طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، بفرض حظر على روسيا في "كلّ مرافئ العالم ومطاراته"، وذلك ردًا على شنها حربًا على بلاده.
وجاءت تصريحات الرئيس الأوكراني فيما تستمر الدول الغربية في حشد قوتها الدبلوماسية عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة "الغزو الروسي".
وكانت موسكو وكييف قد عقدتا جولة أولى من المفاوضات برعاية بيلاروسيا، الحليف الرئيس لروسيا، حيث يتهم الغرب مينسك بتوفير غطاء وأرضية لانطلاق العمليات العسكرية ضد أوكرانيا.
"حظر شامل" على روسيا
وفي رسالة عبر الفيديو نُشرت على "فيسبوك"، قال زيلينسكي: إنّ "مثل هكذا دولة يجب أن تُمنع من دخول جميع المرافئ والقنوات المائية والمطارات في العالم"، داعيًا المجتمع الدولي إلى "التفكير بإغلاق مجالاته الجوية بالكامل أمام الصواريخ والطائرات والمروحيات الروسية".
وشدّد الرئيس الأوكراني على أنّ "هذا الشرّ، المسلّح بصواريخ وقنابل ومدافع، يجب أن يتم إيقافه فورًا، ويجب أن يتم تدميره اقتصاديًا لكي تُظهر الإنسانية أنّها قادرة على الدفاع عن نفسها".
وندّد زيلينسكي بالقصف الذي شنّته القوات الروسية على مدن أوكرانية الإثنين، في وقت كان فيه الوفدان التفاوضيان الروسي والأوكراني يلتقيان في بيلاروسيا للمرة الأولى منذ بدء العملية العسكرية الخميس.
ونصح الرئيس الأوكراني روسيا بـ "عدم إضاعة وقتها"، لأنّ القصف الذي تشنّه على المدن الأوكرانية لن يجعله يرضخ للشروط التي وضعتها لإرساء هدنة.
وقال: إنّ "هذه المحادثات جرت على وقع عمليات قصف وإطلاق نار استهدفت أراضينا... إن توقيت القصف بالتزامن مع عملية المفاوضات كان جليًا".
وتابع: "أعتقد أنّ روسيا تحاول بهذه الطريقة البسيطة الضغط" على كييف، مضيفًا: "لا تضيّعوا وقتكم".
ووفقًا للرئيس الأوكراني، فإنّ كييف "لم تحصل على النتيجة التي كانت تودّ الحصول عليها" في نهاية هذه الجولة الأولى من المفاوضات، لكنّه أشار إلى "المقترحات المضادّة" التي قدّمها الوفد الأوكراني "لإنهاء الحرب".
وعاد الوفدان لإجراء "مشاورات في عاصمتيهما"، بعد أن اتّفقا على عقد "جولة ثانية" من المحادثات.
عقوبات أوروبية إضافية
توازيًا، أعلنت الرئاسة الفرنسية، الإثنين، أن الأوروبيين وحلفاءهم مستعدون لفرض عقوبات إضافية على روسيا، وذلك إثر اجتماع عبر الفيديو ضم قادة فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبولندا ورومانيا، إضافة إلى ممثلين للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
واعتبرت الرئاسة الفرنسية أن التدابير التي جرى بحثها خلال الاجتماع، ستفتح المجال أمام استهداف مصارف إضافية ومزيد من الأوليغارشيين وحتى الصندوق السيادي الروسي.
وقالت الرئاسة: "سيتم فرض عقوبات أخرى، هذه أولوية"، ويمكن أن يتم ذلك "في الأيام المقبلة" لأن "الأمر الملحّ هو زيادة كلفة الحرب على الرئيس (فلاديمير) بوتين"، معتبرة أن العقوبات التي سبق فرضها "تتسبب بألم أكبر مما توقعه الرئيس بوتين".
ولفتت إلى أنّ استهداف المصالح الروسية له تداعيات على الاقتصادات الأوروبية "لكن نظرًا إلى خطورة ما يفعله (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين، فإنّ خيار زيادة تكلفة الحرب عليه واضح ولا لبس فيه"، مشدّدة على أنّ الهدف من ذلك "جعله يدرك أنّ التكلفة باهظة وأن يغيّر موقفه"، مضيفة: "سنفرض ما يلزم من عقوبات لتحقيق هذا الهدف".
وبسبب العقوبات الغربية، انخفضت العملة الروسية الإثنين أكثر من 30%، كما تشمل العقوبات قيودًا تهدف إلى تقويض فرص وصول البنك المركزي الروسي إلى أكثر من 600 مليار دولار أميركي من الاحتياطات، ومنعه من حماية قيمة العملة الروسية.
عزل روسيا من الجمعية العامة
في سياق آخر، كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد بدأت اجتماعها بشأن الأزمة في أوكرانيا الإثنين، قبل إجراء تصويت هذا الأسبوع لعزل روسيا باستنكار "عدوانها على أوكرانيا" ومطالبة القوات الروسية بوقف القتال والانسحاب.
وستصوت الجمعية العامة، التي تضم 193 عضوًا، هذا الأسبوع على مشروع قرار مشابه لنص رفضته روسيا في مجلس الأمن المكون من 15 عضوًا يوم الجمعة. ولا يوجد بلد لديه حق النقض في الجمعية العامة ويتوقع الدبلوماسيون الغربيون اعتماد القرار، الذي يحتاج إلى تأييد الثلثين.
وفي حين أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، فإنها تحمل وزنًا سياسيًا. وترى واشنطن وحلفاؤها أن التحرك في الأمم المتحدة فرصة لإظهار أن روسيا معزولة بسبب حربها على أوكرانيا.
والإثنين، قال دبلوماسيون: إن ما لا يقل عن 80 دولة شاركت بالفعل في تقديم مشروع القرار، ومن المقرر أن تتحدث أكثر من 100 دولة قبل تصويت الجمعية العامة.
وأوضح السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير: "لا أحد يستطيع أن يتجاهل نظراتهم (الأوكرانيين)، الامتناع عن التصويت ليس خيارًا".
بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله في أن تؤدي المحادثات "ليس فقط إلى وقف فوري للقتال، ولكن أيضًا إلى طريق نحو حل دبلوماسي".
ووصف قرار بوتين الأحد بوضع قوة الردع النووي الروسي في حالة تأهب قصوى بأنه "تطور مروع"، وقال أمام الجمعية العامة: إن الصراع النووي "لا يمكن تصوره".
ووصف سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة سيرجي كيسليتسيا، أمر بوتين بوضع القوى النووية الروسية في حالة تأهب بأنه "جنون".
وقال كيسليتسيا أمام الجمعية العامة: "إذا كان يريد الانتحار، فليس مضطرًا لاستخدام ترسانة نووية، فكل ما عليه هو أن يفعل ما فعله الرجل في برلين في قبو عام 1945"، في إشارة إلى انتحار أدولف هتلر.
الوضع الإنساني في أوكرانيا
وأطلع منسق الإغاثة في الأمم المتحدة مارتن غريفيث المجلس الإثنين، على الوضع الإنساني في أوكرانيا، فيما تقول فرنسا إنها تخطط لطرح مسودة قرار للمجلس بشأن إدخال المساعدات وحماية المدنيين.
وقال غريفيث للمجلس: "حجم الخسائر في صفوف المدنيين والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية مقلق، رغم أننا في الأيام الأولى... أصيب وقتل أطفال ونساء ورجال من المدنيين".
كما أشار مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي، إلى أن المفوضية تخطط لاستقبال ما يصل إلى أربعة ملايين لاجئ في الأيام والأسابيع المقبلة.
من جانبه، اعتبر سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن تصرفات روسيا في أوكرانيا "تتعرض للتشويه"، وقال للجمعية العامة: "الجيش الروسي لا يشكل خطرًا على المدنيين في أوكرانيا، ولا يقصف مناطق مدنية".
وتصف روسيا أفعالها في أوكرانيا بأنها "عملية خاصة"، وتشير إلى أنها لا تهدف إلى احتلال الأراضي، لكن لتدمير القدرات العسكرية لجارتها الجنوبية وتعقب من تعتبرهم قوميين خطرين.