الأحد 17 نوفمبر / November 2024

العراق.. السجن 15 عامًا لبريطاني لإدانته بتهريب قطع أثرية وتبرئة ألماني

العراق.. السجن 15 عامًا لبريطاني لإدانته بتهريب قطع أثرية وتبرئة ألماني

شارك القصة

الباحث العراقي في علم الآثار علي النشمي يتحدث لـ"العربي" عن خطورة تهريب الآثار إلى خارج البلاد (الصورة: مواقع التواصل )
حكمت محكمة عراقية على بريطاني أدين بمحاولة تهريب قطع أثرية من البلاد بالسجن 15 عامًا، بينما برأت ألمانيًا حوكم في إطار القضية ذاتها.

بعد شهرين من توقيفهما في العراق، حكمت محكمة في بغداد اليوم الإثنين على بريطاني أدين بمحاولة تهريب قطع أثرية من البلاد بالسجن 15 عامًا، فيما أكد محاميه أنه سيقوم بتمييز الحكم، بينما برأت ألمانيًا حوكم في إطار القضية ذاتها.

وأوقف الرجلان وهما البريطاني جيمس فيتون (66 عامًا) والألماني فولكار وولدمان (60 عامًا) في مطار بغداد الدولي في 20 مارس/ آذار، وكان فيتون يحمل في حقيبته عشر قطع أثرية هي عبارة عن كسارات سيراميك وفخار بغالبيتها، فيما كانت بحوزة وولدمان قطعتان قال: إن "رفيقه في الرحلة سلمه إياهما".

وكان الاثنان وصلا إلى العراق في رحلة سياحية منظمة ولم تكن بينهما معرفة من قبل.

ويضمّ العراق الذي كان تاريخيًا مهد حضارات بلاد ما بين النهرين مثل السومرية والبابلية، آثارًا عديدة ضاربة في القدم لا يزال بعضها قائمًا حتى الآن. وتتعرض هذه الآثار للسرقة والتهريب فيما القانون العراقي صارم جدًا إزاء هذه الجرائم.

"السجن 15 عامًا بسبب سن المتهم"

ومثل الرجلان أمام محكمة الكرخ في العاصمة بالزي الأصفر الخاص بالسجناء في العراق، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس".

وأكد المتهمان براءتهما حينما طرح عليهما القاضي سؤالًا إذا ما كانا مذنبين بتهريب آثار وهي جريمة تصل عقوبتها وفق قانون التراث والآثار العراقي في مادته الـ41 إلى حدّ الإعدام لكل "من أخرج عمدًا من العراق مادة أثرية أو شرع في إخراجها".

وبعد تلاوة المحاميين دفوعاتهما أمام القاضي ببراءة الرجلين من التهمة المسندة إليهما، قرر القاضي أن فيتون مدان بالجريمة، فيما برّأ وولدمان.

ولفت القاضي لدى تلاوة الحكم إلى أن العقوبة المنصوص عليها في قانون الآثار والتراث للجريمة التي أدين بها فيتون هي "الإعدام شنقًا"، لكنه قرر تخفيضها إلى "السجن 15 عامًا بسبب سن" المتهم.

وقال محامي فيتون ثائر مسعود لـ"فرانس برس": "سنقوم بتمييز الحكم خلال يومين، ويمكن لمحكمة التمييز أن تقرر إلغاءه أو تخفيفه أو الإبقاء عليه"، معتبرًا أنه "مشدد جدًا".

"قصد جرمي"

وكان المحامي مسعود قد اعتبر في دفوعاته أمام القاضي أن الأدلة المتوافرة تنفي وجود "قصد جرمي" لدى موكله، وأبرزها "وجود القطع بشكل متناثر" على الأرض.

وأشار إلى غياب "لافتات تحذيرية" في الموقع، تحذّر السياح من عدم التقاط القطع عن الأرض، وكذلك "عدم تسوير" الموقع، "فكان الانطباع أن من الممكن التقاطها".

ولفت كذلك إلى "عدم قيام المرافقين بهيئة الآثار والتراث بتحذير موكلي من عدم التقاط القطع".

وأضاف المحامي أن موكله "تطوع للبقاء مع المضبوطات" إثر العثور عليها بحوزته في مطار بغداد، معتبرًا أن ذلك يؤكد عدم وجود نية لارتكاب جريمة لديه.

كما أشار إلى أن "القطع المضبوطة هي عبارة عن كسر لفخاريات وأحجار، وليست قطعًا مكتملة كالتي ينص القانون" على تجريم إخراجها من البلاد.

غير أن القاضي اعتبر في حكمه أن فيتون كان "على علم وبينة بأن الموقع أثري" عندما التقط القطع، معتبرًا أن حجة الدفاع بعدم توافر "قصد جرمي" في عملية إخراج القطع "لا ينفي الأدلة" التي بحوزة القضاء بوجود جرم يعاقب عليه القانون. ورأى أن علم فيتون بأن الموقع أثري يعني "توافر القصد الجرمي".

إخلاء سبيل وولدمان

في المقابل، قرر القضاء "إلغاء التهمة" بحق الألماني فولكار وولدمان "لعدم وجود أدلة كافية" لإدانته وبالتالي أمرت المحكمة بـ"إخلاء سبيله حالًا".

وكان محاميه فرات عبد العظيم قد قال في دفوعاته إن موكله بريء من التهمة الموجهة إليه خصوصًا لأنه "قام بأخذ القطعتين اللتين عثر عليهما بحوزته من جيمس... وجيمس قام بتأييد أقوال موكلنا".

وأضاف: "ثبُت أنه لا يعلم أن القطع" أثرية كما أن "عائديتها إلى جيمس" وبالتالي "التهمة غير محققة".

وقال عبد العظيم لـ"فرانس برس" بعد الجلسة: إنّ "موكله بات قادرًا على العودة إلى بلده حال استكمال بعض الإجراءات".

وأوضح: "بعد القيام بإجراءات بسيطة في مكان توقيفه وهو سجن المطار، سنعمل على تسريع خروجه وسفره خارج العراق".

وفي الجلسة الأولى لمحاكمتهما، قال وولدمان، وهو طبيب نفسي يقطن في برلين، في إفادته إنه "لم تكن هناك أي إشارة بأنّ تلك القطع أثرية ويمنع أخذها".

ومن جانبه، قال فيتون، وهو عالم جيولوجي متقاعد يعيش في ماليزيا: "لم أكن أدرك أن أخذ تلك القطع مخالف للقانون".

يذكر أن هناك قطعًا أثرية عراقية مهربة في مزادات عالمية علنية على شبكة الإنترنت بأبخس الأثمان. وتتضمن هذه الآثار ألواحًا سومرية وقطعًا أثرية أخرى تم تهريبها من المواقع الأثرية لتجد طريقها في هذه المزادات وتنتهي في بيوت المقتنين.

وتعرضت آلاف القطع الأثرية العراقية للنهب، وفُقد أثرها بينها 16 ألف قطعة من متحف بغداد خلال اجتياح قوات دولية بقيادة الولايات المتحدة عام 2003.

كما يعاني العراق من نبش الآثار من قبل عصابات منظمة تقوم بتهريبها خارج البلاد، مستفيدين من تراخي سلطة الدولة جراء الأوضاع الأمنية غير المستقرة.

وكان الباحث العراقي في الآثار علي النشمي قد أرجع في 23 أغسطس/ آب في حديث لـ"العربي"، عمليات تهريب الأثار إلى الانفلات الأمني وضعف الدولة العراقية، بالإضافة إلى الفساد المستشري، ناهيك عن وجود مافيا تسرق الآثار وتهربها للخارج.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close