Skip to main content

حصيلة الضحايا في تزايد.. وضع صحي صعب واقتتال مستمر في السودان

الثلاثاء 18 أبريل 2023

تواصلت، اليوم الإثنين، عمليات الاقتتال والمعارك الضارية في السودان لليوم الثالث على التوالي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وحصدت في حصيلة أولية أوردتها الأمم المتّحدة 180 قتيلاً و1800 جريح.

وقال رئيس بعثة الأمم المتّحدة في السودان فولكر بيرتيس في مداخلة عبر الفيديو أمام مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة مغلقة بشأن الوضع في هذا البلد: إنّ الحصيلة الأولية للمعارك هي أكثر من 180 قتيلًا و1800 جريح.

وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية المستقلّة والمؤيدة للديمقراطية مقتل ما لا يقلّ عن 97 مدنيًا في هذه المعارك، سقط 56 منهم السبت و41 الأحد، مشيرة إلى نصف القتلى تقريبًا سقطوا في العاصمة.

وسبق للجنة أن أشارت إلى أنّ حصيلة القتلى في صفوف المقاتلين تعدّ بـ"العشرات"، لكنّ أيًا من الطرفين لم يعلن عن خسائره البشرية.

وتمّ إخلاء مستشفيين على الأقلّ في العاصمة بعدما "اخترق الرصاص والقذائف جدرانهما"، بحسب ما أعلن أطباء قالوا إنّه لم تعدّ لديهم كذلك أكياس دمّ ولا مستلزمات طبية لعلاج المصابين.

تعليق نشاط منظمات غير حكومية

وإضافة إلى الطلقات النارية العشوائية التي أسفرت خصوصًا عن مقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في دارفور، صار يتعيّن على العاملين في المجال الإنساني التعامل مع عمليات النهب في الإقليم، وفق ما أكّدت منظمة "أنقذوا الأطفال".

وأعلنت منظّمات غير حكومية عديدة ووكالات تابعة للأمم المتّحدة تعليق أنشطتها، في قرار له تداعيات وخيمة في بلد يؤثر فيه الجوع على أكثر من واحد من كل ثلاثة من سكّانه البالغ عددهم 45 مليونا.

وحذّرت متاجر البقالة القليلة التي لا تزال مفتوحة من أنّها لن تصمد أكثر من أيام قليلة إذا لم تدخل شاحنات المؤن إلى العاصمة.

وكان التوتّر كامنًا منذ أسابيع بين البرهان ودقلو المعروف بـ"حميدتي" اللذين أطاحا معًا بالمدنيين من السلطة خلال انقلاب في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قبل أن يتحوّل خلافهما السياسي على السلطة خصوصًا، إلى مواجهات السبت.

وتتواصل المعارك بالأسلحة الثقيلة في مناطق عدة في البلاد، فيما تدخّل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقارّ لقوات الدعم السريع، القوة التي كانت معروفة بـ"الجنجويد" في عهد عمر البشير وقاتلت إلى جانب قواته في إقليم درافور.

ولاحقًا تحوّلت ميليشيات الجنجويد إلى قوة نظامية شبه عسكرية باسم "قوات الدعم السريع"، وبعد الإطاحة بالبشير شاركت في تقاسم السلطة بين العسكر والمدنيين.

وعلى تويتر كتبت قوات حميدتي بالإنكليزية: إنّ "البرهان يقصف المدنيين من الجوّ، ونحن مستمرّون في القتال وسوف نقدّمه للعدالة".

وضع صحي صعب

وفيما لا يرتسم في الأفق أيّ وقف لإطلاق النار، دقّ الأطباء والعاملون في المجال الإنساني ناقوس الخطر. فبعض الأحياء في الخرطوم محرومة من التيار الكهربائي والمياه منذ السبت.

وأكّد أطباء انقطاع التيار عن أقسام الجراحة، فيما أفادت منظمة الصحة العالمية أنّ "عددًا من مستشفيات الخرطوم التسعة التي تستقبل المدنيين المصابين، تعاني من نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية".

وأصيب يونانيان في الخرطوم فيما يوجد قرابة 15 آخرين داخل الكنيسة الارثوذكسية في الكديمة ولا يستطيعون الخروج منها بسبب المعارك.

وعجزت "الممرّات الإنسانية" التي أعلنها الطرفان المتحاربان لمدة ثلاث ساعات بعد ظهر الأحد عن تغيير الوضع، فاستمرّ سماع إطلاق النار ودويّ انفجارات في الخرطوم.

وكان المتحدث الرسمي باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير عمار حمودة قد أكّد اليوم الإثنين أنّ الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع "لا يحل المشكلة السياسية القائمة" في السودان.

وقال حمودة في تصريح لـ"العربي" من لندن: إن ما يجري في السودان "اقتتال داخلي بين المكون العسكري"، لكنه "يلقي بظلال بشعة نحو الحياة السياسية والعامة بعد هذه الحروب".

وأضاف أن قوى الحرية والتغيير تؤكد ضرورة أن "تسكت البنادق والعمل على إيجاد مخارج وحلول سياسية للوضع السياسي المزري" باعتبار أن البلد مرّ بتجارب مريرة مع الحل العسكري.

واعتبر أن الحديث عن تأييد قوى الحرية والتغيير لطرف على حساب آخر عبارة عن "افتراءات"، مؤكدًا أن القوى تريد "إدماج الدعم السريع في الجيش للوصول إلى جيش وطني ومهني موحد".

"وقف فوري للأعمال العدائية"

إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين إلى "وقف فوري للأعمال العدائية، وإعادة إرساء الهدوء، والانخراط في حوار لحلّ الأزمة" في السودان.

وقال غوتيريش: "أدين بشدّة اندلاع المعارك الدائرة في السودان"، محذرًا من أنّ "أي تصعيد إضافي" للنزاع بين الجيش والقوات شبه العسكرية "قد يكون مدمرًا للبلاد والمنطقة".

وطالب الأمين العام "كل من لديهم نفوذ على الوضع لاستخدامه في سبيل إحلال السلام". وأضاف أنّ "الوضع الإنساني في السودان كان هشًّا أصلًا وبات الآن كارثيًا".

وفي هذا السياق، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنّها "على استعداد" لمساعدة السودان - وهو من الدول التي تستضيف أكبر عدد لاجئين في إفريقيا - والدول المجاورة له في حال نزوح سكّان بسبب الحرب.

وتكثّفت الإثنين التحركات الدبلوماسية. وأعلنت مصر، وهي جار كبير مؤثّر، أنّها ناقشت الوضع في السودان مع السعودية وجنوب السودان وجيبوتي، وكذلك مع فرنسا.

من جانبها تحدثت قطر مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد الذي من المفترض أن يتوجه في أسرع وقت ممكن إلى السودان - الذي لم تعد تحلق فوقه أي طائرات ركاب. ودعا وزيرا خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا من اليابان الإثنين إلى "وقف فوري" للعنف.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد اجتماع مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي: إن هناك اتفاقًا على الحاجة إلى "وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المحادثات".

المصادر:
العربي - أ ف ب
شارك القصة