الإثنين 2 Sep / September 2024

دخان حرائق كندا يصل أميركا.. تلوّث الهواء خطر روتيني في بلدان العالم

دخان حرائق كندا يصل أميركا.. تلوّث الهواء خطر روتيني في بلدان العالم

شارك القصة

تقرير عن دخان الحرائق في كندا ووصوله إلى مدينة نيويورك (الصورة: أسوشييتد برس)
يتنفّس العالم بأسره تقريبًا هواء يتجاوز حدود "جودة الهواء" الصادر عن منظمة الصحة العالمية

انتشر الدخان الناتج عن حرائق الغابات الكندية في مدينة نيويورك وعبر شمال شرق الولايات المتحدة هذا الأسبوع. ولكن بالنسبة لجزء كبير من دول العالم، يُعتبر تنفّس الهواء الملوّث الخطير حقيقة لا مفر منها.

ويتنفّس العالم بأسره تقريبًا هواء يتجاوز حدود "جودة الهواء" الصادر عن منظمة الصحة العالمية على الأقل في بعض الأحيان. ويزداد الخطر سوءًا عندما يكون هذا الهواء الملوّث أكثر ثباتًا من الذي يضرب الولايات المتحدة، وخاصة في الدول النامية أو الصناعية الحديثة.

وذكرت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة أنّ هذه الدول سجّلت عام 2019، معظم الوفيات نتيجة تلوث الهواء في الهواء الطلق، والبالغ عددها 4.2 مليون شخص.

وقالت بهافرين كانداري، المؤسسة المشاركة لمنظمة "وورير مومز" (Warrior Moms) في الهند، وهي شبكة من الأمهات اللواتي يضغطن من أجل الهواء النظيف والعمل المناخي، لوكالة أسوشييتد برس: "ما نراه في الولايات المتحدة يجب أن يدفعنا للتحرّك جميعًا".

بدوره، قال جيريمي سارنات، أستاذ الصحة البيئية في كلية رولينز للصحة العامة بجامعة إيموري: "هذه حلقة شديدة من تلوث الهواء في الولايات المتحدة، لكنها نموذجية إلى حد ما لما يختبره الملايين والملايين من الأشخاص في أجزاء أخرى من العالم".

والعام الماضي، ذكرت منظمة "جودة الهواء" (IQAir)، التي تجمع القراءات من محطات مراقبة مستوى الأرض في جميع أنحاء العالم، أنّ تسع من المدن العشر التي لديها أعلى متوسط ​​سنوي للجسيمات الدقيقة، تقع في آسيا، بما في ذلك ست مدن في الهند.

وتُشير الجسيمات الدقيقة، التي يشار إليها أحيانًا باسم "PM 2.5"، إلى جزيئات أو قطرات محمولة في الهواء تبلغ 2.5 ميكرون أو أقل.

وهذا أصغر بكثير من شعرة الإنسان، ويمكن أن تصل الجزيئات إلى عمق الرئتين لتسبّب تهيج العين والأنف والحنجرة والرئة، وحتى التأثير على وظائف القلب.

أسوأ هواء في الهند

العام الماضي، سجّلت لاهور أعلى متوسط ​​تركيز للجسيمات الدقيقة في العالم، بحوالي 100 ميكروغرام لكل متر مكعب من الهواء.

سجّلت لاهور أعلى متوسط تركيز للجسيمات الدقيقة في العالم العام الماضي
سجّلت لاهور أعلى متوسط تركيز للجسيمات الدقيقة في العالم العام الماضي- اسوشييتد برس

وعادة ما تتصدّر نيودلهي، المدينة الصاخبة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 20 مليون نسمة، قائمة العديد من المدن الهندية التي يلهث سكانها لالتقاط أنفاسهم، حيث يحوّل الضباب سماء العاصمة إلى اللون الرمادي ويحجب المباني والآثار.

ويزداد الأمر سوءًا في الخريف، عندما يتزامن حرق مخلفات المحاصيل في الدول المجاورة مع درجات حرارة أكثر برودة تحبس الدخان المميت فوق المدينة لأسابيع أحيانًا.

وتُضيف انبعاثات المركبات والألعاب النارية خلال مهرجان ديوالي الهندوسي، مزيدًا من الغموض، وتؤدي إلى السعال، والصداع، وتأخير الرحلات الجوية، والازدحام على الطرق السريعة. كما تطلب الحكومة أحيانًا من السكان العمل من المنزل، والدراسة عن بعد، بينما تستخدم العائلات القادرة على تحمل نفقات الكهرباء، إلى أجهزة تنقية الهواء.

ولا تزال نيودلهي تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث تلوّث الهواء، وفقًا للبيانات اليومية الصادرة عن معظم منظمات مراقبة جودة الهواء.

البلدان الإفريقية

وتُصارع العديد من البلدان الأفريقية في الصحراء الكبرى بانتظام، الهواء الملوّث بسبب العواصف الرملية.

ويوم الخميس، صنّفت منظمة "AccuWeather" مصر والسنغال باللون الأرجواني نظرًا لنوعية الهواء الخطرة. وهو التصنيف ذاته الذي مُنح لنيويورك وواشنطن العاصمة هذا الأسبوع.

وعانت السنغال من الهواء الملوّث لسنوات. وقال الدكتور عليو با، أحد كبار النشطاء في منظمة السلام الأخضر الأفريقي ومقره في العاصمة دكار، إنّ الوضع سيئ بشكل خاص في شرق السنغال حيث أن التصحّر يحمل جزيئات إلى المنطقة.

وأضاف با أنّ التلوث يزداد سوءًا مع ارتفاع استخدام السيارات التي تحرق وقودًا منخفض الجودة.

قوانين بيئية ضعيفة

في الولايات المتحدة، أدى إقرار قانون الهواء النظيف عام 1970، إلى تخفيض عدد المدن المليئة بالضباب الدخاني، من خلال وضع قيود على معظم مصادر تلوّث الهواء، مثل السخام والضباب الدخاني والزئبق والمواد الكيميائية السامة الأخرى.

لكن العديد من الدول النامية والصناعية الحديثة سنّت قوانين بيئية ضعيفة أو لم تلتزم بتنفيذ هذه القوانين، بينما تعاني من تلوّث الهواء المتزايد لأسباب أخرى أيضًا، بما في ذلك الاعتماد على الفحم، وانخفاض معايير انبعاثات المركبات، وحرق الوقود الصلب للطهي والتدفئة.

أما في جاكرتا عاصمة إندونيسيا، رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، تُمثّل محطات الطاقة وانبعاثات المركبات جزءًا كبيرًا من التلوّث، ناهيك عن أنّ جاكرتا واحدة من أكبر الدول المنتجة للفحم في العالم.

تُمثّل محطات الطاقة وانبعاثات المركبات في جاكرتا جزءًا كبيرًا من التلوّث
تُمثّل محطات الطاقة وانبعاثات المركبات في جاكرتا جزءًا كبيرًا من التلوّث- اسوشييتد برس

عام 2021، قضت محكمة إندونيسية بأنّ القادة قد أهملوا حقوق المواطنين في تنقية الهواء وأمرتهم بتحسينها.

تحسّن ملحوظ في الصين

وشهدت الصين تحسنًا في تلوّث الهواء، بعد أن كان الضباب يغطي الشوارع والأبراج، ويؤدي إلى تحويل الرحلات الجوية، وإرسال كبار السن والشباب إلى المستشفيات لوضعهم على أجهزة التنفس الصناعي.

وعندما كان الهواء في أسوأ حالاته، قامت المدارس بتركيب أغطية قابلة للنفخ فوق الملاعب الرياضية، ونشرت آلات لتنقية الهواء في كل مكان. وجرى إغلاق أو نقل الصناعات الثقيلة خارج بكين والمناطق المجاورة، وسحب السيارات القديمة من الاستخدام، واستبدال العديد منها بمركبات كهربائية.

ورغم أن الصين لا تزال أكبر منتج ومستهلك للفحم في العالم، إلا أنّه لا يتم استهلاك أي منها تقريبًا محليًا.

وانخفض معدل تلوّث الهواء في بكين عام 2013 من 89.5 إلى 58 عام 2017، وحوالي 30 الآن. ولا تزال مدينة هوتان، المدينة الصينية الوحيدة، ضمن قائمة المدن العشر الأوائل لأسوأ هواء.

9 آلاف وفاة في مكسيكو سيتي سنويًا

كانت مكسيكو سيتي، التي تحيط بها الجبال التي تحبس الهواء السيء، واحدة من أكثر المدن تلوثًا في العالم حتى التسعينيات، عندما بدأت الحكومة الحد من عدد السيارات في الشوارع.

وانخفضت مستويات التلوث، لكن سكان المدينة البالغ عددهم 9 ملايين نسمة، نادرًا ما يشهدون مستويات تلوّث هواء "مقبولة".

وأفاد المعهد الوطني للصحة العامة بأنّ تلوث الهواء يتسبّب في وفاة حوالي 9 آلاف شخص سنويًا في مكسيكو سيتي. وعادة ما يكون الوضع أسوأ في الشتاء الجاف وأوائل الربيع، عندما يحرق المزارعون حقولهم استعدادًا للزراعة.

لم تُصدر السلطات تقرير "جودة الهواء" للعام بأكمله منذ عام 2020 ، ولكن في ذلك العام شهدت مكسيكو سيتي جودة هواء غير مقبولة خلال 262 يومًا، أو 72% من أيام السنة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أسوشييتد برس
تغطية خاصة
Close