أنهى العراق انتخاباته التشريعية، حيث مرّت العملية تقنيًا وأمنيًا بسلاسة، إلا أن نسبة المشاركة كانت بمثابة رسالة سياسية واضحة للأحزاب، كما أن النتائج ستطرح الكثير من الأسئلة حول صيغة التحالفات الممكنة.
وأتت هذه الانتخابات المبكرة بعد موجة احتجاجات شعبية عام 2019، تسبّب بها الانهيار في الخدمات العامة بالبلاد، وجرت وفق قانون جديد كان المرجو منه التخفيف من احتكار الأحزاب التقليدية للسلطة.
مطالب ثورة أكتوبر
وللمرة السادسة منذ عام 2003، توجّه العراقيون الأحد الماضي إلى صناديق الاقتراع، في ظل تعويل الساحة السياسية على هذه المشاركة الشعبية.
لكن العراقيين لم يجدوا في الانتخابات التشريعية بابًا للتغير، أو طريقًا لتحقيق مطالب ثورة أكتوبر التي اندلعت عام 2019.
وشق مقتدى الصدر طريقه نحو البرلمان، معيدًا تجربة عام 2018، حيث حصد الحصة الأكبر.
وتوقعت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن يؤدي فوز الصدر إلى التأثير على مصير 2500 عسكري أميركي لا يزالون في العراق.
رسالة مهمة
في هذا السياق، يرى الباحث السياسي طالب الأحمد أن ضعف المشاركة الشعبية كان بمثابة "رسالة كبيرة" للطبقة السياسية، رغم التحشيد الذي حصل من قبل القوى السياسية والدينية.
ويعتبر الأحمد، في حديث إلى "العربي" من بغداد، أن "الأجيال الجديدة غابت عن المشهد الانتخابي، ولم يكن لديها الحماسة للمشاركة".
ويؤكد الأحمد أن شرعية النظام السياسي "باتت على المحك" بسبب نسبة المشاركة.
ويشدد على أن "الأحزاب السياسية بصورة عامة لم تحقق نتائج تُذكر، وبدت منفصلة عن الواقع الاجتماعي للعراق".
عدم إعطاء الشرعية
من جهته، يرى الأكاديمي والباحث السياسي محمد نعناع أن قوى الثورة التي انتفضت عام 2019 انقسمت إلى قسمين في هذه الانتخابات.
ويوضح نعناع، في حديث إلى "العربي" من بغداد، أنه "استنادًا لقراءة من لم يرغب بالمشاركة في الانتخابات، فهم يرون أن المشاركة تمثّل إعطاء الشرعية للنظام الفاسد".
ويقول: "أما الجزء الآخر، فيعتبر أن المشاركة والانضمام إلى البرلمان سيكون وسيلة للتغير من الداخل، وهي طريقة أفضل من عدم المشاركة".
ويضيف: "المقاطعة كانت رسالة قوية إلى الطبقة السياسية مفادها رغبة العراقيين بوقف الفساد والولاءات الخارجية".
استمرار المحاصصة
بدوره، يلفت الكاتب السياسي زيد العيسى إلى أنه "لو لم نرَ دعوة من المرجعية الدينية للمشاركة في الانتخابات، لكنا رأينا نسب الاقتراع أقل بكثير من الآن".
ويشير إلى أن "السبب في نسب المشاركة الضئيلة هو أن الفساد استمر منذ 18 عامًا رغم دمار كامل البنية التحتية في البلاد".
ويقول: "الغضب الجماهيري مستمر في الشارع لأن المحاصصة لا تزال موجودة عند الطبقة السياسية".
ويضيف: "لو شاركت كل الجماهير المنتفضة ورمت بثقلها في الانتخابات، كنا سنرى صوتًا أوسع، لأن لا خيار للتغير سوى من داخل البرلمان".