في الثالث من فبراير/ شباط 2015، أعدم "تنظيم الدولة" الطيار الأردني معاذ الكساسبة، متفاخرًا بذلك عبر نشر فيديو يوثّق إحراقه حيًا.
أمس، وبعد سبعة أعوام، سجّل التاريخ نفسه حدثًا عالميًا تمثّل باغتيال رأس التنظيم في سوريا عبد الله قرداش، المعروف بأبي إبراهيم الهاشمي القرشي.
وممّا لا شكّ فيه أن حدث "اغتيال" زعيم "تنظيم الدولة" في سوريا عبد الله قرداش سيكون له تداعيات وردود فعل على مختلف الأصعدة أميركيًا ودوليًا وإقليميًا. خصوصًا وأنّ الرئيس الأميركي جو بايدن أكّد أنّ إدارته ستواصل العمل مع الشركاء لزيادة الضغط على التنظيم المتطرّف.
وأشار بايدن إلى أنّ قرار إرسال وحدة قوات خاصة أميركية للقبض على زعيم "تنظيم الدولة" كان سببه وجود مدنيين معه في المنزل، وأنّ قرداش هو المسؤول عن مقتلهم بسبب تفجير نفسه بعدما يئس الأخير من دون أي مراعاة لأرواحهم.
"صيد كبير" للتحالف الدولي
ويؤكد الكاتب الصحافي منهل باريش أن كل المتابعين لشؤون التنظيم يعرفون أنّ عبد الله قرداش هو أهمّ رجال التنظيم على الإطلاق، لعدة أسباب، بينها أسباب أمنية تتعلق بالوضع الأمني للتنظيم، ومسؤولية قرداش عن الشبكات الخارجية لتنظيم الدولة، إضافة إلى كونه مسؤول التفخيخ وغير ذلك.
ويشير باريش في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، إلى أنّ أهمّ ما ارتكبه قرداش كان الهجوم على الأيزيديين وسبي الأيزيديات في العراق، وهو كما أصبح معروفًا لدى البعض، من اتخذ القرار بسبي الأيزيديات، ويتحمّل مسؤولية مباشرة حول هذه المسألة.
ويلفت إلى أنّ قرداش هو من أخطر رجال التنظيم، بل يُعَدّ أخطر من أبي بكر البغدادي نفسه عندما كان قائدًا للتنظيم، مستنتجًا أنّ مقتله ينطوي على "صيد كبير للتحالف الدولي وانتقام وعدالة لعدد كبير من الضحايا الذين سقطوا سواء في سوريا أو العراق من المدنيين وغير المدنيين".
صدى "سلبي" على "تنظيم الدولة"
ويلفت باريش إلى أنّ قرداش كان من دفع شخصيًا بالعملية الأخيرة تجاه سجن غويران، ملمّحًا إلى أنّ التحضير للمعركة ونشاط التنظيم خلال الفترة الماضية، وتحديدًا على امتداد الأشهر الستة الأخيرة، هو الذي أدّى إلى حصول قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وبالتالي التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة"، على معلومات استخبارية أتاحت تتبّع قرداش.
ويعرب عن اعتقاده بأنّ صدى العملية سيكون سلبيًا على "تنظيم الدولة" بطبيعة الحال، مرجّحًا تراجع حدّة عمليات خلايا التنظيم الموجودة سواء في سوريا أو في العراق بشكل كبير، وعودته بالتالي إلى فترة "خمول" قد تستغرق وقتًا طويلًا حتى يتمكّن من إعادة "ترتيب نفسه" مرّة أخرى، إن جاز التعبير.
ويوضح أنّه مع قرداش، وخصوصًا ما حصل في سجن غويران، ساد انطباع بأنّ التنظيم استعاد قيادة مركزية كبيرة وبات قادرًا على ضبط الأمور بشكل واضح. ويلفت إلى أنّ السياسة المتبعة بالنسبة إلى التنظيم الآن هي الانتقال إلى أماكن مكتظة سكانيًا أكثر من أجل حماية القيادة، وهذا ما حصل مع البغدادي وقرداش نفسه الذي لم يكن يفضّل اللجوء إلى منطقة تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" التي تخضع للنفوذ التركي.
لكنّ باريش يعتبر أنّ التنظيم "لن يتأثر وجوده أو بقاؤه أو إعادة إحيائه بمقتل القيادة"، لافتًا على أنّ المسألة هي في النهاية "مسألة فكرية وإيديولوجية"، وبالتالي "غير مهمّ من يكون قائد التنظيم".