الثلاثاء 17 Sep / September 2024

هدنة جديدة في السودان تدخل حيز التنفيذ.. هل تقود إلى حل الصراع؟

هدنة جديدة في السودان تدخل حيز التنفيذ.. هل تقود إلى حل الصراع؟

شارك القصة

فقرة ضمن برنامج "الأخيرة" تناقش دور الهدنة الجديدة في حل الصراع في السودان (الصورة: غيتي)
أعلنت السعودية والولايات المتحدة عن اتفاق ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على وقف إطلاق النار في البلاد لمدة 72 ساعة.

دخلت هدنة جديدة بين طرفي النزاع في السودان، حيز التنفيذ اعتبارًا من اليوم الأحد، على أن تستمرّ لمدة 72 ساعة.

ومساء السبت، أعلنت السعودية والولايات المتحدة في بيان مشترك، عن "اتفاق ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء السودان لمدة 72 ساعة اعتبارًا من تاريخ 18 - 21 يونيو/ حزيران الساعة 6 صباحًا بتوقيت الخرطوم" (04,00 ت غ).

وأشار البيان إلى أن الطرفين اتفقا على أنهما أثناء فترة وقف النار "سيمتنعان عن التحركات والهجمات واستخدام الطائرات الحربية أو الطائرات المسيّرة أو القصف المدفعي أو تعزيز المواقع أو إعادة إمداد القوّات".

وأضاف أنهما سيسمحان "بحرية الحركة وإيصال المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء السودان".

ودعت الرياض وواشنطن طرفَي النزاع إلى "النظر في المعاناة الكبيرة التي يعانيها الشعب السوداني، وضرورة الالتزام التام بوقف إطلاق النار وتوقف حدّة العنف".

كما أكد البيان أنه في حال عدم التزام الطرفين وقف النار "سيضطر المُسهّلان إلى النظر في تأجيل محادثات جدة".

وسبق أن أُعلنت هدن عدة منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم، معظمها برعاية سعودية وأميركية، لكن لم يتم التزامها كليًا على الأرض.

وسرت آخر هدنة نهاية الأسبوع الماضي لمدة 24 ساعة، والتزمها الطرفان إلى حد بعيد، لكن فور انتهاء مدتها صباح الأحد استفاق سكان الخرطوم على تجدد المعارك.

هل تقود الهدنة الجديدة إلى حل الصراع؟

وفي هذا الإطار، يعرب الكاتب الصحفي السوداني بابكر عيسى عن اعتقاده أن الوضع في السودان بات بالغ التعقيد، مستبعدًا أن تقود أي مبادرات جديدة إلى حل نهائي في ظل الظروف الراهنة في السودان، ولا سيما بعد تطورات الأحداث المأساوية في دارفور وخصوصًا في غربها.

ويشير في حديث إلى "العربي" من استديوهات لوسيل، إلى أن الأزمة في السودان تحتاج إلى إرادة سياسية قوية، وإلى ضغوط فعلية من الأطراف الفاعلين، معتبرًا أن مبادرة الـ72 الأخيرة قد تكون مجرد جهد جديد يضاف للجهود السابقة، التي لم تثمر في إيقاف الحرب.

ويرى عيسى أن الحديث عن المساعدات الإنسانية في اتفاقات الهدن أصبحت مجرد غطاء، لافتًا إلى أن قوات الدعم السريع في كثير من الأحيان تستغل هذه الهدن لكسب مزيد من الأراضي أو التمترس في مواقع جديدة.

ويلفت إلى أن الرهان الكبير جدًا ما زال على القوات المسلحة، لأنها تحظى بحاضنة وطنية وعملية دفع مستمر، ولأن الناس تدعمها باعتبار أنها تمثل الشرعية في ظل غياب الحكومة السودانية.

إلى ذلك، يُعقد الإثنين المقبل في جنيف مؤتمر دولي لدعم الاستجابة الإنسانيّة للسودان ترأسه بشكل مشترك السعودية وقطر ومصر وألمانيا والاتحاد الأوروبي وعدد من وكالات الأمم المتحدة.

ومنذ 15 أبريل/ نيسان، تشهد الخرطوم ومناطق سودانية عدة معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، فشلت معها كل مساعي الحل والغالبية العظمى من اتفاقات وقف النار.

قصف جوي

ميدانيّا، تعرضت أحياء في جنوب العاصمة السودانية السبت لقصف جوي أدى إلى سقوط قتلى مدنيين مع تواصل المعارك بين الجيش وقوّات الدعم السريع، في وقت تدفع أعمال العنف في دارفور المئات إلى عبور الحدود نحو تشاد.

وزاد النزاع حدة الأزمات التي يُعانيها السودان، إحدى أكثر دول العالم فقرًا حتّى قبل المعارك، وأثّر في مجمل مناحي حياة سكّانه الذين يُقدّرون بأكثر من 45 مليون نسمة.

والسبت، أفادت "لجان المقاومة"، وهي مجموعات شعبيّة تنشط في تقديم الدعم منذ بدء النزاع، بتعرّض أحياء في جنوب الخرطوم منها مايو واليرموك لقصف بالطيران التابع للجيش.

وأعلنت اللجان في بيان "وفاة 17 ضحية من المدنيين بينهم خمسة أطفال" وإصابة آخرين و"تدمير 25 منزلًا".

واتهمت قوّات الدعم السريع في بيان الجيش بمهاجمة "عدد من الأحياء السكنيّة" في جنوب العاصمة بالطيران، ما أدى إلى "مقتل وإصابة العشرات".

ونشرت عبر تويتر شريط فيديو قالت إنه لآثار القصف، ظهر فيه عشرات الأشخاص متجمعين قرب ركام منازل من الطوب مدمرة بشكل شبه كامل. وحمل عدد منهم جثة مغطّاة، ووضعوها قرب جثث أخرى مرصوفة أرضًا ومغطاة ببطانيات. ووقفت بجانبهم نسوة ينتحبن.

وأعلنت قوات الدعم السبت أنها أسقطت طائرة حربية تابعة للجيش. لكن مصدرًا عسكريًا قال لفرانس برس إن الطائرة سقطت بسبب "عطل فنّي".

"الذخيرة" هي الوساطة

وفي سياق متصل، أكد شهود في الخرطوم تزايد حدة القصف الجوي في اليومين الماضيين.

وكانت ضاحية أم درمان بشمال العاصمة تعرضت الجمعة لقصف جوي، استهدف خصوصًا حي بيت المال. وتحدثت "لجان المقاومة" عن سقوط ثلاثة قتلى وتضرر منازل، بينما اتهمت قوّات الدعم الجيش باستخدام الطيران لقصف "عدد من الأحياء المأهولة بالسكان" منها بيت المال حيث قتل "أكثر من 20 مدنيًا".

ومنذ بدء المعارك، لم يحقق أي من الطرفين تقدمًا ميدانيًا ملحوظًا على حساب الآخر في الخرطوم. وتختلف التكتيكات العسكريّة للطرفين، إذ يعتمد الجيش على الطيران والمدفعية والمدرّعات، بينما ترتكز عمليات الدعم السريع على تحرك مسلحين وعربات مزودة رشاشات ثقيلة.

وأكد نائب القائد العام للجيش ياسر العطانية استهداف قوات الدعم حتى في مناطق مأهولة.

وأثناء تفقده مجموعة من الجنود، دعا العطا المدنيين إلى الابتعاد "عن جدار المنزل حيث هم (عناصر الدعم السريع) موجودون... لأننا سنهاجمهم في كل حتّة (مكان)"، وذلك وفق شريط مصور نشرته صفحة القوات المسلّحة على فيسبوك.

وأضاف: "الوساطة بيننا وبين هؤلاء المتمرّدين هي الذخيرة"، في إشارة ضمنية إلى وساطات عدة بين الطرفين لم تفلح أيّ منها في التهدئة.

ودارت السبت "اشتباكات بكل أنواع الأسلحة" في جنوب العاصمة، بينما سجل "قصف صاروخي وبالمدفعية الثقيلة" مصدره أم درمان بشمالها، وفق شهود.

وتحدث آخرون عن معارك قرب سلاح المدرعات في جنوب العاصمة وعن "قصف مدفعي عنيف" على ضاحية بحري بشمالها.

ومنذ أكثر من شهرين، تتواصل أعمال العنف بشكل شبه يومي في الخرطوم التي كان عدد سكانها يتجاوز خمسة ملايين نسمة، إلا أنّ مئات الآلاف غادروها منذ بدء النزاع، في ظل نقص المواد الغذائية وتراجع الخدمات الأساسية، خصوصًا الكهرباء والعناية الصحّية.

وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 2000 شخص وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

كذلك، تسببت المعارك بنزوح أكثر من 2,2 مليون شخص، لجأ أكثر من 528 ألفًا منهم إلى دول الجوار، وفق أحدث بيانات المنظّمة الدوليّة للهجرة.

جرحى إلى تشاد

وعبر أكثر من 149 ألف شخص نحو تشاد الحدودية مع إقليم دارفور حيث تتخوف الأمم المتحدة من وقوع انتهاكات قد ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانيّة"، خصوصًا في مدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم.

وأشارت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى أن زهاء ستة آلاف شخص فروا من الجنينة خلال الأيام القليلة الماضية فقط، مع "تصاعد أعمال العنف" في دارفور.

وأوضحت في بيان السبت أن "ما لا يقلّ عن 622 جريحًا" أدخلوا مستشفى مدينة أدري التشادية الحدودية مع السودان "على مدى الأيّام الثلاثة الماضية".

وأشارت إلى أن 430 من هؤلاء يحتاجون "عناية جراحية"، وأن غالبية الإصابات كانت "جرّاء إطلاق النار".

وقال منسق المنظمة في أدري سيبو درايا: "الوضع صراحة يفوق طاقتنا لكن الجميع يقوم بأقصى ما يمكن للتأقلم".

وتثير الأوضاع في دارفور قلقًا متزايدًا، إذ حذرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من أنّ ما يشهده الإقليم قد يرقى إلى "جرائم ضدّ الإنسانية".

وعانى الإقليم منذ بداية الألفية الثالثة وعلى مدى عقدين، نزاعًا أودى بـ300 ألف شخص وهجر أكثر من 2,5 مليون، وفق الأمم المتحدة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close