الجمعة 20 Sep / September 2024

العملية السياسية في السودان في مهب الريح.. أي طريق تسلكه الأزمة؟

العملية السياسية في السودان في مهب الريح.. أي طريق تسلكه الأزمة؟

شارك القصة

حلقة جديدة من برنامج "للخبر بقية" تسلط الضوء على تداعيات الاقتتال بين الجيش والدعم السريع على العملية السياسية في السودان (الصورة: غيتي)
وسط غبار المعارك وأصوات المدافع باتت العملية السياسية في مهب الريح، وأصبحت قيد المجهول، والمجهول هو نتائج هذه الحرب ومَن سينتصر على مَن؟

طرحت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تساؤلات حول مدى عودة الحالة في السودان إلى مربعها الأول، وهو سؤال يفرض نفسه بقوة في ظل الأوضاع العسكرية التي تشهدها البلاد.

وأمام الحالة الراهنة تبقى النتائج مجهولة في ظل الاحتراب الجديد في السودان، إذ إنه حتى السبت الماضي الذي اندلعت فيه شرارة المواجهات، كان المشهد سائرًا في طريق توقيع الاتفاق السياسي النهائي، بعد تأجيل التوقيع مرتين بسبب خلافات عدة بين البرهان وحميدتي والتي تحولت إلى وقود للاقتتال المستعر بينهما حاليًا.

وفي مقدمة تلك الخلافات هي شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش وتبعًا لذلك فإنه ليس من قبيل المصادفة أن يحتل هذا الموضوع صدارة المناكفات الجارية بين طرفي الصراع ولا سيما بعد قرار قائد الجيش حل قوات الدعم السريع.

ووسط غبار المعارك وعلى وقع الرصاص وأصوات المدافع باتت العملية السياسية في مهب الريح، وأصبحت قيد المجهول، والمجهول هو نتائج هذه الحرب ومَن سينتصر على مَن؟

وهل سيعد إقصاء أي طرف للآخر هو إقصاء بالضرورة من المشهد السياسي المقبل؟ ثم ما مصير انسحاب العسكر من الحياة السياسية في السودان؟

مستويات الصراع في السودان

وفي هذا الإطار، قال وليد مادبو أستاذ العلوم السياسية: إن البرهان لا بد له أن يسعى لمخاطبة الشعب السوداني، لأنه إلى هذه اللحظة لم يتبين للناس المشروعية الأخلاقية لهذه الحرب من قبل الجيش السوداني.

واعتبر في حديث إلى "العربي"، من لوسيل، أن أي تغيير في قيادة الجيش يفسح المجال لنوع من التفاهمات الممكنة التي لا تقبل هزيمة الجيش السوداني باعتباره جيشًا قوميًا؛ "لأن الجيش يخوض المعركة بالطائرات والمدفعيات في المدينة التي يقطنها نحو 10 ملايين نسمة، ولذلك لا يمكن أن تحسم المعركة بالطائرات، ولا سيما أن قوات الدعم السريع متمركزة على الأرض".

وأضاف مادبو أن "حميدتي حاول في بداية المعركة أن يتكلم بأنه انحاز لخيار الشعب، ويعني بذلك الاتفاق الإطاري الذي لا إجماع عليه أصلًا، والذي لا يمكن أن يحقق تحولًا ديمقراطيًا تقوده المجموعة ذاتها التي ينعتها حميدتي بأنها صاحبة الامتياز التاريخي".

لكنه رأى أن "اللهجة قد تغيرت لدى مستشاري حميدتي وبدؤوا يقولون: إن الانقلاب تقوده مجموعة إخوانية، ومن هذه العبارة نحن بحاجة لقيادة وطنية من داخل القوات المسلحة عبر ظهور قيادة أمنية بديلة سيدفع حميدتي نحو التنازل الذي لا يجعله يتمسك بالاتفاق الإطاري بقدر ما يسعى مع بقية المواطنين لإقامة حكومة فيها إجماع وطني عريض".

وأشار مادبو إلى أن "المجموعات السياسية بالسودان هي عبارة عن مجموعات غير ناضجة فكريًا وهي آثار للحكم العسكري على مدى العقود الماضية، التي لم تترك أحزابًا بل خلقت كنتونات أسرية تحمل لافتات قومية".

وقال مادبو: "لا يوجد أحزاب بالمعنى المؤسسي وهذا ما أدخل السودان بالمأزق السياسي، ولذلك جرى استفزاز الجيش السوداني لأنه عادة المؤسسة العسكرية قائمة على أن يخضع الكل لرئيس هذه المؤسسة ولا تحتمل أن يكون هناك رأسين، وعندما أحس الجيش بالطموح العسكري عند حميدتي وعلمت بأنه كاد أن يتخذ من قواته رافعة سياسية تعقد المشهد".

ومضى يقول: "إذا استطاع حميدتي أن يفرض سيطرته الكاملة على الخرطوم وخاصة أنه يتحرك من دون غطاء فكري أو سياسي أو مجتمعي، فهو متحكم بالقصر لذلك لا يستطيع أن يعلن عن حكومة مدنية، بينما إذا استطاع البرهان أن يحكم ويكسر إرادة الدعم السريع ماذا سيفعل هو الآخر؟".

وزاد بالقول: "إن الصراع الحالي في السودان له ثلاث مستويات بين البرهان وحميدتي، وبين من يطلق عليهم الجنجويد والكيزان، والثالث هو الصراع التاريخي بين أبناء الغرب والشمال، وبالتالي إذا خسر حميدتي فإنه سيرجع إلى الحاضنة الشعبية له والتي لها امتدادات في كل حزام السودان من الدول المحيطة، وهذا يعني بداية حرب أهلية على مستوى حزام السودان، أو البحث عن مخرج آمن لحميدتي وقد يقبله إذا تأكد أن قيادة الجيش آلت إلى قيادة وطنية يمكن أن تسوق السودان نحو مصالحة أممية".

وختم بالقول: "يجب العمل على اتفاقية شاملة لكل السودانيين كي يكون الحل مستدامًا، وخاصة في ظل انتهاء الاتفاق الإطاري بعدما تصدرت المشهد السياسي ولم تخرج أطرافه لتأييد البرهان أو حميدتي، ولذلك الاتحاد الإفريقي لا يمكن أن يقدم شيئًا، بل اعتقد أن الولايات المتحدة هي القادرة على تنفيذ وسائل الإقناع بحق الطرفين".

الاشتباكات لا تزال متواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع - غيتي
الاشتباكات لا تزال متواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع - غيتي

"التأثير الداخلي هو الأسرع"

من جانبه، رأى محمد خريف عضو المكتب السياسي لحزب الأمة القومي السوداني، أن "المرحلة الآن هي مرحلة إيقاف البنادق التي تحصد الأرواح في الخرطوم وفي درافور، إذ إن كل القوى السياسية تصب جهودها لإيقاف الحرب، والحديث المتكرر مع الطرفين اللذين يمتلكان علاقات مع القوى السياسية، ولذلك كل القوى تتواصل لأنه لا يوجد عمل يسمح بالاجتماع الكامل بل عبر أحزاب فردية في ظل ارتفاع رائحة البارود".

وأضاف خريف في حديث لـ "العربي" من لندن، أنه من "الضروري توقف البنادق كي تتحقق نتائج على صعيد التواصلات مع الطرفين، إذ إن الأحزاب السياسية الداخلية لديها علاقات يمكن أن تستثمرها، وخاصة أنه يمكن ممارسة ضغوط على المؤسسة العسكرية المليئة بالتناقضات عبر نقض 3 اتفاقات سابقة، منذ ما قبل المرحلة الانتقالية وثم فض الاعتصام، ثم نقض الحكومة الانتقالية ثم انقلاب 25 أكتوبر، وبالتالي من الصعب التكهن بمصداقية أي من الجيش أو قوات الدعم السريع".

ونوّه خريف إلى "أن المطلوب للشعب السوداني هو أن يكون التأثير الداخلي هو الأسرع، ولكن الطرفين لن يستجيبوا لأي مناشدات داخلية وخاصة مع وجود تأجيج للصراع من خلال وجود ضباط داخل المؤسسة العسكرية، لذلك الضغط الخارجي هو المؤثر الأكبر".

وراح يقول: "القوى السياسية يمكن أن تؤثر وخاصة أن المؤسسة العسكرية مخترقة من النظام السابق، مثلها مثل قوات الدعم السريع".

خيارات إفريقية

بدورها، قالت هبة البشبيشي الخبيرة في الشؤون الإفريقية: إن "العمل الإفريقي يجد ترحيبًا بصورة كبيرة في كافة الإشكاليات الإفريقية، وخاصة أن وجود مصر قد يوحي بتكاتف العمل العربي الإفريقي وخاصة بعد الدعوة مع السعودية لجلسة عاجلة لمجلس الجامعة العربية ودعوة لإنهاء الصراع".

وأضافت البشبيشي في حديث لـ"العربي" من القاهرة، أن "الاتحاد الإفريقي لديه أوراق للضغط على البرهان وحميدتي، وخاصة أن الصراع هو تنافس على السلطة وليس للانتقال الديمقراطي، وبالتالي من أوراق الضغط هي توقيع عقوبات على السودان، وإخراج السودان من كافة التكتلات الاقتصادية، ومنع الاستيراد والتصدير من الدول الإفريقية، كما أن الدول الإفريقية لن تستقبل أي أحد منهم وتقيد إقامتهم في السودان بمعنى إخراجهم من المجتمع الدولي".

وختمت بالقول: "الحل سيكون إفريقيًا في السودان، وأكبر دليل مسألة جنوب السودان حول وجود رئيس ونواب له وتسليم السلاح، وكذلك ما حصل في رواندا عبر التدخل الإفريقي فيها والذي أفضى للحل فيها".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close