتحدة".
مارينا أوفسيانيكوفا
كما تقدمت الصحافية الروسية مارينا أوفسيانيكوفا استقالتها من محطة القناة الأولى الرسمية التي تعمل بها.
واقتحمت أوفسيانيكوفا استوديو أخبار محطة "تشانيل أون"، وقاطعت المذيعة التي كانت تقرأ النشرة المسائية، عندما رفعت لافتة كتب عليها شعار "أوقفوا الحرب. لا للحرب!" وصاحت: "لا تصدقوا الدعاية. إنهم يكذبون عليكم".
ووصفت مارينا أوفسيانيكوفا نفسها بأنها "وطنية"، خلال مقابلة لها مع قناة "فرانس 24" من موسكو، مؤكدّة أنها "سلّمت كل الوثائق" اللازمة لاستقالتها من القناة الأولى.
وأضافت: "إننا بحاجة إلى وضع حد لهذه الحرب بين الأشقاء حتى لا يتحول هذا الجنون إلى حرب نووية".
وكان اثنان من أغنى الأثرياء في روسيا ميخائيل فريدمان وأوليغ ديريباسكا أعربا في موقف نادر، عن معارضتهما للهجوم.
كما انتقد فلاديمير بوتانين، رئيس شركة "نوريلسكي نيكل" المنتج الأكبر للبلاديوم والنيكل عالي الجودة في العالم، خطة الكرملين لمصادرة أصول الشركات الأجنبية التي غادرت روسيا بعد الهجوم.