مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا شهرها السابع، يسعى الأوكرانيون لجمع أدلة على ما أسمته صحيفة "الغارديان" البريطانية بـ "الإبادة البيئية" التي ارتكبتها القوات الروسية، حيث يحصي دعاة حماية البيئة تكلفة الدمار ويأملون في إجبار موسكو على تقديم تعويضات.
وتسبّبت الحرب بمقتل عشرات الآلاف وتدمير مدن بأكملها. وسلّطت محطة زابوريجيا الضوء على المخاطر البيئية التي تحملها هذه الحرب، والمخاوف من عدم رصد التداعيات البيئية الخطيرة على أوكرانيا.
"فهرسة" الأضرار
وقال أناتولي بافلكو، المتخصّص في حماية الأنهار، للصحيفة: "يهتم معظم الناس بالخسائر في الأرواح والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، لكنهم ينسون الخسائر والأضرار التي لحقت بالبيئة".
وأطلق بافلكو، ونشطاء آخرون، حملة عاجلة لـ"فهرسة" الأضرار والمخاطر المستقبلية للسموم التي خلّفتها القذائف في التربة الزراعية، إلى المواد الكيميائية التي تسرّبت إلى المياه الجوفية بعد القصف والحرائق، ومن الغابات القديمة التي مزّقتها الأسلحة الحديثة، إلى الأنهار الملوّثة بمياه الصرف الصحي بعد قصف مواقع معالجة النفايات.
ويأمل الفريق البيئي في استخدام تحقيقاته لرفع دعوى قضائية دولية لإجبار موسكو على دفع تكاليف عمليات تنظيف هذه السموم، ناهيك عن التعويضات.
وقال بافلكو: "إذا كنا نتوقّع من الروس أن يدفعوا ثمن الأضرار التي خلّفتها حربهم على أوكرانيا، علينا أن نولي اهتمامًا خاصًا لوقائع الجريمة عبر توثيقها بشكل صحيح".
وجرى التركيز بشدة على المخاطر البيئية للحرب في أوكرانيا من خلال سلسلة من الأزمات في محطة زابوريجيا النووية، التي استولت عليها القوات الروسية في مارس/ آذار الماضي، واستخدمتها نقطة انطلاق عسكرية.
وبينما حذّر المسؤولون الأوكرانيون والدوليون من أن "السلوك المتهور" للقوات الروسية أدى لزيادة خطر وقوع حادث نووي، يريد دعاة حماية البيئة تسليط الضوء على الضرر الذي حدث بالفعل، حيث اختاروا مدينة تشيرنيهيف التي غادرها الروس، لدراسة "حالة جزئية من الضرر".
كاميرا التلفزيون العربي ترصد مخلفات القوات الروسية في الغابات المحيطة بمدينة #تشيرنيهيف#روسيا #أوكرانيا تقرير: صابر أيوب pic.twitter.com/MQdjwtif0N
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 9, 2022
تشيرنيهيف المثال الأبرز للضرر البيئي
وأوضحت "الغارديان" أنه جرى اختيار تشيرنيهيف "لأنها توفّر فهرسًا قاتمًا للضرر البيئي الذي تسبّبت به القوات الروسية، وللتلوّث جراء استخدام الأسلحة المختلفة".
وتحمّلت المدينة حصارًا استمرّ 41 يومًا، مع تعرّضها لهجمات أدت لتلوث المياه، والهواء، والتربة، ودمّرت الموارد الطبيعية وألحقت أضرارًا بمحطة معالجة المياه الرئيسية.
وفي هذا الإطار، التقط دعاة حماية البيئة صورًا للأضرار التي لحقت بالعديد من الشركات والمصانع في المدينة، والتي ستتمّ معاينتها لمحاولة احتساب عدد أطنان البلاستيك والمواد الأخرى التي اشتعلت فيها النيران والمواد الكيميائية التي انبعثت منها.
وتضرّرت محطة رئيسية لمعالجة المياه في المدينة، جراء القصف المتكرر، فلم تعد لديها القدرة على معالجة جميع مياه الصرف الصحي التي تمّ توصيلها بالأنابيب بعد هطول أمطار غزيرة.
ويخشى مديرو المحطة أن يضطروا إلى التخلّص من النفايات غير المعالجة في نهر قريب يتدفّق إلى العاصمة. وقالت مديرة المصنع ناتاليا مازيوك للصحيفة: "إذا لم يتم تنظيف المياه، فان مياه الصرف الصحي ستتسرّب إلى مياه الشرب".
كما أن اشتعال مستودع نفط بالمدينة، أدى إلى مشاكل في التنفس وإطلاق مواد كيميائية ستثبت على الأرض وتغرق في إمدادات المياه.
وهناك غابات كاملة دمّرها القصف والقنابل وسيستغرق نموها عقودًا. وستحتاج نظمهم البيئية أيضًا إلى سنوات للتعافي، مما يؤدي إلى حرمان سكان تشيرنيهيف من مورد مهم.
وقالت كاترينا بوليانسكا، المحللة في مجموعة الناشطين "قانون البيئة والناس" للصحيفة: "هناك مواد سامة في الحفر الاتي خلّفتها الانفجارات، ويتسرّب الكثير منها إلى الحقول الزراعية ثمّ عبر السلسلة الغذائية، وعبر التربة الأرضية إلى الأنهار، ثمّ إلى سكان المدينة".