في وقت يجري الحديث فيه عن تبخر ما يعادل 2.5 مليار دولار من خزينة وزارة المالية العراقية خلال السنوات الماضية، أعلنت حكومة بغداد، اليوم الأحد، استرداد جزء من الأموال المسروقة من القطاع العام، والمتعلق في جزئية الضرائب والأمانات الضريبية.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قوله إن البلاد نجحت في استرداد جزء من الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية.
125 مليون دولار
وقال السوداني: "الجهات المختصة تمكنت من استرداد الجزء الأول من المبالغ المسروقة في هذا القطاع، بقيمة تتجاوز 182 مليار دينار (124.6 مليون دولار)".
وأضاف السوداني الذي تولى رئاسة الوزراء قبل أقل من شهرين، أن "لجانًا تحقيقية شكلت لتدقيق الصكوك المصروفة من الأمانات الضريبية أظهرت وجود مخالفات بتسهيل الاستيلاء على أموال الأمانات".
والأمانات الضريبية، هي أموال وضرائب مستحقة على جهات لصالح الدولة، يكون المكلفون بسدادها قد تهربوا عن الدفع لفترات متباينة.
وزاد رئيس الوزراء: هناك جهات داخل هيئة الضرائب وأخرى رقابية ومسؤولة، سهلت عملية سرقة الأمانات.. سنعلن عن الجهات التي سهلت سرقة الأمانات بعد إكمال التحقيقات".
ومضى السوداني يقول: "لن نستثني أية جهة متورطة بعملية سرقة الأمانات.. اللجان التحقيقية توصلت لنتيجة بصرف 114 صكًا لمتهم يدعى نور زهير بمبلغ إجمالي أكثر من تريليون دينار (685 مليون دولار)".
وبلغ إجمالي قيمة الأموال 3.75 تريليونات دينار (2.57 مليار دولار).
تحقيق رسمي
وقبل شهرين، فتحت هيئة النزاهة العراقية، تحقيقًا بسرقة المبلغ الضخم من أمانة الضرائب داخل مصرف الرافدين التابع للدولة، الذي هو عبارة عن عائدات ضريبية وجمركية سحبت من 5 شركات ما بين سبتمبر/ أيلول العام الفائت حتى أغسطس/ آب من العام الماضي.
ودعا السوداني المتهمين الصادرة بحقهم أوامر قبض، إلى "تسليم أنفسهم وتسليم المبالغ المسروقة وسنعمل مع القضاء لمساعدتهم وفق القانون"، مؤكدا أن "الحكومة ستتابع أي متهم وتسترد المبالغ المسروقة".
وتسلم في 28 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، السوداني مهامّه رسميًا رئيسًا للحكومة العراقية وقائدًا عامًّا للقوات المسلحة.
وشكل السوداني حكومته بتكليف من "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى المقربة من إيران، التي نجحت بعد مناورات عدة في دفع رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر إلى اليأس من تشكيل "حكومة غالبية وطنية" ليقرر الانسحاب من مجلس النواب في يونيو/ تموز الماضي.
"مافيا الفساد"
وتستشري "مافيا الفساد" حتى النخاع في العمل السياسي والحكومي العراقي، إذ قالت مبعوثة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت في إحاطتها أمام مجلس الأمن: "إن الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق وجزء من المعاملات اليومية".
فنادرًا ما خلت حكومة عراقية من قضية فساد أو فضيحة تهريب أموال، حتى أن هيئة النزاهة نفسها كانت قد أعلنت في تقريرها السنوي للعام الماضي تورط أكثر من 11 ألف مسؤول في قضايا فساد.
وكانت الحكومة العراقية السابقة قد صادقت، على بنود الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد المقترحة من "هيئة النزاهة العامة" للأعوام 2021-2024.
وتتضمن بنود الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الاستعانة بالشركات العالمية التي تمتلك الخبرة والكفاءة في مجال استرداد الأموال المهرَّبة والمدانين المحكومين بتهم فساد، والعمل على ضبط ملف تضخم الأموال والكسب غير المشروع.
وفي 23 مايو/ أيار الماضي، قال الرئيس العراقي برهم صالح، في كلمة متلفزة: إن 150 مليار دولار هُرِّبت من صفقات الفساد إلى الخارج منذ عام 2003.