حذّرت وكالات تابعة للأمم المتحدة، الإثنين، من أن مدينة درنة الليبية المنكوبة جراء فيضانات خلّفت آلاف القتلى، تواجه خطر تفشي الأمراض التي قد تؤدي إلى "أزمة ثانية مدمرة"، في وقت تبحث فيه السلطات المحلية احتمال عزل مناطق في المدينة.
وجاء ذلك في وقت أكد فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أنّ "المأساة التي ضربت شرقي ليبيا لا يجب ولا يمكن أن تكون سببًا لأيّ كان بأن يفكر في استغلالها لتنفيذ أجندات خاصة سواء أشخاص أو دول".
مخاوف من انتشار الأمراض
وضربت فيضانات هائلة الأسبوع الماضي المدينة الساحلية في شرق ليبيا، وأودت بحياة أكثر من 3000 شخص بينما لا يزال الآلاف في عداد المفقودين.
وحذّرت وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن المتضررين الذين بات 30 ألفًا منهم بلا مأوى، بحاجة ماسة إلى المياه النظيفة والغذاء والإمدادات الأساسية، في ظل تزايد خطر الإصابة بالكوليرا والإسهال والجفاف وسوء التغذية.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: إنّ "فرقًا من تسع وكالات تابعة للأمم المتحدة انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية على الأرض لتقديم مساعدات ودعم للمتضررين من الاعصار دانيال والفيضانات".
لكنها حذرت من أن المسؤولين المحليين ووكالات الإغاثة ومنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة "يساورهم القلق بشأن خطر تفشي الأمراض، خاصة بسبب المياه الملوثة ونقص الصرف الصحي"، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان: إن "الفريق يواصل العمل لمنع انتشار الأمراض، والتسبب بأزمة ثانية مدمرة في المنطقة".
وأدّت الأمطار الغزيرة التي تساقطت بكميات هائلة على مناطق في شرق ليبيا ليل الأحد الإثنين الماضي 11 سبتمبر/ أيلول، إلى انهيار سدّين في درنة، ما تسبّب بتدفّق المياه بقوة في مجرى نهر يكون عادة جافًا.
"فترة صعبة"
من جانبه، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة أنّ "الفترة المقبلة ستكون صعبة وستحمل العديد من التحديات".
وأضاف: "لكن موقفنا في الحكومة هو أن نقوم بعملنا كما يلزم".
ووصلت أكثر من 43 طائرة إغاثية من 18 دولة لمساعدة المتضررين جرّاء الفيضانات التي اجتاحت مدن شرقي ليبيا وخلفت آلاف القتلى والمفقودين، على ما أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية مساء أمس الأحد.
وبينما جرفت المياه مناطق بأكملها في مدينة درنة، التي يقدر عدد سكانها بنحو 120 ألف نسمة على الأقل، أو غطتها بالوحل، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن ما لا يقل عن 891 بناية دُمرت في المدينة. وقال رئيس البلدية إن 20 ألف شخص ربما يكونوا قد لقوا حتفهم جرّاء هذه الكارثة.
عزل مدينة درنة
وتعتزم سلطات شرق ليبيا، عزل المناطق الأكثر تضررًا في درنة، إلى جانب مدن ومناطق أخرى شرقي البلاد، حيث قال المتحدث باسم وزارة الداخلية بالحكومة الليبية المكلفة من قبل مجلس النواب، المقدم طارق الخراز: "نعتزم تطبيق خطة لعزل المناطق الأكثر تضررًا في درنة".
وأضاف في تصريحات لوكالة "الأناضول": "تلقينا التعليمات العليا بشأن ذلك، ومن المرجح أن يطبق ذلك في وقت لاحق اليوم الإثنين".
وعن أسباب ذلك الإجراء، قال الخراز: "الأسباب التي تدعو لاتخاذ هذا الإجراء كثيرة منها أن عزل المناطق الأكثر تضررًا يمكننا من السيطرة على أي كارثة بيئية يمكن أن تحدث".
وتابع "هناك تحذيرات جدية من انتشار أوبئة نتيجة تحلل جثث البشر وكذلك الحيوانات في المياه الراكدة، وهي مياه في حذ ذاتها تشكل خطرا، حيث أنها خليط بين مياه الفيضانات التي شهدتها المنطقة ومياه الصرف الصحي المنفجر بسبب الإعصار".
إخلاء المدينة المنكوبة
وكان الهلال الأحمر الليبي، قد أعلن الإثنين أن إخلاء مدينة درنة يبقى "خيارًا واردًا" ويعتمد على الوضع الصحي فيها، بعد إعلان حالة الطوارئ لمدة عام في المناطق المتضررة جراء السيول والفيضانات تحسبًا لمنع تفشي أي مرض.
وفي حديثه لوكالة "الأناضول"، قال رئيس جمعية الهلال الأحمر عبد السلام الحاج، إن فرق الجمعية تواجه صعوبات من أبرزها نقص الإمكانات اللوجستية وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق المتضررة.
وأضاف أن الفرق التابعة للهلال الأحمر تعمل على توزيع المعونات للمتضررين وإنقاذ المصابين والمساعدة في انتشال الجثامين.
وأوضح أن إخلاء درنة "يبقى خيارًا ورادًا ويعتمد ذلك على الوضع الصحي داخل المنطقة لأن هناك مخاطر صحية حقيقة موجودة حاليًا وهي انتشار الجثث وتلوث مياه الشرب بالمنطقة".
وفي 16 سبتمبر الجاري، أعلن رئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا (حكومي) حيدر السائح حالة الطوارئ لمدة عام في كامل المناطق الشرقية التي ضربتها الفيضانات.
وحول الأرقام الأولية لأعداد الضحايا والمفقودين، قال الحاج: "لا تتوفر لدينا أرقام دقيقة للضحايا أو المفقودين أما عدد النازحين فيقارب 20 ألف أسرة وأن كل الاحصائيات يتم تجميعها لدى غرفة العمليات المركزية".