الجمعة 6 Sep / September 2024

جدل التعديلات القضائية.. أيّ ارتدادات وتأثيرات على تماسك إسرائيل؟

جدل التعديلات القضائية.. أيّ ارتدادات وتأثيرات على تماسك إسرائيل؟

شارك القصة

حلقة جديدة من "تقدير موقف" تناقش تأثيرات التعديلات القضائية في إسرائيل وارتداداتها الداخلية (الصورة: غيتي)
يتواصل الجدل داخل إسرائيل حول التعديلات القضائية فيما تستمر الاحتجاجات الشعبية في ظل إضراب شامل للأطباء وتهديد بالامتناع عن الخدمة العسكرية.

تمضي الحكومة الإسرائيلية بأعضائها المتطرفين قدمًا في تنفيذ مخططها للتعديلات القضائية الذي تصرّ على منحه صفة الإصلاح رغم الزعزعة والاحتجاجات والاعتراضات الواسعة.

فمنذ الإعلان عن التعديلات القضائية كمشروع مقترح من قبل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، خرج الشارع الإسرائيلي باحتجاجات لم تشهدها تل أبيب منذ سنين.

الصراع حول المحكمة العليا

وجاء الامتعاض من داخل جيش الاحتلال مع امتناع بعض الأفراد عن الخدمة. كما تعالت ردود الفعل الدولية الداعية إلى التريث وعدم تهديد "الديمقراطية الإسرائيلية".

كل ما سبق لم يمنع حكومة نتنياهو من البدء في تنفيذ مخططها مع إقرار الكنيست، الإثنين الماضي، مشروع قانون "الحد من المعقولية"، الذي يمنع المحاكم الإسرائيلية ومن ضمنها المحكمة العليا من إلغاء قرارات تصدر عن المسؤولين الإسرائيليين من خلال تطبيق ما يعرف بـ"معيار المعقولية".

أثار القرار صخبًا وغضبًا من جهات عدة، فالمحكمة العليا تلقت طعونًا تطالب بإلغاء التعديلات المطروحة، وحددت موعدًا في سبتمبر/ أيلول المقبل للاستماع للمرافعات، لتكون هذه المرة الأولى التي تنظر فيها المحكمة في قانون يطال صلاحياتها بالتحديد.

تعديلات قضائية تثير انقسامًا وغضبًا داخل إسرائيل - غيتي
تعديلات قضائية تثير انقسامًا وغضبًا داخل إسرائيل - غيتي

تأثيرات أمنية واقتصادية

وتتواصل الاحتجاجات الشعبية في الشوارع الإسرائيلية في ظل إضراب شامل للأطباء وتهديد بالامتناع عن الخدمة في الجهاز العسكري من قبل الآلاف من طياري وجنود وضبّاط الاحتياط.

وواجهت القيادة العسكرية هذا الأمر بقرارات تأديبية مع فرض غرامات مادية وأحكام بالسجن على الممتنعين، وهو ما يرى فيه مراقبون محاولة لاحتواء الزعزعة داخل الجسم العسكري الذي خرج عن واجب التحفظ إلى إبداء الرأي والاعتراض.

كما يعتبر ما جرى واقعًا جديدًا ومقلقًا، بحسب كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين يخشون من تآكل قوة الجيش والتأثير على كفاءته.

ولم يسلم الاقتصاد الإسرائيلي من التداعيات السلبية لتعديلات حكومة نتنياهو، إذ أعلن بنك "مورغان ستانلي" خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى وضع غير مرغوب فيه، مع هروب المستثمرين الأجانب في ظل التخبط السياسي القائم وفقدان الشيقل الإسرائيلي لنحو 10% من قيمته مقابل الدولار خلال الأشهر الستة الماضية.

وتصرّ الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ مشروعها الذي يحاكي طموحها المتطرف دون الإنصات إلى صوت الشارع ولا إلى نصائح حليفتها الولايات المتحدة التي تدعوها في كل مرة إلى إيجاد حلّ وسطي يرضي جميع الأطراف.

لم يسلم الاقتصاد الإسرائيلي من التداعيات السلبية لتعديلات حكومة نتنياهو - غيتي
لم يسلم الاقتصاد الإسرائيلي من التداعيات السلبية لتعديلات حكومة نتنياهو - غيتي

معركة التعديلات القضائية "مركبة"

وفي هذا السياق، تشرح أستاذة علم الاجتماع في الجامعة العبرية في القدس أريج صباغ خوري، أن معركة التعديلات القضائية داخل إسرائيل "مركبة"، حيث لا يمكن الادعاء بأنها فقط بين اليمين واليسار في ظل وجود مجموعة من اليمين الليبرالي تدعم الاحتجاجات.

وتوضح في حديث إلى "العربي" من حيفا، أن الأغلبية الساحقة الداعمة للاحتجاجات هي من اليسار الصهيوني الليبرالي ضد اليسار الصهيوني المتدين المتزمت.

وتشير إلى أنّ مسألة "إسرائيل والصهيونية" تستدعي الآن فهم العلاقة بين اليمين واليسار بصورة مختلفة، وأن ما جرى من تحولات كبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي "كسرت" الثنائية بين اليمين واليسار والالتفات إلى انعكاسات ذلك على المشروع الصهيوني والمسألة الاقتصادية.

وتؤكد أستاذة علم الاجتماع أنه لأول مرة منذ إطلاق المشروع الصهيوني في فلسطين تسيطر أغلبية صهيونية متدينة ومتطرفة على مؤسسات السلطة التنفيذية، بينما ظلت مجموعات صهيونية يسارية تفرض سيطرتها على مؤسسات اقتصادية.

وترى أن الصراع هو داخل قلب بنية الصهيونية في إسرائيل وأنه يجري حول طبيعة الدولة والجندرية الاجتماعية، حيث تعمل الجماعات المتطرفة المتدينة على تغيير الطابع السياسي والاجتماعي لإسرائيل.

"صراع بين يمين ويمين متطرف"

من جانبه، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات محمود محارب، أنّ هناك مبالغات كثيرة بشأن ما يحدث داخل إسرائيل من قبل وسائل إعلام عربية سواء في الداخل أو في الخارج.

ويبين في حديث إلى "العربي"، من القدس المحتلة، أن الصراع الجاري داخل إسرائيل هو بين "يمين ويمين فاش ومتطرف"، معتبرًا أنّ مشروع اليسار الصهيوني "انقرض".

ويوضح أنّ الصراع يجري بين حكومة فيها ثلاثة أحزاب متطرفة وفاشية يقودها رئيس وزراء متهم بثلاث قضايا فساد حيث تريد إخضاع السلطة القضائية إخضاعًا كاملًا لهذه الحكومة.

ويلفت إلى أن هناك ثلاث سلط نظريًا داخل إسرائيل، لكن على أرض الواقع هناك سلطة تنفيذية تقودها حكومة متطرفة تسيطر عمليًا على السلطة التشريعية.

ويرى أن السلطة التنفيذية (التي تقودها ثلاثة أحزاب متطرفة) تريد أن تحكم من دون وجود أيّ كوابح بشكل مطلق، مؤكدًا أنه نوع من الدكتاتورية، لذلك تعمل على إجراء التعديلات القضائية وإجراء التغييرات على عمل المحكمة العليا.

ويشير إلى أنّ نحو 60% من المجتمع الإسرائيلي يؤيدون الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية، كما هناك النخب الأمنية والاقتصادية والثقافية التي ترفض توجه الحكومة اليمينية المتطرفة في إخضاع السلطة القضائية.

ويعتبر محارب أن ما يجري الآن يتم بـ"صورة ديمقراطية"، أيّ أنه لا "يمثل خطرًا على إضعاف الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية"، حسب قوله. لكنه يرى أن الاحتجاجات تمكنت من كبح بعض التغييرات والتعديلات.


المزيد من النقاش حول ارتدادات وتأثيرات التعديلات القضائية داخل إسرائيل في الحلقة المرفقة من برنامج "تقدير موقف".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close