السبت 16 نوفمبر / November 2024

فظاعة "مجزرة التضامن" في سوريا.. كيف يفسّر علم النفس هذا "الإجرام"؟

فظاعة "مجزرة التضامن" في سوريا.. كيف يفسّر علم النفس هذا "الإجرام"؟

شارك القصة

ناقش "العربي" دوافع وأسباب السلوك الإجرامي (الصورة: غيتي)
أظهرت بعض الصور اقتياد مدنيين وإلقاءهم في حفرة وإطلاق النار عليهم، حيث تبين أيضًا تكديس العناصر المسلحة جثث المدنيين الضحايا فوق بعضها.

نشرت "الغارديان" تحقيقًا يظهر قيام مجموعة من المسلحين تابعة لقوات النظام السوري، في أبريل/ نيسان 2013، بإعدام 41 مدنيًا بينهم 7 نساء وعدد من الأطفال ثم رميهم في حفرة قبل إضرام النيران في جثثهم.

كما أظهر المقطع المصور طلب عناصر نظام بشار الأسد من عدد من المدنيين الركض في حين كانت أيديهم مكبّلة خلف ظهورهم وأعينهم معصوبة، قبل أن يطلقوا النار عليهم.

وأظهرت بعض الصور اقتياد مدنيين وإلقاءهم في حفرة وإطلاق النار عليهم، حيث تبين أيضًا تكديس العناصر المسلحة جثث المدنيين الضحايا فوق بعضها، وإلقاء إطارات سيارات وأخشاب فوقها بالإضافة إلى سكب مادة البنزين عليها ثم إحراقها.

ولعّل السؤال الذي يطرح في هذه الحالة هو: كيف يحتمل بعض الناس أن يقدموا على هذه الأفعال أو حتى يروها؟

كيف يتحول الإنسان إلى مجرم؟

للإجابة عن هذا السؤال استضاف "العربي" أستاذة علم الاجتماع الدكتورة وديعة الأميوني، وللحديث عن مختلف الأسباب الفطرية والمكتسبة التي تدفع الأشخاص إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وشرحت الأميوني أن الإنسان الذي يقدم على افتعال الجرائم بكل أنواعها عادةً ما تدل على أنه يعاني من خلل في شخصيته على مستوى الموروثات البيولوجية، سواء كانت جريمة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، كون الإنسان بطبيعته يعيش دائمًا بصراع لأجل فعل الخير. 

وتطرقت في هذا السياق إلى ضرورة أن يرافق كل فرد يصل إلى مستوى القيادة أو تسلم سلطة، متابعة نفسية كون جميع الناس معرضين لعيش الحقد أو خلق مشاكل نفسية نتيجة التنشئة الاجتماعية التي حصل عليها وقد تؤثر على قراراته السلطوية بحسب الأميوني، إذ قد تصل في بعض الحالات إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وعن أسباب "تلذذ" بعض المجرمين لدى ارتكابهم جرائم قتل والاحتفال بها عوضًا عن الندم والشعور بالذنب، كما ظهر في الفيديو الذي نشرته الصحيفة البريطانية من سوريا، تشير أستاذة علم الاجتماع إلى أن الأزمات النفسية والتكوين البيولوجي النفسي الغرائزي هو مسبب مباشر لهذه الحالات المرضية.

وشرحت أن هذه الاضطرابات العقلية التي قد تكون في بعض الأحيان وراثية، من الأسباب الرئيسة للجرائم وارتكابها "وكأن شيئًا لم يكن".

وعلى سبيل المثال تقول الأميوني: "بعض الذين يعانون من الاضطراب ثنائي القطب والفصام قد يصل بهم الحد إلى قتل إنسان وتخطي الأمر بكل سهولة وكأنهم لم يرتكبون أي سوء".

غياب المحاسبة يشجّع على العنف

كما كشفت الدكتورة من بيروت، أن أسباب تحول الإنسان إلى مجرم يتصل أيضًا بدرجة ذكاء الفرد، قائلة: "الإنسان المجرم ذكي ولكنه حول هذا الذكاء إلى الشر نتيجة اختبارات مر بها في حياته كالاكتئاب أو حتى استهلاك المخدرات التي تفصلهم عن الواقع".

أما عن تأثير البيئة المحيطة على سلوك الفرد في المجتمع منها النظام السياسي الذي يرسخ ثقافة القتل والإجرام، فتلفت الأميوني إلى أنه في بعض الحالات الجرمية لا تعاقب بعض الأنظمة عليها وحتى قد لا تكشف في بعض الأحيان بخاصة في ما يتعلق بالجرائم الكبرى، الأمر الذي يلغي أي رادع أمام المجرم للتوقف عن هذه الأفعال.

وعليه، قد تؤثر أيضًا بعض العوامل الخارجية على هذا السلوك المضطرب مثل المستوى الاقتصادي، والوضع الأسري وحب المال وجني الثروات، بالإضافة إلى النظام الذي يعيش فيه الفرد كالأنظمة الشمولية التي تمكن الإنسان في السلطة من ممارسة إجرامه وممارسة الضغط على الشعب بحسب أستاذة علم الاجتماع.

دور الأسرة في تكوين "الشخصية المجرمة"

وتردف الأميوني: "المسؤولية الأولية تقع على كاهل الأسرة لتكون رادعًا للجوء إلى العنف بحسب ما أكّدت مختلف الدراسات الاجتماعية، التي أظهرت أن التفكك الأسري أيضًا قد يخلق لدى أحد الأفراد سلوكًا إجراميًا ومنحرفًا بحياته الاجتماعية".

فإذا مثلًا كان الطفل شاهدًا على قيام أهله بتعذيب حيوان حتى وليس إنسانًا، سيعتقد تلقائيًا أن مثل هذا السلوك هو سوي كون الطفل يتمثّل بأهله ويقلد حركاتهم على حد وصف الأميوني.

متى يبرر المجرم نفسه؟

في المقابل، ذكر التقرير أن أحد المجرمين المشاركين بالمجزة المصورة في سوريا برر فعلته بالقول إنه "كان يثأر لموت شقيقه"، وهنا تطرقت الدكتورة إلى أن إلقاء اللوم على الآخرين يريح الجاني نفسيًا بخاصة في المجتمعات التي تعتبر أن الثأر فعل بطولي وضروري.

وأضافت: "عندما يكون لدينا مجتمعات تشجع على القتل والإجرام وكل أشكال العنف وفي ظل غياب القوانين الرادعة حتمًا سيلجأ البعض إلى الإجرام بكل أشكاله في المجتمع لأن المجتمع والأنظمة تعطيه مبررات لأفعاله وقد يراها القاتل بأنها مسببات إيجابية ويفتخر بها".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close