استمعت المحكمة العليا في إسرائيل، اليوم الثلاثاء، إلى مرافعات تتعلق بطعون مقدمة ضد مسعى ائتلاف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للحد من صلاحياتها، في جلسة تاريخية أججت بالفعل أزمة انقسام داخلي منذ أشهر.
وانعقدت المحكمة العليا بكامل هيئتها المكونة من 15 قاضيًا لأول مرة في تاريخ الكيان، للنظر في طعون مقدمة من نواب معارضين وجماعات رقابية على تعديل للنظام القضائي أقره الائتلاف القومي الديني المتطرف بقيادة نتنياهو في يوليو/ تموز ويلغي قدرة المحكمة العليا على إلغاء بعض قرارات الحكومة عندما تعتبرها "لا تتمتع بالمعقولية".
وعلى الرغم من أن هناك أدوات أخرى متاحة لإلغاء المحكمة لقرارات تنفيذية إلا أن معارضي التعديل يقولون إنه يلغي أداء مهمة للرقابة والتوازن في النظام السياسي الإسرائيلي.
وتقول الحكومة إن التعديلات القضائية، بما فيها استخدام ما يعرف "بحجة المعقولية"، تستهدف منع القضاة غير المنتخبين من التدخل في السياسة، بينما يقول معارضون إن هذا التحرك يهدد "الديمقراطية في إسرائيل" من خلال إلغاء أداة ضبط حيوية توجد توازنًا.
ما هي "التعديلات القضائية" التي تسببت في انقسام سياسي داخل إسرائيل؟#جدير_بالذكر pic.twitter.com/cMj0jctRvt
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 24, 2023
"ضربة قاضية"
وقد تحتاج المحكمة العليا إلى أسابيع، أو حتى شهور لتصدر حكمها، لكن الخلاف الذي وضع السلطة القضائية في مواجهة السلطة التنفيذية والبرلمان استحوذ على اهتمام الإسرائيليين أنفسهم. وبثت محطات إذاعية وتلفزيونية تغطية موسعة لجلسة المحكمة.
ومع بداية الجلسة، تراجع الشيكل الإسرائيلي، الذي سجل الأسبوع الماضي أدنى مستوى له خلال ثلاث سنوات، بنسبة 0.2% في التعاملات المبكرة.
وتسببت الأزمة في تقسيم المجتمع الإسرائيلي، إذ خرج مئات الآلاف من المحتجين في مظاهرات أسبوعية.
وتقول جماعات مجتمع مدني وأخرى في مجال الأعمال إن التعديلات القضائية تهدد بإضعاف الاقتصاد. وتوقف جنود الاحتياط الذين يقول قادة الاحتجاجات إنهم بالآلاف عن الذهاب إلى الخدمة احتجاجًا على الوضع، وهو الأمر الذي يقول قادة الجيش إنه يهدد الأمن الوطني.
وأصدر وزير العدل ياريف ليفين، الذي تولى صياغة التعديلات القضائية، بيانًا وصف فيه جلسة المحكمة العليا بأنها "ضربة قاضية للديمقراطية، ومكانة الكنيست" من قبل قضاة وصفهم بأنهم لا يمثلون أحدًا وغير منتخبين.
إسرائيل على صفيح ساخن.. الآلاف من جنود الاحتياط يهددون بوقف الخدمة العسكرية، وأكثر من نصف مليون شخص يتظاهرون رفضا لخطة التعديلات القضائية تقرير: محمد الشياظمي pic.twitter.com/jv30KeUX4I
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 23, 2023
"البلطجة"
ويرى مقدمو الطعون أن التعديل يشجع على إساءة استغلال السلطة، إذ يطيح بالتوازنات والضوابط الديمقراطية، ويفتح الباب أمام الفساد، مضيفين أن عملية التشريع المتسرعة نسبيًا هي نفسها معيبة.
من جهتها، تعتقد الحكومة أن المحكمة العليا لا تملك أي سلطة لمراجعة التعديلات على قانون أساسي شبه دستوري في دولة ليس لديها دستور رسمي، فيما عارضت رئيسة تلك المحكمة، إستر حايوت، مستشارًا قضائيًا بالكنيست يدافع عن التشريع قائلة: "من يتعين عليه أن يشرف على معقولية تصرف ما للحكومة؟ هل تتفق مع حتمية وجود قانون لكن دون وجود مُحّكم للقانون؟".
ووصف يائير لابيد، زعيم المعارضة المنتمي لتيار الوسط، التعديل بأنه "مشوه ويتسم بالبلطجة"، وقال على منصة "إكس" المعروفة سابقًا بتويتر: "لا يستحق مثل هذا التشريع خوض نزاع قومي".
نتنياهو بدوره، والذي يحاكم بتهم فساد ينفي ارتكابها، يقول إن التعديلات القضائية تهدف إلى تحقيق توازن في المحكمة العليا التي باتت تتدخل بما يفوق الحد الممنوح لها. ولم يرد نتنياهو بإجابة واضحة عندما سُئل عما إذا كان سيلتزم بحكم من شأنه أن يلغي التشريع الجديد.
#عاجل | مراسل التلفزيون العربي: الكنيست يصادق على قانون التعديلات القضائية للحد من صلاحيات المحكمة العليا بعد انسحاب المعارضة pic.twitter.com/O7n9UCgZUu
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 24, 2023
الأزمة الإسرائيلية الأسوأ
وأطلق ائتلاف نتنياهو حملة لإقرار التعديلات القضائية، التي يتبناها في يناير/ كانون الثاني، مما أثار احتجاجات وتسبب في قلق المستثمرين وانخفاض قيمة الشيكل، في وقت عبر فيه حلفاء غربيون عن قلقهم بشأن "النظام الديمقراطي في إسرائيل".
ويخشى بعض الإسرائيليين من تأثير هذا النزاع على الجيش، إذ لا يتوجه بعض جنود الاحتياط للخدمة في إطار الاحتجاج على التعديلات القضائية.
وذكر نتنياهو أنه جرى إلغاء بعض المقترحات السابقة في التشريع منذ ذلك الحين. لكن جهوده للتوصل إلى اتفاقيات للتوصل إلى حل وسط مع المعارضين لم تسفر عن نتائج حتى الآن، مما يضيف إلى المخاوف حيال تعمق أسوأ أزمة يشهدها الداخل الإسرائيلي منذ سنوات.
ومع وجود طعنين آخرين من المقرر أن تنظر فيهما المحكمة هذا الشهر، يمكن أن يصدر الحكم بحلول أواخر يناير المقبل، مما يمنح بعض الوقت للأطراف للتوصل إلى اتفاق بشأن التعديلات. وستقدم هذه النتيجة فرصة حتى تهدأ الأوضاع بعد شهور من الاحتجاجات، وتعطي إشارة للأسواق باستقرار الوضع.