الخميس 19 Sep / September 2024

تشابه مع الأبرتهايد في جنوب إفريقيا.. جون دوغارد يفند انتهاكات إسرائيل

تشابه مع الأبرتهايد في جنوب إفريقيا.. جون دوغارد يفند انتهاكات إسرائيل

شارك القصة

جون دوغارد يتحدث لبرنامج "وفي رواية أخرى" عن ممارسات إسرائيل العنصرية تجاه الفلسطينيين ويتطرق إلى صمت المجتمع الدولي وعدم محاسبتها (الصورة: غيتي)
يتطرق جون دوغارد إلى أوجه الشبه والاختلاف بين ممارسات إسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ويناقش سبب صمت المجتمع الدولي إزاء انتهاكاتها.

في الجزء الثاني من سلسلة الحلقات التي تستضيفه ضمن برنامج "وفي رواية أخرى"، واصل المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة جون دوغارد سرد محطات هامة طبعت عمله الدبلوماسي.

وفي هذه الحلقة من البرنامج الذي يقدمه الزميل بدر الدين الصائغ، تطرق دوغارد إلى ممارسات إسرائيل العنصرية تجاه الفلسطينيين، فضلًا عن أوجه الشبه والاختلاف بين ممارسات تل أبيب وتلك التي نفذها نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

دوغارد تحدث كذلك عن أسباب عدم محاسبة إسرائيل وصمت المجتمع الدولي وانحياز الغرب.

وعن أوجه التشابه بين ممارسات إسرائيل ونظام الفصل العنصري الذي كان سائدًا في جنوب إفريقيا حتى عام 1990، يرى المسؤول الأممي السابق أنها مثيرة وخاصة في الهيكل القانوني.

ممارسات إسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا

دوغارد تحدث في الوقت ذاته عن فارق كبير بين النظامين، لافتًا إلى أنه في حالة جنوب إفريقيا سُنت القوانين من خلال برلمان من البيض بالكامل، لكنها كانت قوانين عامة وكانت متاحة للجميع ليطلعوا عليها في كتاب النظام الأساسي، وكانت باللغة الإنكليزية والإفريقية، ولذلك كان مجتمع جنوب إفريقيا يعرف تمامًا ماهية القانون بحسب دوغارد.

أما في حالة النظام الإسرائيلي، فيوضح أنه "يمكن العثور على معظم القوانين في المراسيم العسكرية التي غالبًا ما تُنشر باللغة العبرية فقط، لذا فهي ليست واضحة تمامًا كما كان نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا".

وشدد دوغارد على وجود النوع ذاته من القيود بين النظامين على غرار حرية التنقل التي شكلت إحدى أسوأ خصائص الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وكانت تُعرف باسم "قوانين المرور"، موضحًا أن الأفارقة السود اضطروا في حينه إلى حمل تصاريح أو تراخيص تسمح لهم بالتواجد في مدن البيض تحت طائلة اعتقالهم.

جون دوغارد ضمن وفد أممي يجول في غزة في فبراير 2001
جون دوغارد ضمن وفد أممي يجول في غزة في فبراير 2001 - غيتي

وبحسب دوغارد ففي الأراضي الفلسطينية المحتلة قانون مشابه بحيث يحتاج الفلسطينيون إلى تصاريح للانتقال من منطقة إلى أخرى، مؤكدًا أن في جنوب إفريقيا لم يكن هناك نقاط تفتيش كتلك التي يعتمدها الإسرائيليون.

وقال: "كان هناك تصرف مهين للغاية بشأن تصاريح المرور في جنوب إفريقيا، إلا أنني وبعدما رأيت نقاط التفتيش الموجودة في فلسطين، أدركت أن الشعب الفلسطيني يتعرض للنوع ذاته من الإذلال".

وجه آخر للتشابه تحدث عنه دوغارد يتمثل في النقل القسري، ففي جنوب إفريقيا ومن أجل بناء مجتمع على أسس عرقية كان لا بد من نقل السود من مناطق البيض، والعملية ذاتها تجري في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وغزة بحسب المسؤول الأممي الأسبق.

فصل الطرق

ويشرح أن أهالي غزة لا مكان يذهبون إليه، وعندما تعرض القطاع لهجوم إسرائيلي نزح الآلاف واضطروا للبحث عن مكان آمن في غزة نفسها، وفي الضفة اضطر الأهالي للانتقال بسبب بناء المستوطنات والجدار الفاصل.

ويروي أن أمرًا حدث في فلسطين ولم يحدث في جنوب إفريقيا قط، وهو فصل الطرق، موضحًا أن في فلسطين طرق منفصلة، ذات نوعية جيدة للمستوطنين وسيئة للفلسطينيين، أما في جنوب إفريقيا فلم يكن هناك فصل للطرق في نظام الفصل العنصري بحسب دوغارد.

دوغارد الذي أكد وجود تشابه بين ممارسات إسرائيل ونظام الفصل العنصري سابقًا في جنوب إفريقيا، شدد على أن الفصل العنصري الإسرائيلي في احتلال فلسطين أسوأ بكثير من النواحي من ذلك الذي كان موجودًا في جنوب إفريقيا.

أما لناحية القمع في النظامين، فرأى المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية أن الوضع متشابه جدًا.

معابر إسرائيلية يجبر الفلسطينيون على المرور بها
معابر إسرائيلية يجبر الفلسطينيون على المرور بها

وردًا على سؤال حول الوحشية التي ينتهجها النظامان، يجيب دوغارد: "كانت شرطة الأمن في جنوب إفريقيا وحشية بشكل خاص، والأشخاص الذين كانوا يُحتجزون لأسباب سياسية كان يتم استجوابهم وسجنهم لفترات طويلة، والكثير توفوا أثناء الاعتقال والاستجواب".

ويضيف: "الشرطة الإسرائيلية لا تختلف عن شرطة الأمن في جنوب إفريقيا أيام الفصل العنصري، ففي عام 1999 وضعت المحكمة العليا في إسرائيل بعض القيود على الاستجواب الذي يتضمن وحشية جسدية، لكنها سمحت باستخدام بعض الأساليب التي يمكن اعتبارها تعذيبًا".

وحشية تجاه غزة

وأكد أن إسرائيل تمارس الوحشية على الشعب الفلسطيني، لكنه رأى أن الوحشية الأكبر تحدث في الهجمات على قطاع غزة التي تُشن لأسباب مختلفة، متحدثًا عن استخدام غير متناسب للقوة.

وقال: "إذا نظرنا إلى الإحصائيات وعدد المدنيين الذين قتلوا، سنجد أنه رقم هائل، وهذا لم يحدث في جنوب إفريقيا التي لم يقصف جيشها مناطق السود بنفس طريقة قصف الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة".

ولفت إلى أن الإسرائيليين يعتبرون أنفسهم متفوقين وأن حياة الفلسطينيين ليست بذات القدر من الأهمية.

وعما إذا كان يمكن وصف الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والنظام الذي يفرضه الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين في الضفة بأنه "نظام فصل عنصري"، يقول جون دوغارد: "من الأسهل بكثير وصف الوضع في الضفة والقدس الشرقية بأنه فصل عنصري بسبب وجود مجتمعين إثنين، الأول مجتمع المستوطنين الإسرائيليين الذين يقدر عددهم بـ700 ألف نسمة ومجتمع الفلسطينيين المحليين في الضفة والقدس".

شنت إسرائيل حروبًا عدة على غزة أودت بحياة مدنيين
شنت إسرائيل حروبًا عدة على غزة أودت بحياة مدنيين - غيتي

ويضيف: "من الواضح أن المستوطنين يُمنحون الامتيازات التي يحرم منها الفلسطينيون وهذا دليل على عدم المساواة بين الفلسطينيين والمستوطنين".

ويتابع: "بحسب تعريف روما للفصل العنصري، من الواضح أن إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري، وهذه مسألة أحيلت إلى المحكمة الجنائية الدولية".

ماذا يقول جون دوغارد عن عمله في الأراضي المحتلة؟

وعن عمله كمقرر الأمم المتحدة في الأراضي المحتلة، يشرح دوغارد أنه تولى المنصب لسبع سنوات حيث سمحت له إسرائيل بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدًا أنه كان يتنقل بحرية في الضفة والقدس وقطاع غزة.

وشرح أنه نفذ مهمة لتقصي الحقائق بعد عملية "الرصاص المصبوب" في قطاع غزة عام  2009، حيث تعرّف على فلسطين جيدًا، مشيرًا إلى أن مهمته الرئيسية كانت الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان.

وأشار إلى أن تقريره ركز على قضايا حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، حيث كان يهتم بملف القيود على حرية التنقل وعدم المساواة أمام القانون، والتعذيب، مؤكدًا أنه قدم تلك التقارير بالطريقة ذاتها التي اتبعها في جنوب إفريقيا.

ويقول دوغارد إنه خلص إلى أن إسرائيل كانت تنتهك العديد من المبادئ المهمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، شارحًا أنه كان يقدم تلك التقارير لمجلس حقوق الإنسان مرتين خلال العام، ومرة واحدة في السنة للجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويضيف: "تم تلقي تقارري بشكل جيد إلى حد ما باستثناء إسرائيل والولايات المتحدة، ومن المثير للاهتمام أنني عندما كنت أقدم التقارير كانت واشنطن أكثر عدائية تجاهي من إسرائيل".

وعن عدم التزام إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة، يرى جون دوغارد أن الدول الغربية والولايات المتحدة لا تطبق القانون الدولي في حالة إسرائيل، مشددًا على أن جنوب إفريقيا لم تكن محمية بذات الطريقة أيام الفصل العنصري.

ويلفت إلى أن الغرب يمنح إسرائيل رخصة لا تتمتع بها دولة أخرى، مشيرًا إلى أن من يتكلم بهذا الأمر يُتهم بمعاداة السامية، ولا يمكن لأي سياسي غربي تحمل هذا الاتهام لأن مسيرته ستنتهي.

ويتساءل عن "أسباب استنكار الغرب بقوة لضم شبه جزيرة القرم ودونيتسك من قبل روسيا بينما يتسامح مع ضم إسرائيل للقدس الشرقية".

ازدواجية معايير

وحول ازدواجية المعايير أيضًا، يلفت دوغارد إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تأخذ الصراع في أوكرانيا على محمل الجد لكنها تتجاهل الصراع في فلسطين على حد تعبيره.

ويتحدث عن اتهامه بمعاداة السامية من قبل منظمات إسرائيلية غير حكومية مثل "رابطة مكافحة التشهير"، مشيرًا إلى معاناته على الصعيد المهني لدعمه القضية الفلسطينية.

دوغارد يروي أنه تحدث في إحدى المرات إلى مستشار الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي حيث قال له إن المسؤولين يتعاطفون مع إسرائيل، لكن الإبراهيمي ظل صامتًا ومن ثم بدأ يضحك وقال له: "هذه واحدة من المسلمات في منظومة الأمم المتحدة، عليك التعايش معها بدل التذمر بشأنها، أنت محق تمامًا بلا شك".

ووجه المسؤول الأممي الجنوب إفريقي انتقاده للجمعية العامة للأمم المتحدة لأنها تدين إسرائيل وتدعوها لوقف بناء المستوطنات، إلا أنها لا تفرض ذلك عليها، معتبرًا أن هذا الأمر غير مقبول.

ويخلص جون دوغارد إلى أنه توصل إلى استنتاج مفاده أن بعض كبار المسؤولين في الأمم المتحدة يقومون بعمل يخدم إسرائيل بشكل واضح.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close