طوى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومًا آخر لم يقل عنفًا عن سابقه، وارتفعت فيه أعداد الشهداء والجرحى وازدادت حدة الأزمة الإنسانية، بينما عمّ الإضراب عددا من الدول حول العالم تلبية لدعوات أطلقها نشطاء من مختلف أنحاء العالم تحت وسم "إضراب من أجل غزة".
وبحسب أحدث بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن عدد ضحايا العدوان المستمر منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وصل إلى 18205 شهداء و49645 جريحًا.
كما أكد المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، أن الاحتلال يستخدم المساعدات الطبية سلاحًا لقتل المرضى والجرحى، حيث يمنع الجرحى في المراكز الطبية شمالي القطاع من الوصول إلى المستشفيات.
وذكرت الوزارة أن جيش الاحتلال يحاصر ويستهدف مستشفى "كمال عدوان" شمال القطاع، ويعرض حياة المتواجدين فيه للخطر.
وفي شمال قطاع غزة أيضًا، اقتحم الجيش الإسرائيلي اليوم عددًا من المدارس التي تؤوي نازحين فلسطينيين في منطقة الفالوجا.
أما وسط قطاع غزة حيث يتواصل القصف الإسرائيلي، فقد أفاد مراسل "العربي" باستشهاد أكثر من 20 فلسطينيًا جراء استهداف الاحتلال بناية مكوّنة من عدة طوابق في مخيم المغازي للاجئين. كما استشهد 5 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في مخيم النصيرات.
وبحسب وكالة "الأنباء والمعلومات الفلسطينية" (وفا)، وصل عدد من الإصابات إلى مستشفى شهداء الأقصى بعد قصف الاحتلال منزلًا بمدينة دير البلح.
وفي مدينة رفح جنوبًا، استشهد 6 أشخاص معظمهم من الأطفال وأُصيب عدد آخر بجروح مختلفة بعد قصف شقة سكنية في حي تل السلطان.
وأفاد الصحافي أحمد البطة بأن القصف المدفعي الإسرائيلي لم يتوقف على مناطق متفرقة من مدينة خانيونس.
المقاومة تواصل التصدي
في غضون ذلك، واصلت المقاومة الفلسطينية تصديها لقوات الاحتلال. ومما أعلنته كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم الإثنين أنها استهدفت حشود القوات الإسرائيلية المتوغلة في منطقة المحطة بمدينة خانيونس بقذائف الهاون.
كما قالت إنها قصفت تل أبيب برشقة صاروخية ردًا على المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة.
بدورها، أشارت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إلى استهدافها آلية عسكرية للاحتلال بصاروخ مضاد للدروع واشتباكها مع جنود متحصنين بها في محور التقدم شرق غزة.
وذكرت القسام وسرايا القدس أنهما أوقعتا في عملية مشتركة عددًا من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح بعد اشتباك مع قوة إسرائيلية في الفالوجا.
من ناحيته، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل 7 من جنوده في المعارك الدائرة مع المقاومة الفلسطينية في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وكانت صحيفة "هاآرتس" العبرية تحدثت عن فجوة كبيرة بين أعداد القتلى والمصابين التي يعلنها المتحدث باسم جيش الاحتلال، وأعداد الجنود في المستشفيات، وسط اتهامات داخلية للمؤسسة العسكرية بأنها لا تعلن عن الأعداد الحقيقية للقتلى والمصابين بين الجنود.
إلى ذلك، كشفت مؤسستان فلسطينيتان أمس الأحد، أن السلطات الإسرائيلية تحتجز 142 فلسطينية، بينهن رضيعات ومسنّات من قطاع غزة جرى اعتقالهنّ خلال الاجتياح البري لقطاع غزة الذي بدأه الاحتلال يوم 27 أكتوبر الماضي.
عودة الحديث عن تبادل للأسرى
دبلوماسيًا، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن "هناك حلًا عسكريًا لإزالة قيادة حماس التي شنت هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول لكن الصراع الأكبر يجب حله سياسيًا".
وقالت الخارجية الأميركية: "يمكن لإسرائيل أن تتخذ إجراءات أكبر لحماية المدنيين في قطاع غزة".
وأضافت: "يجب أن يكون هناك تأثير أكبر للهدنة الإنسانية والمحادثات مستمرة لاستئنافها".
من جهتها، نقلت القناة 12 عن مصدر إسرائيلي قوله إن "الظروف نضجت لبدء صياغة توافقات جديدة حول صفقة لتبادل الأسرى".
وكانت حركة "حماس" شددت على أن الأسرى لديها لن يخرجوا "أحياء" من دون "تفاوض".
وأتاح اتفاق هدنة إنسانية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تبادلًا للأسرى بين المقاومة والاحتلال قبل أن يستأنف هذا الأخير عدوانه على غزة مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
كما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "سيعزز إجراءاته المتعلقة بالفحص الأمني للإمدادات التي يتم إرسالها إلى قطاع غزة من أجل زيادة حجم المساعدات الإنسانية".
وقال الجيش الإسرائيلي إن معبر كرم أبو سالم سيكون مفتوحًا "للفحص الأمني لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة".
مواقف وتحركات دولية
قال دبلوماسيون إنه من المرجح أن تصوّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 دولة، غدًا الثلاثاء على مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن استخدمت الولايات المتحدة يوم الجمعة حق النقض (الفيتو) ضد مطلب مماثل في مجلس الأمن الدولي.
إلى ذلك، اعتبر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن إسرائيل تستخدم حاليًا أساليب القصف المكثف نفسا جنوب قطاع غزة كما في شماله "إن لم يكن أسوأ".
وأضاف في مؤتمر صحفي أنه "يجب منع تهجير سكان غزة من أراضيهم، ولم يعد هناك مزيد من الملاجئ في القطاع".
من ناحيته، قال مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني في تصريح لشبكة "سي إن إن" الأميركية، إن "زملاءه الأمميين داخل غزة يشعرون بالإحباط العميق وخيبة الأمل والغضب عقب فشل مجلس الأمن الدولي في وقف إطلاق النار".
وأردف بأنه "شعور أبعد من خيبة الأمل، حيث يشعرون بأن المجتمع الدولي قد تخلّى عنهم، لا سيما وأن غزة تتأرجح على حافة الانهيار".
بدورها، أشارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى أن بلادها تتوقع من إسرائيل أن تعدّل إستراتيجيتها العسكرية لتعمل بشكل أفضل على وقف معاناة المدنيين الفلسطينيين، مضيفة أن الكثير منهم أصبحوا بالفعل ضحايا للصراع.
وقالت في مؤتمر صحفي في دبي على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ: "نتوقع من إسرائيل.. أن تسمح بالمزيد من المساعدات الإنسانية، خاصة في الشمال، وأن تكون أعمالها العسكرية أكثر تحديدًا وأن تتسبب بسقوط عدد أقل من الضحايا المدنيين"، حسب قولها.
وأضافت أن "مسألة كيفية تنفيذ إسرائيل لهذه المعركة أمر محوري بالنسبة لمنظور الحل السياسي".