الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

وسيط بين "عدوين".. مصطفى الكاظمي "رجل المخابرات الذي لا يعادي أحدًا"

وسيط بين "عدوين".. مصطفى الكاظمي "رجل المخابرات الذي لا يعادي أحدًا"

شارك القصة

طوّر الكاظمي مواهبه كمفاوض ووسيط
طوّر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مواهبه بصفة مفاوض ووسيط (غيتي - أرشيف)
شكّل تعيين الكاظمي رئيسًا لجهاز المخابرات في أوج المعارك ضد "تنظيم الدولة" عام 2016 مفاجأة كبيرة، كونه لم ينضمّ إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.

"كنت ومازلت مشروع فداء للعراق وشعب العراق، صواريخ الغدر لن تثبط عزيمة المؤمنين، وأدعو إلى التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق". بهذه التغريدة، ردّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على "محاولة الاغتيال الفاشلة" التي تعرّض لها بواسطة "طائرة مسيّرة مفخّخة" قصفت مقرّ إقامته في بغداد فجر الأحد.

وتأتي محاولة اغتيال الكاظمي مع وصول التوترات السياسية في العراق إلى ذروتها خلال الأيام الماضية، مع رفض الكتل السياسية الممثلة للحشد الشعبي النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي أظهرت تراجعًا في شعبية هذه الكتل لصالح التيار الصدري والمستقلّين.

من هو مصطفى الكاظمي؟

شكّل تعيين الكاظمي رئيسًا لجهاز المخابرات خلال حكومة حيدر العبادي في أوج المعارك ضد "تنظيم الدولة" عام 2016 مفاجأة كبيرة، كونه لم ينضمّ إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.

لكنّ الكاظمي، المولود في بغداد في 1967، نسج خلال توليه هذا الموقع الاستراتيجي روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

درس الكاظمي القانون في العراق، وكان صحافيًا وناشطًا مناهضًا للرئيس العراقي السابق صدام حسين من أوروبا التي لجأ إليها هربًا من النظام الدكتاتوري.

بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، عاد الكاظمي إلى العراق ليُشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي. كما شغل منصب المدير التنفيذي لـ"مؤسسة الذاكرة العراقية"، التي تأسّست بهدف توثيق جرائم نظام البعث.

إضافة إلى دوره في مكافحة الإرهاب والتهريب على أنواعه، طوّر الكاظمي مواهبه بصفته مفاوضًا ووسيطًا.

أمير قطر يلتقي الكاظمي في بغداد
أمير قطر يلتقي الكاظمي في بغداد (غيتي)

ويقول سياسي مقرب من الكاظمي لوكالة فرانس برس: "للكاظمي شخصية لا تعادي أحدًا، فهو صاحب عقلية براغماتية، ولديه علاقات مع كل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية: علاقة جيدة مع الأميركيين، وعلاقة عادت إلى مجاريها مؤخرًا مع الإيرانيين".

من طهران إلى الرياض

في الأشهر الأخيرة، حاول الكاظمي جعل بغداد تتمتّع بمركز دولي، نتيجة هذه العلاقات المنسوجة شرقًا وغربًا.

هكذا، كانت العاصمة العراقية مسرحًا لمفاوضات مغلقة بين طهران والرياض، وشهدت زيارة تاريخية للبابا فرنسيس في مارس/ آذار، واستضافت في أغسطس/ آب الماضي مؤتمرًا دوليًا، شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. 

الكاظمي يستقبل البابا خلال زيارته للعراق
الكاظمي يستقبل البابا خلال زيارته للعراق (غيتي)

باختصار، وفق ما يقول عارفوه والمقرّبون منه، يعرف الكاظمي كيف يكون صديقًا لعدوين فيما بينهما، فمع عودته إلى التقارب مع طهران، لم ينس صداقاته القديمة. 

تقرّب الكاظمي من إيران
تقرّب الكاظمي من إيران (غيتي)

خلال زيارة إلى الرياض، المنافس الإقليمي لطهران، عقب توليه رئاسة وزراء العراق في مايو/ أيار 2020، شوهد وهو يعانق مطولًا صديقه الشخصي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ولي العهد السعودي يستقبل الكاظمي
ولي العهد السعودي يستقبل الكاظمي (غيتي)

ويرى مراقب غربي أنّ الكاظمي "يجسّد عودة دولة عراقية ذات سيادة"، بحسب ما تنقل وكالة فرانس برس. لكنّ فصائل موالية لإيران تتّهمه بأنه "متواطئ" في اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد.

"مفاوض بارز" 

داخليًا، يُواجه الكاظمي معارضة من الحشد الشعبي المُوالي لإيران والمناهض لواشنطن، والذي يُطالب بانسحاب كامل للقوات الأميركية من العراق. ويواصل الضغط على الكاظمي في هذا الإطار. 

كما يحمّل مناصرو الحشد حكومة الكاظمي المسؤولية عن حصول "تزوير" في الانتخابات النيابية المبكرة التي تراجع فيها عدد مقاعد تكتل "الفتح" الممثّل للحشد الشعبي. 

وعلى الرغم من أن مستقبله السياسي بات مجهولًا بعد الانتخابات، كونه ليس مرشحًا رسميًا لتولّي المنصب من جديد، يرى بعض المسؤولين السياسيين فيه حلًا في حال تعثّرت المفاوضات بين القوى السياسية. 

وبعد حصوله على دعم الطبقة السياسية العراقية التي تحتكر السلطة منذ 16 عامًا، اضطر الكاظمي إلى إعادة نسج الروابط التي تقطّعت مع العراقيين الغاضبين الذين تظاهروا خلال أشهر ضد السياسيين "الفاسدين".

كما حاول أيضًا التفاوض بشأن القنوات الاقتصادية الحيوية للبلاد، مع انهيار أسعار النفط عالميًا، إضافة إلى مسألة الإعفاءات الأميركية للعراق من العقوبات على إيران.

الكاظمي في البيت الأبيض
الكاظمي في البيت الأبيض (غيتي)

ويقول مدير الدراسات في معهد الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد توبي دودج "إنه مفاوض بارز ولاعب ماكر".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close