أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الخميس، أنه يجري اتصالات مكثفة مع أطراف النزاع، من أجل تمديد الهدنة وتوسيع نطاقها.
وقال المبعوث الأممي في بيان إنه كثف اتصالاته مع الأطراف "دعمًا لتنفيذ جميع بنود الهدنة واستكشافًا لفرص توسيع نطاقها وتمديد أجلها لما بعد 2 أغسطس (آب المقبل)".
وأوضح أن "تمديد الهدنة وتوسيع نطاقها سيزيدان الفوائد التي تعود على الشعب اليمني، ويوفران منصة لبناء مزيد من الثقة بين الأطراف، وبدء نقاشات جادة حول الأولويات الاقتصادية مثل الإيرادات والرواتب، والأولويات الأمنية بما فيها وقف إطلاق النار".
وأشار غروندبرغ إلى أن "الهدف في نهاية المطاف هو المضي قدمًا نحو تسوية سياسية تنهي النزاع بشكل شامل".
وتابع: "بفضل استمرار التزام الأطراف، فإن الهدنة صمدت إلى حد كبير لقرابة 4 أشهر، ما يجعلها واحدة من أطول فترات الهدوء النسبي بعد أكثر من 7 سنوات من النزاع المستمر، انخفض خلالها العدد الإجمالي للضحايا بين المدنيين مقارنة بأعدادهم قبل الهدنة".
كما أوضح أنه "خلال الهدنة تم تشغيل 20 رحلة جوية ذهابًا وإيابًا حتى الآن بين صنعاء وعمّان، ورحلة واحدة ذهابًا وإيابًا بين صنعاء والقاهرة أقلت جميعها ما يزيد على 8 آلاف مسافر".
وأردف: "في الفترة بين 2 أبريل (نيسان) و21 يوليو (تموز) 2022، دخلت 26 سفينة وقود ميناء الحديدة (غرب) تحمل 720 ألفًا و270 طنًا من مشتقات الوقود، فيما هناك المزيد من سفن الوقود قيد الإجراءات".
واعتبر المبعوث الأممي، أن "الهدنة أحدثت تحولًا كبيرًا لليمن، وحققت فرقًا ملموسًا في حياة الناس".
ولفت إلى أن "الشعب اليمني والمجتمع الدولي يريدون ويتطلعون لتنفيذ الهدنة وتجديدها وتعزيزها بشكل كامل"، معربًا عن أمله أن تشارك الأطراف بشكل بناء في الجهود التي يبذلها وأن تدرك المكاسب التي يمكن تحقيقها للشعب اليمني من تمديد الهدنة وتوسيع نطاقها.
وختم قائلًا: "يجب الاستفادة من هذه المناسبة وعدم تضييع الفرصة".
ومطلع يونيو/ حزيران الماضي، وافقت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، على تمديد هدنة إنسانية في البلاد مدة شهرين، بعد انتهاء هدنة سابقة مماثلة بدأت في 2 أبريل الماضي.
ومن أبرز بنود الهدنة السارية حاليًا، وقف إطلاق النار وفتح ميناء الحديدة، وإعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، وفتح الطرق في مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ 2015.
"صادمة ومخيبة للآمال"
والسبت الماضي، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية رفضها تمديد الهدنة الأممية في البلاد، معتبرة أنها "تجربة صادمة ومخيبة للآمال".
واستهجن بيان صادر عن المجلس السياسي الأعلى للحوثيين (بمثابة الرئاسة) نشرته وكالة سبأ التابعة للجماعة، "الحديث عن تفاهمات حول تمديد الهدنة الجارية في البلاد".
وأفاد البيان بأن "الهدنة التي لم يلتزم طرف العدوان بتنفيذ بنودها مثلت تجربة صادمة ومخيبة للآمال ولا يمكن تكرارها في المستقبل".
وتابع أنه "على استعداد دائم لتعزيز أي جهود تتسم بالمصداقية وتقود على نحو مضمون إلى معالجات حقيقية وعملية في الجانبين الاقتصادي والإنساني".
ويبرر الحوثيون رفضهم تمديد الهدنة بأنهم قدّموا الكثير من المبادرات والتنازلات بغية التخفيف من المعاناة الإنسانية، وتشجيع التحالف السعودي الإماراتي على الانخراط في مسار السلام، لكن من دون جدوى.
"اليمن ورقة مساومة إقليمية ودولية"
وفي حديث سابق لـ"العربي"، أوضح ياسين التميمي الباحث السياسي المتخصّص في الشأن اليمني أن الرفض الحوثي يأتي من باب كيفية توظيف الملف اليمني والحرب اليمنية لصالح استحقاقات أخرى، من ضمنها الملف النووي الإيراني.
وقال التميمي: "الحديث عن تمديد الهدنة من دون الرجوع إلى بقية الأطراف هو نوع من الاستفزاز الذي قد يقود إلى إفشال الهدنة بشكل كامل".
ورغم ذلك، اعتبر التميمي أن الرفض الحوثي لتمديد الهدنة لا يقوم بالضرورة على أسباب وجيهة، موضحًا أن الحوثيين يريدون الهدنة غطاء للحصول على المزيد من المكاسب، وصرف أنظار العالم إلى البعد الإنساني.
وأوضح أن الأزمة الإنسانية مرتبطة بالحرب، والحرب لا يُمكن أن تنتهي إلا بتفاهمات سياسية يتهرّب الحوثيون منها، ولا يريدون أن يبنوا عليها استحقاقات ربما تتناقض مع المكاسب العسكرية التي حصدوها خلال السنوات الماضية.
وأدخلت الهدنة في اليمن هذا البلد الفقير الذي مزّقته الحرب في حالة من السلام المؤقت، لكن إغلاق الطرق ما زال يمثل قضية إنسانية رئيسية، بحسب نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في البلاد دييغو زوريلا.
وأودى الصراع بين الحكومة اليمنية المدعومة من تحالف تقوده السعودية والحوثيين القريبين من إيران والذين يسيطرون على العاصمة ومناطق أخرى، بحياة مئات الآلاف منذ 2014، ودفع أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية إلى أتون المجاعة.